معركة رفح: إعلان مرتقب أم حسم مؤجل؟

جندي إسرائيلي فوق دبابته خلال المعارك الدائرة في غزة (الفرنسية)

يبدو أنّ حسابات الحقل قد اختلفت عن حسابات البيدر لدى قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين بعد مرور (182) يومًا على المعارك الضارية في قطاع غزة بين فصائل المقاومة الفلسطينية تتقدمها "كتائب القسام" من جهة، وبين قوات الاحتلال مدعومةً من قبل الولايات المتحدة الأميركية، والكثير من الدول الغربية من جهة أخرى، خصوصًا بعد أن دأب هذا الجيش في حروبه السابقة مع العرب على قواعد اشتباك تعتمد على نقل المعركة إلى أراضي الخصم، وعلى الحرب الخاطفة التي تستمر لأيام معدودة، لعدم قدراته على تحمل الخسائر المادية والبشرية والاقتصادية.

ولكن الجيش الصهيوني في هذه الحرب التي أطلق عليها "السيوف الحديدية" كسر جميع هذه القواعد، وهو يصل إلى نهاية الشهر السادس من الحرب، بعد أن توغلت قواته البرية في لواء الشمال ومدينة غزة والقطاع الأوسط وكذلك في مدينة خان يونس بعد أن تحمل الخسائر ودفع ثمنًا باهظًا أدى إلى تكبده خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، وهو يصر اليوم على الذهاب إلى مدينة رفح التي نزح إليها ما يقارب مليونًا ونصف المليون من سكان القطاع من بقية المناطق الأخرى؛ بسبب العمليات العسكرية التي جرت فيها، مما جعلها مدينة مكتظة بكثافة سكانية كبيرة، تجعل أي عمل عسكري فيها يتسبب بتداعيات خطيرة، وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

إصرار نتنياهو على خوض المعركة

يصرّ نتنياهو على الذهاب لمعركة رفح؛ لأنه يرى أن الحروب تقاس بنتائجها من خلال تحقيق الأهداف التي حددتها القيادة السياسية للقادة العسكريين، ولكنه في الوقت نفسه يشعر بخيبة أمل كبيرة في هذه الحرب؛ بسبب عدم قدرة جيشه على كسر المقاومة الفلسطينية، وإجبارها على التسليم، على الرغم من الإمكانات والقدرات العسكرية والاستخبارية الكبيرة للجيش الصهيوني، ورغم التباين الكبير في موازين القوى بما فيها الدعم الأميركي والغربي اللامحدود لجيش الاحتلال الذي لم يحقق أيًّا من أهدافه الإستراتيجية.

ومنها الوصول إلى قادة حركة حماس السياسيين والعسكريين، وعلى رأسهم "السنوار"، و"محمد الضيف" الذي أشاع الاحتلال أنه قتل في قصف جوي في القطاع الأوسط، ولكنه لم يؤكد ذلك، وكذلك مروان عيسى"، لا سيما أنه لم يتمكن من الوصول إلى الأسرى الذين يزيد عددهم على (130) أسيرًا، وفيهم شخصيات عسكرية وقيادية مهمة لجيش الاحتلال، وهو يحاول أن يقدم إنجازاته التكتيكية كنصر لجيشه، علمًا أنها لا ترقى لتكون إنجازات عملياتية أو إستراتيجية.

الأمر الآخر هو أنّ من يراقب تطورات الحرب، يجد أن الحملة الإعلامية لقادة الاحتلال وخاصةً في مجلس الحرب، بدأت منذ فترة طويلة بالترويج لمعركة "رفح"، حيث يقول "غانتس" عضو مجلس الحرب: إنه "إذا لم يتم إبرام صفقة لتبادل الأسرى فسنذهب إلى رفح"، بينما يقول "نتنياهو": إن الذهاب إلى رفح لا يستغرق سوى أسابيع قليلة، وهي مهمة لتحقيق أهداف الحرب التي لا يمكن تحقيقها إلا بالذهاب إلى هناك لاستكمال تدمير البنى التحتية لفصائل المقاومة، مُمنّيًا نفسه بإمكانية الوصول إلى الأسرى، أو القيادات العسكرية والسياسية لحماس وبقية الفصائل الفلسطينية الأخرى.

