كاتب إيطالي: المافيا تنتعش في ظل كورونا وتستثمر حتى في الكمامات

VENICE, ITALY - SEPTEMBER 05: Roberto Saviano walks the red carpet ahead of the
روبيرتو سافيانو: المافيا قد تكون الرابح الأكبر من أزمة كورونا في أوروبا (غيتي)

قال الكاتب الإيطالي روبيرتو سافيانو -المعروف عالميا بكتاباته عن عالم الجريمة المنظمة في بلاده- إن تنظيمات المافيا تنتعش في ظل الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وما يرافق ذلك من تراجع في الإجراءات الأمنية والاهتمام الإعلامي بقضايا الإجرام.

وأوضح سافيانو في مقال بصحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية أن الأجواء السائدة في البلاد بسبب تفشي كورونا تمثل فرصة لدخول أموال تنظيمات المافيا بقوة في الأنشطة الاقتصادية العاجلة في عدة مجالات حيوية، بما في ذلك القطاع الصحي.

وحسب الكاتب، فإن الشرطة الإيطالية دقت بالفعل ناقوس الخطر بشأن اهتمام جماعات المافيا بالاستثمار في إنتاج وتوزيع ما يسمى "كيت الوباء"، الذي يشمل الكمامات ومواد التعقيم والتطهير، وهي مواد غير متوفرة بشكل كاف، وعليها طلب كبير.

وأوضح الكاتب أن مافيا ندراغيتا (معقلها الرئيسي في منطقة كالابريا جنوب إيطاليا) لن تكون دخيلة على القطاع الصحي، لأنها استثمرت منذ عدة سنوات أموالا ضخمة في قطاع الصيدلة، كما أظهرت العديد من التحقيقات التي أجرتها مؤسسات إيطالية تعنى بمكافحة الجريمة المنظمة.

وأضاف أن المافيا لا تستفيد فقط من الفرص المتاحة بشكل طارئ في المجال الاقتصادي، بل تنتعش في ظل حالة الصمت التي تسود البلاد، حيث يصبح الاهتمام منصبا على تداعيات كورونا، وهكذا تبدأ تنظيمات المافيا التحرك على نطاق أوسع من السابق، وهو ما ينعكس في تراجع المساحة التي كان الإعلام يخصصها للمافيا، لأن العدو رقم واحد حاليا هو الفيروس وليس المافيا.

(رويترز)
(رويترز)

الرابح الأكبر
إضافة إلى ذلك -كما يقول الكاتب- فإنه مع انخراط معظم وكالات إنفاذ القانون في الجهود المبذولة لمكافحة كورونا، انخفضت المراقبة على البحر والموانئ، تاركة مساحات حرة كبيرة أمام عصابات المافيا لتداول المخدرات بالجملة.

وفي خلايا المجتمع، تسللت العصابات، التي فقدت ساحات المتاجر التقليدية أمام المدارس والحدائق المغلقة، من بوابة الحاجة إلى خدمات التوصيل إلى البيوت من أجل ترويج المخدرات بالتقسيط.

كما أن المافيا -خاصة "لاكامورا" (معقلها في مدينة نابولي جنوب وسط البلاد)- تحاول الركوب على احتياجات الناس اليومية، ففي الأحياء الأكثر حرمانا في المدينة، حيث تسود البطالة والفقر- يوفر عناصر المافيا مساعدات آنية للناس، بتقديم المواد الغذائية الأساسية وسلع أخرى، وفق الكاتب.

ويشير الكاتب إلى أن تلك المساعدات لا تقف عند الخبز والحليب، بل تمتد إلى تقديم قروض لرجال الأعمال الذين يعانون من ضائقة مالية، وتكون عادة هذه القروض من دون "الفائدة الخانقة" المعروفة في أوساط المافيا، والهدف من تخفيف شروط الفائدة هو كسب قلوب الناس، والمراهنة على ذلك في مرحلة ما بعد كورونا.

وخلص الكاتب إلى أن المافيا ليست مجرد مشكلة في إيطاليا أو أوروبا الشرقية، بل على العكس ستكون هي الطرف الرابح من أزمة كورونا في أوروبا، مشيرا إلى أنها هي التي تدخلت لإنقاذ البنوك من نفاد السيولة خلال الأزمة المالية عام 2008 (كما كشف عن ذلك مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة)؛ لذلك فإنه ليس من المستبعد أن تتدخل بقوة لإنقاذ الشركات الأوروبية من براثن الأزمة الحالية.

المصدر : الصحافة الإيطالية