دمج "الانتقالي" في الحكومة اليمنية.. هل يحقق ما عجز عنه اتفاق الرياض؟

المجلس الانتقالي الجنوبي يعزز سيطرته على المرافق الحكومية بعدن
المجلس الانتقالي الجنوبي حقق انتصارا بالاعتراف به كطرف شرعي في الحكومة اليمنية (الجزيرة)

أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي -المدعوم إماراتيا- تراجعه عن قرار الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية، وذلك بعد 3 أشهر من إقدامه على هذه الخطوة، في حين قالت السعودية إن الحكومة الشرعية والانتقالي اتفقا على آلية جديدة لتنفيذ اتفاق الرياض، حيث يتم تشكيل حكومة جديدة بمشاركة الانتقالي، وتعيين محافظ لعدن من قياداته.

هذه التطورات الجديدة فتحت الباب لتساؤلات المراقبين عن مدى فرص نجاح هذا الاتفاق، وإمكانية عودة الحكومة الشرعية إلى اليمن، وهل يمثل تخلي الانتقالي عن الإدارة الذاتية أيضا نهاية مشروع الانفصال الذي يطالب به؟

فرص النجاح
يبدي مستشار وزير الإعلام في الحكومة الشرعية مختار الرحبي عدم تفاؤله بنجاح الاتفاق المعلن، ويبرر ذلك بالتجارب العديدة مع المجلس الانتقالي، التي انتهت بالفشل، وأبرزها اتفاق الرياض الأساسي.

وحسب الرحبي، فقد "جرى خلال الأيام الماضية الضغط على الحكومة الشرعية من قبل التحالف لبدء تنفيذ الشق السياسي وتأجيل الشق العسكري، وذلك يعتبر جوهر المشكلة في عدن".

ويضيف الرحبي في حديثه للجزيرة نت "عدن لا تشكو من فراغ سياسي، وهناك محافظ ومؤسسات حكومية، ولكن تم تعطيلها من قبل الانتقالي، وبقي أمامنا الآن التعامل بحذر مع اتفاق كهذا، والنظر فيما إن كان سيتم سحب المليشيا، وتسليم الأسلحة، وإعادة الأموال المنهوبة، وتسليم محافظة سقطرى خلال الأيام القادمة".

وحول هذا الاتفاق، وما يمثله من انتصار سياسي للانتقالي -كما وصفه البعض- يقول مصدر حكومي مسؤول للجزيرة نت "الأمر قد يبدو كذلك إلا أنه في الوقت ذاته يعد أقرب الحلول للتعامل مع الأمر الواقع، والذي قد يسهم في وقف التوتر والصراع، وموجة العنف التي توشك على الانفجار في أغلب المحافظات الجنوبية".

ويرجع المسؤول الحكومي إمكانية نجاح الآلية الجديد للاتفاق -الذي رعته السعودية- إلى جدية الانتقالي الجنوبي في الذهاب نحو حل الأزمة خلال الأيام القادمة، بعد أن يقوم رئيس الحكومة بتوزيع الحقائب الوزارية، وفقا للتكليف الموكل إليه بقرار رئاسي.

عودة الحكومة
وبخصوص عودة الحكومة الشرعية إلى عدن، يقول المصدر الحكومي إن هذا الأمر شدد عليه اتفاق الرياض الأساسي، ولكن الاتفاق بصيغته الأخيرة لم يتطرق له، ولكن من المرجح أن يعود رئيس الحكومة إلى عدن مع الوزراء الذين سيتم تعيينهم خلال شهر من الآن، وليس أعضاء الحكومة الحالية التي أوكلت إليها مهمة تصريف الأعمال خلال هذا الفترة.

