كرس المحاصصة أم اعتمد الخبرة والكفاءة.. لماذا أثارت تعيينات الكاظمي غضب خصومه؟

الكاظمي: لو كانت المحاصصة حاضرة في التغييرات لما رفضتها قوى سياسية (مكتبه الإعلامي)
الكاظمي رأى أن القوى السياسية لن ترفض التغييرات لو كانت المحاصصة حاضرة فيها (المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء العراقية)

أثارت تغييرات رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الأخيرة لعدد من الهيئات المستقلة والمناصب العليا في الدولة، ردود فعل متباينة على الصعيد السياسي بين مؤيد ومعارض، فسرعان ما أعلنت كتل سياسية براءتها من تلك التغييرات، وعدّتها خيبة أمل ورأتها محاصصة.

والمحاصصة عنصر أساسي في النظام السياسي العراقي بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، ويتجلى دورها في حالات الاستقطاب السياسي أو الطائفي أو القومي للمناصب الحكومية العليا، من خلال إسنادها على أساس حزبي.

التغييرات التي أجراها الكاظمي أثارت ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض (خاصة)
الكناني رأى أن تغييرات الكاظمي تكريس للمحاصصة الطائفية والحزبية (الجزيرة)

تكرار الوجوه

عزا المحلل السياسي حسين الكناني رفض معظم الكتل السياسية لهذه التغييرات إلى أن حكومة الكاظمي جاءت بأشخاص أقيلوا بوقت سابق من ذات المناصب، التي أعيدوا إليها اليوم.

ونوه الكناني خلال حديثه للجزيرة نت إلى أنه "بمجرد ملاحظة التغييرات الأخيرة نجدها تكريسا لمبدأ المحاصصة الطائفية والحزبية، التي كانت السبب وراء تراجع الأداء الحكومي".

ورأى أن "هذه التغييرات جاءت بعد أيام قلائل من بيان المرجعية الشيعية في العراق، التي طالبت بمحاربة الفساد وتقديم الكبار منهم إلى القضاء؛ لينالوا جزائهم العادل".

وسبق للكتل المعترضة على التغييرات التي أجراها الكاظمي في مناصب عليا بالدولة، أن فوضته ومنحته الضوء الأخضر لاختيار من يراهم مناسبين في حكومته، بحسب النائب عن تحالف عراقيون علي بديري.

ولفت بديري خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن "الكاظمي سيكون المسؤول الأول أمام الكتل السياسية والبرلمان والشعب العراقي بحال نجاح أو إخفاق من كلفهم مؤخرا بإدارة هيئات ومناصب مختلفة في الدولة".

وأوضح أن "المناصب التي استبدل مدراءها بآخرين تم تكليفهم لإدارة المنصب وكالة، وليس أصالة"، مؤكدا أن "التعيين أصالة، يحتاج لموافقة مجلس النواب أما الوكالة فهي من صلاحية الحكومة".

وفي المقابل عد بهاء الأعرجي نائب رئيس الوزراء السابق أنه إذا كانت بعض تغييرات الكاظمي محبِطة كما وصفتها بعض الشخصيات، فإن ردود أفعال الكتل السياسية تعكس مدى النفاق السياسي؛ كونهم يطالبون بها في السر بقوة، ويرفضونها في العلن.

رد الكاظمي

وتعليقا على هذه الانتقادات حاول الكاظمي قطع الطريق على المتصيدين بالماء العكر وفقا لمراقبين، عندما أشار إلى أن تغييراته الأخيرة لو بنيت على أساس المحاصصة، لما اعترضت عليه معظم القوى السياسية في البلاد.

وقال الكاظمي خلال جلسة لمجلس الوزراء مساء أمس إن "مواقف بعض الكتل السياسية بهذا الشأن يجب أن تقترن بمعلومات محددة؛ ليتم التعامل معها من قبلنا بجدية"، متسائلا إذا كانت القوى أعلنت براءتها من هذه التغييرات -الضرورية والقانونية- فكيف تنعتها بأنها تغييرات محاصصة حزبية؟.

وعن الجدل الدائر حول هذه التغييرات، أكد أحمد ملا طلال المتحدث باسم رئيس الوزراء خلال مؤتمر صحفي أن هذه التغييرات جرت ضمن سياق قانوني وإداري، موضحا أن رئيس الوزراء قدر عاليا ردود أفعال القوى السياسية الرافضة للمحاصصة.

وعن توقيت هذا الإجراء، بيّن ملا طلال، أن "التغييرات التي حلت بهذه المناصب جاءت بسبب مضي المدة المقررة لشاغليها السابقين، وأن اختيار البدلاء جاء من رحم المؤسسات نفسها، وأسندت لأشخاص يتسمون بالكفاءة والخبرة".

موقف البرلمان

وبغض النظر عن قبول بعض الأسماء من عدمه بالنسبة للقوى السياسية، إلا أن اللجنة القانونية في مجلس النواب رأت في أوامر التعيين بالوكالة التي أصدرها الكاظمي مؤخرا مخالفة دستورية.

وحصلت الجزيرة نت، على نسخة من وثيقة صادرة عن اللجنة النيابية، تضمنت إناطة صلاحية التعيين في المناصب العليا والخاصة، بمجلس النواب حصرا.

وجاء في الوثيقة أيضا أن "صلاحيات التوصية بالتعيين في هذه المناصب تختصر بمجلس الوزراء حصرا وليس لرئيس الوزراء، بالإضافة إلى أن صلاحية التعيين فيها لمجلس النواب حصرا أيضا بعد اقتراح من مجلس الوزراء".

ودعت اللجنة القانونية النيابية الكاظمي إلى "تصويب مثل هذه القرارات وفق أحكام الدستور والنظام الداخلي والتشريعات النافذة، وعدم تجاوز أحكام الدستور عند إصدار الأوامر الحكومية".

يشار إلى أن تغييرات الكاظمي شملت 15 منصبا رفيعا، من بينها تعيين سامي المسعودي -القيادي في الحشد الشعبي والنائب السابق لرئيس ديوان الوقف الشيعي- رئيسا لهيئة الحج والعمرة، وتعيين وزير الدفاع السابق خالد العبيدي بمنصب وكيل العمليات في جهاز الاستخبارات، وفالح العيساوي وكيلا لرئيس جهاز الأمن الوطني.

وشملت التعديلات أيضا شخصيات غير معروفة، من بينها مصطفى غالب الكتاب لرئاسة البنك المركزي العراقي، كما عيّنت مستشارة الكاظمي لشؤون الاستثمار سهى النجار رئيسة للهيئة الوطنية للاستثمار، ومنهل الحبوبي لأمانة بغداد، وسالم الجلبي لرئاسة المصرف العراقي للتجارة، والقاضي علاء جواد رئيسا لهيئة النزاهة.

المصدر : الجزيرة