علمًا أن القتال عاد ضاريًا وشرسًا في جميع المناطق التي توغلت فيها قوات الاحتلال سابقًا، سواء في لواء الشمال، أو مدينة غزة التي كان يجب أن تدخل المرحلة الثالثة من الحرب، والتي يجب أن تكون أقل كثافة، وكذلك مدينة خان يونس التي وصفوها بأنّها تمثل مركز الثقل السياسي والعسكري لفصائل المقاومة، ولكن يبدو أنّ التوغل العسكري لم يمنع انطلاق الصواريخ من مدن القطاع باتجاه المدن المحتلة ومنها "أسدود"، حيث تم قصفها بثمانية صواريخ في اليوم (171) من الحرب، وهذا يثبت فشل القوات المحتلة في وقف الهجمات الصاروخية والعمليات العسكرية المباشرة، والسؤال: ماذا كانت تفعل قوات الاحتلال طوال الفترة الماضية؟، وأين الإنجازات العسكرية التي يتكلم عنها قادته؟.

الموقف الأميركي المتناقض

من يراقب الموقف الأميركي يجد أن هناك خلافًا إعلاميًا كبيرًا مع حكومة نتنياهو، ولكن في الوقت نفسه هناك توافق كبير في كل ما تقوم به حكومة الاحتلال وقواته العسكرية، حيث تعلن واشنطن أنها ترفض الذهاب إلى معركة رفح ما لم تكنْ هناك خطة يتم الاتفاق عليها بين الجانبين فيما يخص حماية المدنيين، وزيادة دخول المساعدات الغذائية للقطاع، على أن يتعهّد قادة الكيان بعدم استخدام الأسلحة الأميركية لقتل المدنيين، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات؛ لأن قيام واشنطن بتزويد الكيان بالأسلحة هو مشاركة فعلية بقتل المدنيين، وهذا يحصل منذ ستة أشهر.

فأميركا – التي تحذّر رعاياها في "موسكو" من عمل إرهابي وشيك، وتطالبهم بعدم التواجد في الأماكن العامة قبل شهر من الهجوم الذي جرى في مدينة "بيلغورود" الروسية – أكيد تعرف أن السلاح الذي ترسله لإسرائيل يستخدم لقتل المدنيين، والسؤال: لماذا تستمر في ذلك إذا كانت تريد وقف الحرب؟، كما أن بناء رصيف مؤقت لإيصال المساعدات – كما تدعي – هو كلام فارغ، ولا أساس له من الصحة؛ لأن بإمكان واشنطن أن تدخل المساعدات الغذائية برًا كما تدخل الأسلحة للكيان!

ولكنها تقوم ببناء هذا الرصيف لأسباب متعددة تتعلق بالمصالح الأميركية الصهيونية في المنطقة، ومنها الممر البري المنافس لطريق الحرير الصيني والذي يمر بمدينة غزة باتجاه الأراضي المحتلة إلى أوروبا، وكذلك بشق قناة "بن غوريون" كبديل لقناة السويس، بالإضافة إلى الغاز المتواجد في السواحل الموازية لغزة؛ لذا فواشنطن هي رأس الحربة في هذه الحرب على غزة.

تحديات وأمنيات

من أهم التحديات التي يجب أن تجد لها حكومة نتنياهو حلًا مقنعًا للذهاب إلى رفح، هي الكثافة السكانية العالية التي وصلت إلى مليون ونصف المليون مدني، وهذا يتطلب خطة لنقل المدنيين إلى مناطق آمنة!، والسؤال: هل توجد في قطاع غزة منطقة آمنة؟، الجواب: "لا"!،