وهذا ما يؤكده أيضا ياسر اليافعي، وهو صحفي مقرب من المجلس الانتقالي، بقوله "إن عودة الحكومة التوافقية التي سيعلن عنها إلى عدن بات أمرا ممكنا، وفرص نجاحها كبيرة، للمساهمة في إدارة المحافظات المحررة وتخفيف معاناة المواطنين فيها". مشيرا إلى أن اتفاق الرياض وآلية تنفيذه الجديدة أسهما في قبول الانتقالي بعودة الحكومة إلى عدن.

ويعزز اليافعي -في حديثه للجزيرة- ما يراه البعض من أن الاتفاق قرّب الانتقالي من تحقيق غايته البعيدة، والمتمثلة في حضوره كمكون شرعي داخل الحكومة؛ فيقول "من يتحدث عن أن الاتفاق يعني تراجع المجلس عن تحقيق أهداف قضيته المتمثلة في استعادة القرار في الجنوب غير صحيح بالمطلق".

ويضيف اليافعي "المجلس الانتقالي لم يتراجع عن أهدافه المتمثلة في استعادة الدولة الجنوبية، بل بات أقرب إلى تنفيذ ذلك من خلال العمل على برنامجه السياسي من داخل الحكومة نفسها، وبآليات جديدة".

ويعتقد أن قبول الانتقالي تنفيذ اتفاق الرياض يأتي تقديرا لجهود التحالف في توحيد الجهود ومحاربة المشروع الحوثي، وتأجيل الحديث عن مستقبل الجنوب حتى الانتهاء من الحرب مع جماعة الحوثي، ومن ثم الدخول في حوار شامل يضمن مشاركة الانتقالي فيه وطرح مشروعه السياسي في هذا الحوار.

المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا يعلن الحكم الذاتي جنوب اليمن
هل يعزز دمج الانتقالي في الحكومة الشرعية مساعيه لانفصال الجنوب أم ينهيها؟ (الجزيرة)


عراقيل جديدة

يعتقد الخبير العسكري الدكتور علي الذهب أن "فرص نجاح هذا الاتفاق ضئيلة، لأن كل طرف لديه أجندة خاصة تتعارض مع أجندة الطرف الآخر".

ويرى الذهب -في حديثه للجزيرة نت- أن الاتفاق بصيغته الأخيرة يعطي المجلس الانتقالي سلطة نافذة في عدن، ويضع حياة الرئيس عبد ربه منصور هادي وأي حكومة قادمة تحت رحمة المجلس الانتقالي، وبطبيعة الحال فإن الهدف الأبعد للانتقالي هو تحقيق الانتصار، وليس المشاركة في الحكومة فحسب.

ويعتقد أن التشكيلة الحكومية الجديدة قد تفرز تحالفات سياسية جديدة تقضي على الاتفاق، وتحبط وتقوض أداء الحكومة، في الوقت الذي لا تزال فيه مسألة سقطرى تمثل العقدة في المنشار، ولا يعرف حتى الآن هل سيتم تقاسم المناصب ثم النفوذ بين الأطراف الداخلية والخارجية، أم سيتم وضع الأمور في موضع قابل للانفجار مرة أخرى.

التحيز للانتقالي
وفي الاتجاه ذاته، يقول أستاذ العلوم السياسية فيصل الحذيفي إن اتفاق الرياض تمت صياغته بهدف إدماج الانتقالي في السلطة الشرعية والحكومة، والنظر إليه باعتباره فريقا ضمن الشرعية، وليس بوصفه منقلبا عليها، وتلك هي وجهة نظر الرياض بخصوص موقع الانتقالي، الذي باتت السعودية والإمارات تتحيز له بشكل واضح، من خلال الدعم المالي والعسكري والحماية والتمكين السياسي.

وتهدف الدولتان -حسب الحذيفي- إلى أن تصبح قوات الانتقالي ذراعها العسكرية على الأرض لفرض قرارها على اليمن، وإرغام الشرعية على الاستجابة والتوقيع على أي قرارات تريدها الدولتان من الرئيس الشرعي هادي، والتلويح بالاستغناء عنه إذا شعرت بتململه تجاه ذلك.

المصدر : الجزيرة