من السر إلى العلن.. تعاون أمني يشهر صفقات الأسلحة والاستثمارات العسكرية بين إسرائيل والإمارات

منظومات دفاعية لاعتراض الصواريخ طوّرتها إسرائيل وبيعت للإمارات (الجزيرة)

على مدار سنوات طويلة نسجت علاقات سرية بين شركات إسرائيلية -مختصة بصناعة الأسلحة والتكنولوجيا، وشبكات الاتصال وأنظمة التحكم "السايبر"- ودولة الإمارات، وهي العلاقات التي مهّدت للتعاون الاستخباراتي والعسكري والأمني بين البلدين، وتوج في أغسطس/آب 2020 بالتطبيع الإسرائيلي الإماراتي برعاية أميركية.

وتحت طائلة من السرية لعقدين من الزمن، قامت شركات الدفاع والصناعات الأمنية الإسرائيلية الخاضعة لإشراف وزارة الدفاع ببيع أنظمة أسلحة متطورة للإمارات بإجمالي صفقات تقدر بمئات ملايين الدولارات سنويا.

ولعل أبرز الشركات الإسرائيلية التي عملت بالسر مع أبو ظبي هي أنظمة "رافائيل" الدفاعية المتقدمة المحدودة، والصناعات الجوية والعسكرية الإسرائيلية، وشركة "إلبيت" التي تعمل على تطوير وتصنيع نظم إلكترونية للأسلحة المتطورة.

وسيسمح التطبيع وفتح الاتصال المباشر بين تل أبيب وأبو ظبي بتوسيع حقيقي في المعاملات التجارية الأمنية والعسكرية، مثل مجال الطائرات دون طيار، وأنظمة الدفاع الصاروخي والأنظمة الدفاعية الأخرى التي تم تصديرها بالفعل إلى دول حول العالم تعتبر إسرائيل "صديقة".

مجال آخر سيشهد انتعاشا هو تخصص إسرائيل في تحديث وتحسين أنظمة أسلحة قائمة وتنشط منذ سنوات في خدمة الدول، ومعظمها أسلحة أميركية، بما في ذلك الدبابات، ومقاتلات إف 16.

ويقدر مصدر أمني إسرائيلي أن هذا المجال سيوفر على الإمارات ودول الخليج الأخرى نفقات ضخمة لشراء أنظمة أسلحة جديدة.

طائرات إسرائيلية مسيرة بيعت للإمارات ضمن صفقات تقدر بمئات ملايين الدولارات سنويا (الجزيرة)

تعاون وثيق
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، هناك نشاط كبير للعلاقات التجارية بين الشركات والصناعات العسكرية والأمنية الإسرائيلية والإمارات، بمشاركة وزارة الدفاع كعامل محفز وكهيئة رقابية.

عادة ما تظل هذه العلاقات سرية، لكن إعلانا مفاجئا قبل أسابيع للتعاون المشترك بين إسرائيل والإمارات لتطوير تقنيات لمكافحة فيروس كورونا، ألقى بعض الضوء على هذا التعاون الوثيق والسري بين البلدين والذي قدر بنحو مليار دولار بالسنوات الأخيرة.

وكشفت دراسة لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية النقاب عن تضاعف حجم التجارة السرية بين إسرائيل والدول العربية خاصة الإمارات.

وأوضحت الصحيفة أنه من الصعب تحديد حجم هذه التجارة لأن تل أبيب تستخدم دولا وسيطة للتصدير إلى دول عربية وخليجية، وذكرت أن هناك تقديرات تشير إلى أنه يبلغ (نحو 400 مليون دولار سنويا).

صناعة التكنولوجيا
من جانبه، يعتقد الباحث في المركز متعدد التخصصات في هرتسليا الدكتور يوسي مان، أن أبرز القطاعات التي ستنتعش بإسرائيل جراء التطبيع مع الإمارات يتمثل في قطاعات السياحة وصناعة الإلكترونيات والتكنولوجيا والسايبر، ويقدر بأن الملايين من السياح من دول الخليج سيصلون إلى إسرائيل.