فحتى المناطق التي تم تحديدها سابقًا مثل منطقة "المواصي" تتعرض للقصف الجوي والمدفعي والتوغل من قبل القوات المحتلة التي لا تلتزم بأي معايير إنسانية؛ لأن قادة الاحتلال ينظرون إلى أهالي غزة على أنهم حيوانات بشرية، كما يصفها وزير الدفاع "غالانت"، والسؤال: أين ستذهب هذه الكثافة السكانية الكبيرة، وسط احتدام المعارك في جميع المناطق؟، يضاف إلى ذلك أن القوة العسكرية الصهيونية أُنهكت بشكل كبير وفقدت الكثير من جاهزيتها القتالية، وهي مستنزفة ومتعبة؛ نتيجة القتال المستمر والضاري، خصوصًا أنها تخوض أطول حرب في تاريخها ولا تزال مستمرة.

يضاف إلى ذلك أن هناك نقصًا كبيرًا في الذخائر، وخاصة عتاد الدبابات (120ملم)، وكذلك عتاد المدفعية (155ملم)، نتيجة الاستخدام المفرط للقوة التدميرية في تدمير مدينة غزة، حيث تشير التقارير الصهيونية إلى أن الجيش أطلق أكثر من (100) ألف قذيفة مدفعية، وأكثر من (40) ألف قذيفة وصاروخ كقصف جوي، وأطلق أكثر من (3000) صاروخ من منظومة القبة الحديدية، ناهيك عن تصاعد المواجهات في الضفة الغربية بشكل خطير.

علمًا أن هناك  أكثر من (19) عملية فدائية تم تنفيذها منذ بدء الحرب على غزة، وكذلك تصاعد الضربات الصاروخية، والقصف المتبادل في المنطقة الشمالية مع لبنان والتي يمكن أن تتحول إلى مواجهة شاملة، خصوصًا أن الكيان الصهيوني يطالب بأن تكون قوات حزب الله وراء "نهر الليطاني" حسَب القرار الأممي (1701)، الأمر الذي دفع رئيس الأركان إلى سحب الفرقة (36) وتحريكها للجبهة اللبنانية.

والسؤال: ماذا لو فتحت هذه الجبهة؟، أو اندلعت المواجهات في الضفة الغربية بصورة واسعة؟، كيف سيكون الموقف على جميع هذه الجبهات الملتهبة؟، خصوصًا أن هناك نقصًا كبيرًا في القوة القتالية، الأمر الذي جعل رئيس هيئة الأركان الصهيوني حسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" يطالب بتجنيد (7000) جندي، هذا بالإضافة إلى (7500) ضابط وضابط صف؛ لتعويض خسائره في القوة القتالية، حيث وافقت وزارة المالية على (2500) فقط".

إن استمرار المعارك التي جرت في غزة استنزفت إمكانات وقدرات الجيش الصهيوني بشكل كبير جدًا، ولولا الدعم العسكري الأميركي والغربي المفتوح لتقديم الأسلحة والذخائر، وتقديم الدعم الاستخباراتي لما استطاع الكيان الصهيوني أن يستمر في هذه المعركة طوال الفترة الماضية، بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي والسياسي الكبير في أروقة الأمم المتحدة، على الرغم من تمرير القرار (2728) في مجلس الأمن بعد أن امتنعت واشنطن عن التصويت علمًا أن القرار غير ملزم لقادة الكيان بوقف الحرب.

كما أن هناك انقسامًا سياسيًا واجتماعيًا داخليًا كبيرًا فيما يخصّ قضية تجنيد طائفة "الحريديم" للخدمة العسكرية والتي تثير جدلًا واسعًا وانقسامًا داخليًا خطيرًا؛ بسبب زيادة التهديدات وقلة الإمكانات، ناهيك عن تمديد خدمة الاحتياط لمدة أربعة أشهر أخرى، ما يعني أن هناك مأزقًا حقيقيًا يمرّ به جيش الاحتلال من ناحية القوة القتالية وتعدد الجبهات، خصوصًا مع تفرّد نتنياهو باتخاذ القرارات، ومنها قضية تبادل الأسرى، علمًا أن الوضع الاقتصادي الداخلي يضغط بشكل غير اعتيادي على قادة الكيان الصهيوني.

