جزر القمر ومايوت.. جغرافيا مشتركة وتاريخ متأزم

the 'Moroni', sitting abandoned in front of the Friday Mosque in the old port of Moroni, Grande Comore island, Comoros
"مسجد الجمعة" بجوار الميناء القديم في عاصمة جزر القمر موروني (الأوروبية)
جمهورية جزر القمر دولة أرخبيل في عمق المحيط الهندي تقع في منتصف الطريق بين جزيرة مدغشقر والساحل الإفريقي. هذه الدولة التي استقلت عن فرنسا عام 1975 تبدو بعيدة كل البعد عن فرنسا، لكن على بعد 70 كيلومترا فقط من السواحل القمرية جنوبا تقع قطعة من الأرض الفرنسية، ضمن ما يسمى أراضي ما وراء البحار، تدعى جزيرة مايوت.
شكلت هذه الجزيرة التي يتجاوز عدد سكانها 200 ألف نسمة مصدر خلاف ترابي استعصى على الحل بين باريس وموروني (عاصمة جزر القمر) على امتداد أربعة عقود.
جذور الخلاف
وتعود جذور الخلاف لبداية السبعينيات حيث أعلنت ثلاث من جزر القمر الأربعة وهي "جزيرة القمر الكبرى" و "أنجوان" و "موالي" استقلالها عن فرنسا، في حين اختارت الجزيرة الرابعة "جزيرة مايوت" البقاء تحت السيادة الفرنسية. 
وظلت الأمم المتحدة منذ ذلك التاريخ تعتبر "مايوت" أرضا غير محررة من الاستعمار و"قمرية" حيث أقرت الأمانة العامة للأمم المتحدة في الفترة بين 1973 إلى 1994 ما لا يقل عن 20 قرارا غير ملزم. لكن بلا جدوى، حيث أصبحت الجزيرة منذ 2011 رسميا المقاطعة الفرنسية الـ101، ضمن ما يعرف بأراضي "ما وراء البحار".
"البقرة ذات الأرجل الأربعة" كما كان يسميها رئيس جزر القمر السابق أحمد عبد الله سامبي أضحت "منزوعة من أحد أطرافها وغير قادرة على السير قدما". أربعون سنة بعد الاستقلال، يرى مراقبون أن الأرخبيل القمري في حالة جمود مستديم حيث ينهش البلاد الفقر والفساد وغياب الاستقرار والرؤية الإستراتيجية للتنمية. يضاف إليها العشرات من محاولات الانقلاب وخلاف مزمن مع باريس لا يبدو أنه قريب من الحل في الوقت المنظور على الأقل.  
عائلات ممزقة
تقسيم الأرخبيل الذي تسببت فيه "الأخت الصغرى" مايوت سبب مشاكل عميقة تجاوزت المعترك السياسي لنسيج المجتمع المحلي. حيث زادت هوة الخلاف المجتمعي بعد قرار السلطات الفرنسية عام 1995 فرض تأشيرة دخول على أي مواطن قمري يود دخول الجزيرة. 

وعمق نجاح النموذج الاقتصادي في مايوت في مقابل تردي الأوضاع بباقي الأرخبيل القمري عمق الشرخ الاجتماعي بين أبناء المنطقة الذين تربطهم عرى الدم والتاريخ والجغرافيا. 

كما تسببت الهجرات غير النظامية إلى الجزيرة في مصرع آلاف القمريين مما زاد من توتر العلاقات الاجتماعية لدرجة أضحى فيها سكان مايوت يطاردون إخوة الأمس ويصفونهم بـ "المهاجرين غير الشرعيين" الذين يسعون للنيل من تجربتهم  في النجاح الاقتصادي.
المصدر : الصحافة الفرنسية