الحوار السياسي في مصر وأسئلته الخمسة

السيسي يصافح حمدين صباحي (يمين) أثناء حفل إفطار الأسرة المصرية (مواقع التواصل)

الدعوة إلى حوار سياسي دعوة مرحب بها دومًا، لكن الأهم هو تحديد الغايات والأهداف، والدوافع والأسباب، والإجراءات والضمانات. إن الأزمات والمشكلات التي تشهدها مصر منذ 2014 تتجاوز الدوافع التي أدت إلى ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وإذا لم تتكاتف القوى الحية في المجتمع ومؤسسات الدولة وتتوافق حول عملية إنقاذ شاملة فقد تتدهور الأوضاع إلى مرحلة غير مسبوقة في التاريخ المصري الحديث، وذلك بالنظر إلى التجريف الذي حدث في الحياة السياسية في السنوات الثماني الماضية، وحجم التحديات التي تواجه كافة قطاعات المجتمع تقريبا.

وفي ما يلي بعض الأفكار التي قد تثري النقاش الدائر في مصر حول الدعوة التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أواخر أبريل/نيسان الماضي لبدء حوار حول "أولويات الأجندة الوطنية في المرحلة الحالية"، وذلك في أسئلة خمس.

أولا: ما الحوار؟ وما غاياته؟

إن الحوار السياسي عادة يكون عملية تبادل للأفكار بين المختلفين في الرأي أو بين الخصوم السياسيين، وذلك من أجل خلق فهم مشترك في ما بينهم حول المشكلات المطروحة والوصول إلى حلول وسط بشأنها أو تحقيق مصالحة سياسية شاملة. وفي عمليات الحوار الناجحة، تخرج عادة جميع الأطراف فائزة. ويتطلب الحوار الناجح توفر جو آمن في البداية، يسمح لكل الأطراف بمشاركة أفكارهم دون قيد أو شرط، بما في ذلك فرض الرقابة الذاتية، ولخلق هذه المساحة الآمنة لا بد من توفر قواعد إجرائية واضحة يلتزم بها الجميع، وقدر جيد من الثقة المتبادلة بين الأطراف، فضلا عن وجود أشخاص محايدين يقومون بدور الوسيط النزيه وإدارة الحوار.

ولهذا، لا يجب أن تكون مصير الدعوة الأخيرة للحوار كمصير الدعوات التي تأتي من السلطة، والتي يكون هدفها -حسب كثير من المتابعين- التمكين للسلطة ذاتها وإعفاءها من المسؤولية عن حصاد السنوات الماضية أو منحها تفويضا ثانيا لعدة سنوات قادمة، أو تفريغ حالة الاحتقان واحتواء الغضب الشعبي بالنقاشات الشكلية، أو الالتفاف على الأزمات بمسكنات وقتية، أو حتى وسيلة لفرز الناس حسب آرائهم وملاحقتهم لاحقا كما كتب أحدهم.

هناك سياسات وَجّهت مليارات الدولارات إلى مشاريع ضخمة دون أدنى نقاش مجتمعي أو حتى دراسات جدوى، بل وعلى حساب إصلاح قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم أو بناء اقتصاد إنتاجي غير ريعي.

ثانيا: ما الذي أوصلنا إلى هذه المرحلة؟

من المهم فهم الأسباب التي أوصلتنا إلى الأزمات الراهنة. من هذه الأسباب ما يعود إلى عقود طويلة مضت، كما أن تداعيات الحرب الأوكرانية لعبت دورًا مؤثرًا في تفاقم الأزمات؛ لكن هناك أيضا العديد من الأسباب الملحة التي تتصل بالسياسات المتبعة خلال السنوات الثماني الأخيرة، وبكيفية صنع هذه السياسات. هناك سياسات اقتصادية فاقمت الديون والغلاء وأدت إلى تدهور شديد في مستويات المعيشة وفي نوعية الخدمات العامة كالصحة والتعليم، وفي القضاء على الطبقة الوسطى، وارتفاع نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر.

وهناك سياسات وَجّهت مليارات الدولارات إلى مشاريع ضخمة دون أدنى نقاش مجتمعي أو حتى دراسات جدوى، بل وعلى حساب إصلاح قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم أو بناء اقتصاد إنتاجي غير ريعي. وهناك سياسات أدت إلى تجريف الحياة السياسية وقمع الحريات وإضعاف المؤسسة القضائية، واعتماد أسلوب الإقصاء التام الذي يغلق كافة سبل العمل العام (السياسي والنقابي والطلابي) أمام الشعب بفئاته كافة، ويدفع الشباب إمّا إلى الهجرة أو التطرف. وهناك سياسات خارجية أدت إلى تبعية مصر المالية لدول إقليمية ليست بحجم مصر أبدا، وسياسات أدت إلى تهميش الدور المصري في الإقليم والعالم وإضعاف مواقفها في ملفات حيوية كمياه النيل والصراع العربي الصهيوني وأمن المنطقة.

من المهم أيضا الاهتمام بأسباب أخرى هيكلية تنطلق في الأساس من تركيز السلطة في فرد واحد واستعانة هذا الفرد بمجموعة قليلة جدا اعتمادا على صلة القرابة المباشرة أو الولاء المطلق له، وتخلصه بشكل دوري من أي بدائل محتملة له من المدنيين والعسكريين على حد سواء. هذا فضلا عن نظرته إلى طبيعة السلطة ذاتها كأداة للهيمنة والضبط بدل كونها أداة لإدارة المصالح المتناقضة وتحقيق المصلحة العامة، ونظرته إلى المجتمع بمكوناته المختلفة لا كثروة حقيقية وفاعل مؤثر ومشارك في إدارة الدولة بل بوصفه عبئا، ومصدرا للخطر لا مفر من السيطرة عليه وإخضاعه.

