هذا حالنا منذ سنوات من نزوح إلى نزوح.. عودة السكان في ريف حلب محفوفة بالمخاطر

صورة لمقاتل في المعارضة المسلحة يرصد من خلف ساتر ترابي مواقع قوات النزام على اطراف بلدة ميزناز بريف حلب
صورة لمقاتل في المعارضة المسلحة يرصد من خلف ساتر ترابي مواقع قوات النظام على أطراف بلدة ميزناز بريف حلب (الجزيرة)

مشاهد الدمار وآثار القصف تظهر جلية في المدن والبلدات القريبة من خطوط القتال في ريف حلب الغربي، وتبدأ معها تدريجيا مظاهر الحياة، فالأهالي الذين أضناهم النزوح ما إن تنفسوا الصعداء حتى عادوا إلى مدنهم رغم المخاطر، في ظل هاجس الخوف من نزوح جديد في ظل التوتر العسكري بين قوات النظام والمعارضة المسلحة بالمنطقة.

أبو عبد الله -من مدينة الاتارب ويعمل في تجارة الخضروات- يتخوف من غياب الاستقرار حسب وصفه، ويقول "عدنا من نزوح مؤخرا، وأخاف من توسعة عملي خوفا من نزوح جديد، علاوة على الوضع الاقتصادي المتردي، فإن أبقيت عملي على حاله لا يعود بما يكفيني، وإن وسعته أخاف من خسارته كاملا إذا عادت الحرب".

صورة من سوق مدينة الاتارب يظهر فيها المتحدث ضمن التقرير ابو عبد الله يبع الخضار
أبو عبد الله يخشى خسارة محله لبيع الخضروات إذا عادت الحرب (الجزيرة)

بدوره، يعمل حسان على نقل معمل الأحذية الذي يملكه من بلدة إبزمو إلى ريف إدلب الشمالي، وهو يتخوف من خسارة المشروع الذي أفنى فيه زهرة شبابه.

ويقول حسان "تعرض معملي سابقا للقصف وخسرت جزءا من المعدات، وحاليا مع اقتراب قوات النظام واحتمال وقوع معارك قررت نقله"، مضيفا أن "المعاناة لا تنتهي هنا، فتأمين مكان للمعدات ليس بالسهل مع ارتفاع أسعار الإيجارات وتوقف العمل والمردود المادي".

النازحون والمهجرون إلى ريف حلب الغربي يعدون أكثر المتضررين، فخسارتهم منازلهم ومصادر رزقهم سابقا تزيد الصعوبات عليهم، فهذا إسماعيل نازح من مدينة حلب يقول "من نزوح إلى نزوح هذا حالنا منذ سنوات، بالنسبة لي مع توتر الوضع في المنطقة عملت على تأمين أهلي عند أقاربي على الحدود بداية، وإن عادت المعارك أنزح إلى بلدة جديدة".

احد مقاتلي المعارضة المسلحة (من مقاتلي الجبهة الوطنية للتحرير ) متوجه إلى نقاط القتال الاولى على اطراف بلدة ميزناز و يظهر في الصور تحصينات حديثة اعدتها المعارضة copy
أحد مقاتلي المعارضة في طريقه لنقاط القتال على أطراف بلدة ميزناز وتظهر تحصينات حديثة أعدتها المعارضة (الجزيرة)

تعزيزات كبيرة للنظام
يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه حدة التوتر العسكري بين المعارضة المسلحة وقوات النظام على خطوط القتال في ريفي حلب وإدلب، بعد استقدام قوات النظام والمليشيات الموالية لها تعزيزات عسكرية كبيرة.

وتركزت التعزيزات على محور الأتارب وكفر نوران في ريف حلب، بالإضافة إلى محور جبل الزاوية بريف إدلب وصولا إلى ريف اللاذقية، وهو ما قابلته المعارضة المسلحة برفع جاهزية مقاتليها على كافة المحاور، وتكثيف عمليات الرصد والاستطلاع، بالتزامن مع تحصين مواقعها وإنشاء خطوط دفاعات خلفية.

وقال قادة في المعارضة المسلحة إنهم يعدون خططا عسكرية لمواجهة تفوق النظام بالعتاد النوعي وسلاح الجو، ويقول الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير النقيب ناجي المصطفى إن قواتهم تمكنت من صد محاولات تقدم لقوات النظام في الآونة الأخيرة، وسط خروقات متعددة لهذه القوات والمليشيات الموالية لها على جبهات القتال.

بندقية لمقاتل في المعارضة المسلحة على احد ثغور القتال في الخطوط الامامية في مواجهة قوات النظام على اطراف بلدة الطلحية copy
قوات المعارضة دربت مقاتليها على تقنيات القتال الليلي (الجزيرة)

تدريب المقاتلين
وأضاف المصطفى أنه "منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار قمنا بالاستعداد في معسكراتنا لتدريب المقاتلين على تقنيات القتال الليلي وتكتيكات تمكنهم من تفادي الضربات الجوية".

وتسببت الحملة العسكرية الأخيرة التي تعرض لها ريف حلب الغربي بدمار تتفاوت نسبته من 30 إلى 60%، بالإضافة إلى أنها خلفت أكثر من نصف مليون نازح -بينهم 200 ألف طفل ممن هم دون 18 عاما- كانت وجهتهم إلى المخيمات والبلدات بريف إدلب الشمالي المحاذي للحدود السورية التركية.

وما إن توقفت المعارك باتفاق وقف إطلاق النار حتى بدأت حركة العودة إلى ريف حلب الغربي ليعود الجزء الأكبر من الأهالي، ولكن من لم يعد منهم يرى أن النظام لم يلتزم بالاتفاقات والعهود السابقة ولا الحالية، فالعودة إلى الديار محفوفة بالمخاطر.

المصدر : الجزيرة