"سيدة الجحيم" في ضيافة التنين

بشار الأسد وزوجته أسماء الأسد في زيارتهما للصين (الفرنسية)

جاءت زيارة أسماء الأسد إلى الصين في التوقيت الذي تحولت فيه سوريا إلى جثة هامدة لا حراك فيها. لا ماء، لا كهرباء، لا مواصلات، غلاء فاحش، وبشر يعيشون من قلة الموت.

لم يذهب الأسد وحده ولم ترافقه أسماء فقط، بل العائلة مجتمعة. وريث الخراب القادم حافظ بشّار الأسد، كريم، وزين. ولأول مرّة تنشئ أسماء الأسد حسابًا على مواقع التواصل كان على إنستغرام فور وصولها إلى الصين لتوثيق ما تقوم به، ولعمل دعاية لنفسها، وكانت على ما يبدو تأمل من ذلك الكثير. فهي المرّة الأولى التي تستخدم فيها مواقع التواصل، والمرّة الأولى التي تروّج فيها لزيارة بلد أجنبي مع أنّها زيارة غير رسمية فقد كانت دعوة الرئيس الصيني لرؤساء الدول المشاركة في دورة الألعاب الرياضية دعوة عامة.

وثّقت أسماء في حسابها كلّ المواقف التي عاشتها، والزيارات، والملابس التي ارتدتها، وتسريحات شعرها، وحتّى اللقطة الرومانسية التاريخية بينها وبين الأسد وهي تُثبّت "دبوسا" على سترته، واضعة اللمسات السحرية الأخيرة على هيئته قبل خروجهما للعشاء!

صار من الواضح أنّ أسماء الأخرس تحاول التسويق لنفسها وهذا الأمر يعود إلى 10 سنوات مضت عندما تصدّرت صورتها مجلة "فوغ" مع لقب "وردة الصحراء"

ويبدو أنّ أسماء أزاحت بشارا في هذه الزيارة من الواجهة، فقد قامت بإلقاء كلمة عن اللغة العربية أمام عشرات من الضيوف والطلاب الصينين، كما ظهرت في لقاءات تلفزيونية. وقد ركزت وسائل الإعلام السورية على نشاطها ذاك أكثر من تركيزها على "مخرجات" الزيارة. التي عاد منها الأسد صفر اليدين حتّى من الصور، فقد تصدرت صورة أسماء صحيفة الوطن من دون وجوده!.

آلهة الصين الجديدة

ربما كانت أسماء من خلال "الشو" الذي صنعته تحلم بأن تكون إلهة من آلهة الصين فقد "ذُهِلت" من نفسها على ما يبدو، وأعجبت بها كثيرًا، وظهر ذلك في ردود أفعالها على الاستقبال "الشعبي" الذي قوبلت به، ومحاولة بعض الجمهور التقاط صور معها، ولمس يدها، أو خدها وكأنها آلهة جاءت من سوريا لتباركهم وتمنحهم الغفران.

حازت أسماء الأسد عدة ألقاب أطلقتها عليها الصحافة منذ تولت منصبها "كزوجة للرئيس" الأسد وبعض الألقاب أطلقها عليها المؤيدون في سوريا مثل "سيدة الياسمين" حيث ظهرت في مهرجان الورد الدمشقي تجمع الورد بصحبة الممثلة سلاف فواخرجي.

وصار من الواضح أنّ أسماء الأخرس تحاول التسويق لنفسها وهذا الأمر يعود إلى 10 سنوات مضت عندما تصدّرت صورتها مجلة "فوغ" مع لقب "وردة الصحراء"، لكنّ المجلة تراجعت عن التقرير الذي قدّمته عنها، وحذفته بعد اتّهامات بالترويج لنظام الأسد. خسرت أسماء التقرير الذي دفعت الكثير لأجله، لكنّ اللقب لم يفارقها فقد جرى على ألسنة الناس.

كما جرى على ألسنتهم لقبٌ آخر، أقوى وأشدُّ وقعًا، وصدقًا. فقط أطلق عليها السوريون لقب "سيّدة الجحيم" إثر تورطها في الحرب الدائرة على الشعب السوري من الأسد ونظامه.

وخطفت الصينية الجميلة الأضواء

جاءت الرياح بما لم تشته أسماء، فبدل أن تتصدّر صور أسماء الأسد مواقع التواصل الصينية كما في يومها الأوّل، التقطت الصحافة وصانعو المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي عدّة صور للحارسة الشخصية لأسماء الأسد، والتي خطفت منها الأضواء وتصدّرت مواقع التواصل. وذهب المتابعون الصينيون إلى تحليل، وتفكيك كلّ حركة قامت بها تلك الحارسة الجميلة، ابتداءً من الزي الذي ترتديه، وصولًا إلى أصابع يديها.

حلّل بعضهم وجود صف الأزرار على زيّها الرسمي وعدم توازي الطرف اليمين مع الشمال بوجود أسلحة تستخدمها في اللحظة المناسبة، وعلّق البعض على تركها للجاكيت مفتوحًا لسهولة تناول السلاح، ثمّ ظهرت صور ليديها تبرز مفاصل أصابعها، وتقول إنّها أثخن من المعتاد مما يدل على تلقيها تدريبًا عالي المستوى على القتال مما يؤهلها للمهمة التي تقوم بها. وأبدى بعضهم قلقًا من تسليط الضوء عليها خشية أن يؤثر ذلك على مستقبلها المهني بما أنها باتت مكشوفة بهذا الشكل أمام العالم.

الحارس الشخصي لسيّدة الجحيم كانت امرأة صينية جميلة الملامح تتمتع بجاذبية فريدة، ومميزات استثنائية في إتقانها لعملها المخابراتي.

الزيارة التي أعادت صياغة تاريخ العالم!

هكذا وبقفزة واحدة قفز الأسد من سوريا إلى الصين ليعيد صياغة تاريخ العالم! المهازل التي روّجها الإعلام السوري عن الزيارة التاريخية للصين، باض فيها المحلّلون على شاشة التلفزيون السوري ما يكفي لصناعة طبقٍ من العجة يكفي الشعب الصيني بأكمله. لكن ماذا عن استقبال الأسد؟

أول من استقبل الأسد وزير التجارة الصيني. وأطفال بصحبة ميكي ماوس الصيني، وبعض المسؤولين! أمّا أهم الإنجازات في الزيارة فكان ما كتبه بشّار وأسماء على زبادي المهلبية، 3 صحاف، الأولى كتب عليها سوريا، والثانية في الوسط رسم قلبًا، والثالثة فلسطين! نعم، الأسد لا يتخلّى عن القضية الفلسطينية هي في القلب دائمًا، من الممكن أن يبيع سوريا كاملة لكنّه لن يتخلّى عن فلسطين أبدًا.

هل هناك أعظم من هذا الإنجاز الذي انتظره السوريون عقودًا طويلة؟ كتابة اسم سوريا وفلسطين على صحاف المهلبية؟ والمعجزة التي يمكن أن تحدث لو أكل التنين الصيني من تلك المهلبية!

وقد أدهش الأسد و"عقيلته" المتابعين بزيارته التاريخية لقرية صينية لمعرفة أنواع الخضار التي يزرعها سكان القرية للاستفادة منها في إعادة إعمار سوريا.

في ملعب مركز هانغتشو الرياضي الأولمبي في هانغتشو بمقاطعة تشجيانغ شرق الصين (الفرنسية)

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.