يضاف إلى ذلك أن حالات التمرد على الأوامر في الجيش الصهيوني، أصبحت كثيرة، وبدأت تخرج إلى العلن، كما جرى في لواء "غفعاتي" عندما تمرّد (9) جنود، ورفضوا الامتثال للأوامر الصادرة، وكذلك في لواء "غولاني"، وكذلك في قوات الاحتياط التي رفضت القتال في غزة؛ لكونها غير مدرّبة على القتال في هذه المناطق، بالإضافة إلى كثرة حالات الاضطراب النفسي، حيث يعاني الكثير من الأفراد في قوات الجيش من حالات نفسية وصلت إلى أكثر من (5) آلاف حالة، وأكثر من (30) ألف عسكري، قدموا طلبات بأنهم يعانون من أمراض نفسية.

وقد صرَّح اللواء المتقاعد "إسحاق بريك" – قائد سلاح المدرعات السابق – بوجود نقص في المعدات والتجهيزات والذخائر، بما فيها وجود الكثير من الدبابات والمدرعات المدمرة التي ما زالت في القطاع، كما أشار إلى فوضى كبيرة لا يمكن الكلام عنها في الإعلام، حيث تشير بعض التقارير إلى ارتفاع نسبة الشكاوى إلى 269%، كما أن توبيخ قائد الفرقة (98) بعد تصريحه للقادة السياسيين هو خير دليل على الانقسام الكبير لدى قادة الاحتلال، وجميع هذه التحديات تشكل عقبة كبيرة أمام قادة الاحتلال العسكريين والسياسيين.

التكلفة الإنسانية

إن وجود المدنيين يشكل عائقًا كبيرًا أمام انطلاق العملية العسكرية في مدينة رفح، بالإضافة إلى دخول شهر رمضان الكريم؛ لأن التكلفة الإنسانية ستكون كبيرة، وهذه التكلفة لن تستطيع حكومة نتنياهو تحملها، لذلك فهي تسعى لإقحام الولايات المتحدة الأميركية في هذه المعركة من خلال الحصول على الدعم العسكري والسياسي للذهاب إلى هذه المعركة.

علمًا أن إدارة بايدن تطرح خيارات بديلة للعملية البرية، ومنها استهداف قادة حماس بعمليات نوعية ومحددة، والسيطرة على ممر "صلاح الدين"، حيث كان هناك اجتماع في واشنطن ضم وزير الدفاع الصهيوني "غالانت"، ووزير الدفاع الأميركي "أوستن" تطرق من خلاله الجانبان إلى التحديات العسكرية والسياسية والإنسانية لهذه المعركة في فترة حرجة يعاني فيها الكيان من عزلة دولية كبيرة؛ بسبب الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين في مدينة غزة.

يضاف إلى ذلك أن هناك انتخابات أميركية تتراجع فيها شعبية الرئيس الأميركي؛ بسبب دعمه الكامل لهذه الحرب، كما أن شرعية المنظمات الأممية التابعة للأمم المتحدة أصبحت على المحك فيما يخصّ شرعيتها القانونية والإنسانية بعد جرائم الإبادة البشرية، وجرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الصهيوني، بلا حسيب، حيث أصبحت هذه المنظمات غير مؤثرة.

فصائل المقاومة ومعركة رفح

عندما نتكلم عن معركة رفح التي ينوي الجيش الصهيوني الذهاب إليها، لا بدّ أن نشير إلى أن هذه المعركة ستُفرض على فصائل المقاومة الفلسطينية، كما فُرضت عليها في الشمال، وفي الوسط، وفي مدينة خان يونس، ومن ينظر إلى إستراتيجية المقاومة في المواجهة، يجد أن معركتها الدفاعية خاضتها حسب المواقع الجغرافية للقطاع، لذا فالكتائب المتواجدة في منطقة رفح هي كتائب متكاملة للقسام، وبقية الفصائل الأخرى من حيث العدد والعدة، وهي ما زالت بكامل قوتها وقدرتها وجاهزيتها القتالية.

