مستشفيات بيروت.. ملاذ المصابين تحتاج من يداويها

Protective gloves are scattered at a damaged hospital following Tuesday's blast in Beirut
دمار هائل لحق ببعض مستشفيات بيروت (رويترز)

بضعة موظفين يقفون أمام مستشفى راهبات الوردية في منطقة الجميزة ببيروت، يخبرون أن مسؤولاً حكومياً لم يزر المشفى الذي أصبح خارج الخدمة تماماً لحظة التفجير، رغم مضي يومين كاملين.

تجلس رئيسة الممرضات كلوتيد عجميان المُصابة بجروح في ساقها على كرسي أمام المشفى الذي تحول إلى مبنى مهجور، ترحب بطواقم شباب متطوعين قدموا لتنظيف المكان، وتصف لهم بأن مشفى كاملاً لم يعد موجوداً.

وتابعت "كان أمامنا وقت قصير جداً لتحويل المرضى الموجودين في المشفى إلى مستشفيات أخرى، لم تتضرر، وبعضهم إلى منازلهم بينهم وليدة لم تتجاوز ساعة من عمرها اضطررنا إلى إخراجها مع والدتها، الحمد لله لم يُصب المرضى بأذى، لكننا فقدنا إحدى زميلاتنا الممرضات، وأخرى ما تزال تعاني نزيفاً في الدماغ، وآخرون أصيبوا بجروح طفيفة".

ويخيم الظلام على ممرات وغرف المستشفى التي تساقطت أسقفها، وتحطمت نوافذها، وأصبحت غير صالحة للاستشفاء، حالها حال مستشفيين آخرين، هما "سان جورج وجعيتاوي" بحسب نقيب أصحاب المستشفيات في لبنان سليمان هارون.

A woman pushes a wheelchair at a damaged hospital following Tuesday's blast in Beirut
مستشفيات خرجت عن الخدمة (رويترز)

هارون قال للجزيرة نت: إن هذه المستشفيات الثلاثة تدمرت تدميراً داخلياً كاملاً، وهناك مشاف أخرى تضررت ولكنها ما تزال تعمل.

ويضيف أن أربع ممرضات من مشفى الروم وخامسة من مشفى الوردية قضين في التفجير.

ولعل المستشفيات في لبنان، قبل الكارثة التي حلت ببيروت، كانت محور أحاديث معظم اللبنانيين في ظل أزمة تفشي وباء كورونا، ولطالما اشتكى المواطنون وإدارات المستشفيات في آن معاً من الضعف الذي يطال القطاع الصحي في بلد انهار اقتصادياً ومعيشياً وصحياً وعلى مستويات عدة خلال الشهور الأخيرة.

يقول نقيب المستشفيات: إن الكوادر الطبية بالكامل نزلت إلى المشافي لتحقيق استجابة سريعة في إسعاف المصابين جراء التفجير، وقطعت الإجازات، واستنفرت الطواقم الطبية، إلا أننا استنفدنا كافة المخزون الطبي الفقير أساساً، مما يجعلنا بحاجة ماسة للمساعدات من الدول الأخرى.

وعلى ما يبدو، فإن أزمة متجذرة لأبعد من وقت الكارثة حمّلت المشافي في بيروت وما حولها فوق طاقتها، أوضحت ذلك الفيديوهات التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 

أن تستقبل عشرات المستشفيات نحو 6 آلاف جريح في يومين أمر غير عادي بالطبع، لا سيما وأن هذه الحالات جميعها بحاجة إلى غرف طوارئ وعنايات فائقة، لا تتوفر سوى في مستشفيات ميدانية تعد في حالة الحروب "فكيف لمشاف معدة أن تستقبل مئات حالات الطوارئ، والتعامل مع الآلاف منها في وقت واحد" بهذه الكلمات علل الأستاذ الجامعي د. خالد العزي حالة الإرباك التي اعترت مستشفيات بيروت بعد وقوع ما وصفه "بالزلزال".

 

غير أن العزي لم يخف -في حديثه للجزيرة نت- وجود مشكلة كبيرة تعاني منها المشافي الخاصة، مشيراً إلى أن "الدولة لم تهتم مسبقاً رغم اجتياح وباء كورونا البلد بتغطية نفقات الجسم الطبي، ومساعدته على تحصين نفسه في ظل الانهيار المتسارع للاقتصاد، مما اضطر المشافي إلى تسريح عدد كبير من كوادرها وكان آخرها مشفى الجامعة الأمريكية الذي اضطر إلى التخلي عن نحو 850 موظفاً نتيجة العجز المالي".

People wearing face masks move a gurney at a damaged hospital following Tuesday's blast in Beirut
خمس ممرضات قضين في تفجير مرفأ بيروت (رويترز)

وأضاف أن المشافي الخاصة لم تستطع الفترة السابقة تأمين مستلزماتها وشرائها من خارج البلد بالدولار نتيجة أزمة البنوك، والدولة لم تستطع تأمين هذه المستلزمات أيضاً، وهذا تفسير للمشهد الذي رأيناه بعد الكارثة، بحسب العزي، الذي حمّل الحكومة مسؤولية "فشل وعجز ألم بكل مؤسسات الدولة، بسبب طبقة سياسية مهتمة بالتقسيم والمحاصصات" مستشهداً بوصف وزير الخارجية المستقيل ناصيف حتي أن "لبنان بات دولة فاشلة".

والحال هذه، تتجه أنظار اللبنانيين نحو مساعدات من دول مانحة، قد تنقذهم وأرواحهم من مرحلة أصعب، من المتوقع أن يمروا بها، وسط حالة من عدم الثقة بالطبقة الحاكمة، إذا ما تلقت هذه المساعدات.