ويقدر الباحث الإسرائيلي حجم الاستثمارات والصفقات بين الإمارات وشركات التكنولوجيا والصناعات الجوية والأسلحة الإسرائيلية بين 300 و500 مليون دولار سنويا، علما بأن مجمل التبادل التجاري بين إسرائيل والدول العربية يصل إلى 300 مليون سنويا، بحسب معطيات معهد التصدير الإسرائيلي.

وتعليقا على حجم الاستثمارات وصفقات الصناعات العسكرية مع الإمارات، قال مان إن الإمارات تعي جيدا أن إسرائيل ستوفر لها الأمن والمنظومات الدفاعية للتصدي للتهديدات الإيرانية.

وأضاف "القصة الحقيقية هي التدفق العربي إلى القدس. اسأل أي إماراتي أو سعودي ما حلمك؟ سيقول حلمي هو زيارة الأقصى، وهذا التدفق سينعش القدس واقتصادها وسياحتها، هذا عدا عن البعد السياسي كعاصمة للشعب اليهودي".

كومبو لعلمي الامارات واسرائيل
خبراء يقدرون حجم الاستثمارات والصفقات بين الإمارات وشركات التكنولوجيا والصناعات الجوية والأسلحة الإسرائيلية بملايين الدولارات سنويا (الجزيرة)

الشرعية لإسرائيل
بدورها، أوضحت الباحثة في معهد "ميتفيم" المختص بالسياسات الخارجية للشرق الأوسط وإسرائيل الدكتورة موران زاغي، أن اهتمام إسرائيل في تطبيع العلاقات مع الإمارات ينبع من رغبتها في تعزيز شرعيتها بالشرق الأوسط، في حين تتطلع أبو ظبي لتعزيز مكانتها ودورها الإقليمي، مما يعزز إمكانية انضمام مزيد من الدول العربية والخليجية "المعتدلة" للحلف الذي تقوده إسرائيل وتروج له الإمارات.

وعدا عن اكتساب إسرائيل للشرعية في الشرق الأوسط، فهناك تحديات أمنية مشتركة مع الإمارات وهي التسلح النووي الإيراني، وتهديد التنظيمات المسلحة، وهي التحديات التي ستعزز من التعاون العسكري بين البلدين وستحفز نشاط شركة الصناعات الجوية والعسكرية الإسرائيلية، وستفتح كذلك الباب للاستثمارات الإماراتية بمجال التقنية العالية "الهايتك" الإسرائيلي.

التعاون الأمني
ولعل أبرز مجالات التعاون بين الإمارات وإسرائيل التي تخرج من السر إلى العلن، وفق زاغي "هو التعاون الأمني الذي لا يوجد أي توثيق رسمي لمعالمه وحجمه ومحاوره، لكنه تمحور بالأساس حول التدريبات العسكرية المشتركة والمناورات الجوية كذلك، وصفقات أسلحة ومعدات عسكرية، ومنظومات دفاعية وطائرات مسيرة وتبادل الوفود الأمنية والعسكرية بين البلدين".

الطرح ذاته قدمه الباحث في مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة يوسي كوبرفاسر الذي شغل بالسابق رئيس وحدة البحث في الاستخبارات العسكرية "أمان".

وأوضح أن الأمور الجوهرية والمركزية بتطبيع العلاقات هي تدعيم المعسكر العربي للدول السنية المعتدلة وانضمام إسرائيل العلني لهذا المعسكر من بوابة أبو ظبي.

ولتدعيم هذا المعسكر العربي الإسرائيلي، يقول كوبرفاسر "من المرجح أن يتوقع البعض مساعدة إسرائيلية ناعمة للإمارات، على سبيل المثال في مسائل الاستخبارات والاستشارات والتكنولوجيا العسكرية، من أجل تحسين أدائها في ساحات المواجهة ضد إيران وكذلك ضد خصومها المتطرفين".

المصدر : الجزيرة