العراق.. لماذا فشل المجتمع المدني في المعركة ضد كورونا؟

توجد في البصرة أكثر من 300 منظمة مجتمع مدني (الجزيرة)

بات غياب دور منظمات المجتمع المدني في العراق مع تفاقم جائحة كورونا أمرا ملموسا، بعد أن كان يعول على دورها في هذا الوقت العصيب وهذه المعركة الشرسة التي أطاحت بها وحجمت من نشاطها.

يقول مدير المرصد العراقي لحقوق العمال والموظفين عباس كاظم رباط إن "أداء هذه المنظمات لم يكن بمستوى الطموح في هذه الجائحة، ودورهم كان يفتقر إلى إيجاد المعالجات التي يجب أن تضعها في هذه الأزمات".

رباط رأى أن الجهات الحكومية تتحمل مسؤولية جزء من غياب دور منظمات المجتمع المدني (الجزيرة)

حلول مفقودة

وأضاف رباط -في حديث للجزيرة نت- "حملت جائحة كورونا معها قضيتين مهمتين: الأولى تتعلق بالسلامة الشخصية والثانية تتعلق بالأزمة الاقتصادية، وكان من المفترض أن تبادر منظمات المجتمع المدني في وضع الحلول والمعالجات لهذه النقاط من خلال تقديم دراسات وتقارير مختصة لتوفير الحلول للسلطات المحلية".

ونبّه إلى أن "جزءا من غياب دور منظمات المجتمع المدني تتحمله الجهات الحكومية، إذ لم تفسح المجال أمام النقابات والاتحادات والمنظمات المدنية في العمل والتعاون معهم في هذه الأزمة".

ويعتقد رباط أن "المنظمات المدنية تعيش وسط المجتمع وتدرك جميع المشاكل، وغيابها أدى إلى غياب الرؤية الصحية عند الجهات الحكومية".

توجد في محافظة البصرة جنوبي العراق أكثر من 300 منظمة مجتمع مدني مسجلة بشكل رسمي، ولكل منها اختصاصه ونشاطه الذي يعمل فيه. ويقدر عدد المنظمات التي تطوعت للعمل في جائحة كورونا بنحو 40 منظمة تقريبا، وكان لها أنشطة في مجال التوعية الصحية وتوزيع نحو 5 ملايين بوستر تثقيفي، فضلا عن مستلزمات الوقاية، كما يقول مدير إعلام صحة البصرة خالد السلامة.

وأضاف أن "هذا النشاط كان فعالا في بداية الجائحة، لكنه أخذ يتراجع تدريجيا خوفا من التعرض للإصابات واستمرار فيروس كورونا بالتفاقم".

بعض منظمات المجتمع المدني ساهمت في حملة التوعية ضد كورونا (الجزيرة)

تغييب حكومي

في المقابل، نفت زينب فاضل التميمي -وهي مسؤولة إحدى منظمات المجتمع المدني في البصرة- غياب دور هذه المنظمات، وقالت إن "مساهماتها في هذه الأزمة كانت ملموسة من خلال تقديم مساعدات للعائلات الفقيرة التي تسبب حظر التجول في قطع مصادر رزقها، كما عملنا على نشاطات توعوية ميدانية، وحاليا نتواصل في التوعية الصحية عبر وسائل التواصل الاجتماعي".

لكنها نبهت إلى أن "هنالك تغييبا من قبل الجهات الحكومية لدور منظمات المجتمع المدني، حيث كان يفترض إشراكها في خلية الأزمة وفسح المجال لأعضائها للعمل بشكل أوسع من خلال منحهم تخويلا بالحركة والتنقل خلال مدة الحظر".

وقالت إن "جانب التعاون مع الجهات الحكومية معدوم، وهو ما أدى إلى هذا الواقع".

وبينما تشير زينب إلى أن "ما يتداول عن اعتماد عمل منظمات المجتمع المدني على دعم المنظمات الدولية في تمويل أنشطتها، كلام غير دقيق". يقول العضو في إحدى المنظمات المدنية ماهر كريم إن "هذه المنظمات غير مؤهلة لمواجهة أزمة بهذا الحجم، وتفتقر إلى التخطيط الصحيح لوضع المبادرات المناسبة".

الأجندة السياسية ساهمت في تحجيم نشاط المنظمات المدنية (الجزيرة)

أجندة سياسية

ويرى نقيب المعلمين السابق الناشط المدني جواد المريوش أن هنالك جانبا سياسيا لعب دوره في تحجيم نشاط المنظمات المدنية، وقال إن "الكثير من المنظمات تتبع جهات سياسية وتسير وفق أجنداتها".

وتابع قائلا "أما المنظمات المدنية المستقلة فإمكاناتها محدودة، وأثرت عمليات الاغتيالات التي طالت ناشطين وإعلاميين في ظهورها على الساحة وتبنيها لبرامج ونشاطات تحرج السلطة الحاكمة".

وأشار المريوش إلى أن "هذا الواقع حجّم من نشاط المنظمات المدنية بشكل كبير، وتسبب في غيابها عن المعركة ضد جائحة كورونا في العراق".

المصدر : الجزيرة