وهذا يعني أنَّ المعركة لن تختلف عن بقية المناطق الأخرى التي سبقتها في استنزاف القوات الصهيونية التي تحاول تدمير البنى التحتية وإمكانية الوصول إلى قيادات المقاومة، والأسرى الصهاينة، وهنا أضيف نقطة مهمة، وهي السيطرة على محور "فيلادلفيا" المعروف بمعبر "صلاح الدين" والذي يبلغ طوله (14كم)، حيث يعتبر منطقة عازلة بموجب اتفاق السلام المبرم بين مصر وإسرائيل عام 1979.

وهذا يوجب التنسيق مع مصر في أي عملية عسكرية في هذه المنطقة، وهذا يثير الكثير من علامات الاستفهام حول الموقف المصري من عملية رفح؟، لأن الجيش الصهيوني يريد السيطرة على هذا المعبر لعزل القطاع عن العالم الخارجي، وخنق غزة بالكامل من جميع الجهات.

إن نجاح المقاومة في المحافظة على بناها التحتية مكنها من إدارة معركتها الدفاعية بهمة عالية ونجاح كبير من خلال استنزاف قوات الاحتلال طوال الفترة الماضية، الأمر الذي رفع فاتورة الخسائر بشكل غير مسبوق، خصوصًا مع وجود شبكة أنفاق ما زالت فاعلة، وتستخدم بشكل يتلاءم مع قدرات المقاومة، كما استخدمتها في الشمال، وفي الوسط، وفي الجنوب، وكما يقال الأرض تقاتل مع أهلها.

ورأينا كيف عادت العمليات العسكرية في مناطق الشمال وغزة وخان يونس، وما جرى في مجمع الشفاء، هو خير دليل على تطور المعارك في المنطقة، وكذلك في "حي الأمل"، و"مشفى الأمل"، وفي "مشفى ناصر"، علمًا أن منطقة "القرارة" عادت إلى واجهة المعارك المحتدمة، وهذا يعطي دلالة واضحة على أن الجيش الصهيوني المتواجد في المناطق التي توغل فيها سابقًا لا يستطيع السيطرة الكاملة عليها؛ بسبب اتساعها وقلة القوات القتالية المتواجدة هناك؛ لذا فهو يحاول أن يستخدم القصف الجوي والمدفعي، والقصف من الطائرات المسيرة؛ لتعويض تواجده المباشر، وكذلك العمليات البرية المحدودة في مناطق جغرافية معينة لتفتيشها ثم الانسحاب منها.

سيحاول "نتنياهو" الذهاب إلى مدينة رفح؛ لاستكمال العمل العسكري وتحقيق أهداف الحرب، ولكن السؤال المهم: ماذا إذا ذهب ولم يتم تحقيق أهداف الحرب؟، بالوصول إلى القادة السياسيين والعسكريين والأسرى؟، علمًا أن قضية الأسرى لا تكتسب أولوية لدى حكومته، لأنه يرى أن هؤلاء الأسرى هم السبب في تدمير مستقبله السياسي؛ لأنهم أخفقوا في الدفاع عن الكيان الصهيوني في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهم جزءٌ أساسي من النكبة التي أصابت الكيان الصهيوني في تلك الفترة.

لذا يجب أن يقدم هؤلاء إلى المحاكمة والمساءلة!، لا أن يقوم نتنياهو وحكومته بإبرام صفقة لإطلاق سراحهم، لهذا فهو يحاول أن يستنفد جميع الخيارات العسكرية الممكنة؛ لكسب الوقت والبقاء لأطول فترة ممكنة قبل أن يذهب إلى إبرام أي صفقة مع فصائل المقاومة؛ لأن وقف القتال يعني إنهاء مستقبله السياسي، وإحالته إلى المحاكم، علمًا أن معركة رفح المرتقبة لن تكون نزهة كما يحاول نتنياهو أن يصورها أو يتمناها، وقد تكون هذه المعركة القشة التي قصمت ظهر البعير.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.