هذا فضلا عن أمور هيكلية أخرى مثل توريط فئات ومؤسسات مختلفة في هذا النمط في السلطة، مثل اعتماد السلطة على أجهزة معينة داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية، وإطلاق يدها في السيطرة على المجتمع والاقتصاد والسياسة، وذلك ضمن إستراتيجيات السلطة لإبعاد شبح الانقلابات عليها، حتى ولو ألحقت هذه الإستراتيجيات الضرر بتلك المؤسسات؛ إذ ستكون محل غضب أي مظاهرات أو انتفاضات قادمة. وعلى النمط ذاته تتعامل السلطة -بأشكال وأهداف متباينة- مع بقية مؤسسات الدولة الأخرى من قضاء وأجهزة رقابة وجامعات ومؤسسات ثقافية ومؤسسات دينية وإعلام ونقابات، إذ يتم اختراقها وإفسادها وتغيير وظائفها، مما يجعلها أداة من أدوات الحكم الفردي، ويحولها إلى هدف لأي غضب شعبي. فهل تحتمل مصر استمرار هذا النمط الذي يكاد ينقرض في العالم؟

ثالثا: ما تداعيات الأوضاع الراهنة؟

وفقا لسردية النظام، كان النمط الحالي للحكم ضرورة للحفاظ على الدولة والخروج من مشكلاتها الحادة، لكن ما حدث هو العكس تماما، إذ تدهورت معظم قطاعات الدولة، بل تكاد الدولة الآن تقترب من لحظة انكشاف خطيرة لن تقتصر تداعياتها على قطاع دون الآخر. هذا مع أهمية التذكير بأن الهدف الرئيسي للنظام كان وقف مسار الانتقال إلى الديمقراطية الذي أوجدته ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، والعودة بالبلاد إلى ما قبل ذلك التاريخ، بل وإحكام الرقابة والقبضة الأمنية على المجتمع لمنع تكرار ما حدث في يناير/كانون الثاني.

نعم، حافظت السلطة على استمرارها لكن بتكلفة كبيرة للغاية؛ فقد فوّتت أولا على البلاد فرصة مشاركة مؤسسات الدولة وقوى المجتمع في لعب أدوار مهمة وتقديم رؤى لحل المشكلات المستعصية المختلفة، بدلا من أن تتصدر السلطة بمفردها لكل المشكلات وتتصور أنها هي فقط القادرة على حل مشكلات المجتمع. ثمة طاقات جبارة في المجتمع يمكن الاستفادة منها إذا وُجدت القنوات الوسيطة التي تتيح للأفراد المشاركة ورُصدت الميزانيات لذلك.

مصر التي فتحت أول مدرسة للطب في المنطقة في مارس/آذار 1827، يهاجر منها نحو 7 آلاف طبيب سنويا بسبب تدهور ظروف عملهم، ويستقيل نحو 10 آلاف طبيب من وظائفهم في المستشفيات الحكومية للعمل في العيادات الخاصة، وهناك نحو 150 ألف طبيب يعملون خارج مصر، منهم أكثر من 10 آلاف طبيب شاب هاجروا في العامين الأخيرين فقط، حسب إحصائية لنقابة الأطباء مطلع عام 2022. وحسب دراسة للمكتب الفني لوزارة الصحة المصرية؛ فإن نحو 62% من الأطباء المسجلين والحاصلين على تراخيص مزاولة المهنة يتسربون من المنظومة الصحية.

لم تسهم السياسات الاقتصادية التي نُفذت منذ 2014 في تغيير بنية الاقتصاد أو تحويله نحو مزيد من الإنتاجية والتنافسية، بل على العكس أسهمت في زيادة التفاوت الطبقي وتراكم الثروة من قبل فئات صغيرة وتفاقم الاعتماد على الخارج عبر الديون والمساعدات.

نعم، تم تحقيق بعض الأمن الداخلي لكن الهجمات الدامية ضد قوات الأمن والجيش في سيناء عادت من جديد مؤخرا. ونعم، نوّع الجيش مصادر تسلحه لكن هل تتوفر الإمكانات لاستخدام كل هذه الأسلحة؟ وهل حظيت نظم تنظيم الجيش والتدريب والترقية والمقررات العسكرية بالاهتمام الكافي لتحديثها؟ وما سبب كل هذا الكم من التسليح الثقيل؟ ولماذا صارت مصر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال 2017-2021 بزيادة 73% عن مستوياتها بين 2012-2016، وذلك حسب تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في مارس/آذار 2022؟

ونعم، قد يبدو أن هناك بعض التقدم في المؤشرات الكلية للاقتصاد، وتم تحسين العديد من الطرق والكباري والبنية الأساسية، إلا أن البلاد الآن على شفا أزمة مالية حادة، ناهيك عن التدهور الحاد في مستوى المعيشة وتضرر فئات كثيرة من تداعيات السياسات الاقتصادية النيوليبرالية التي تعتمد على رفع الدعم وتحلل الدولة من التزاماتها الاجتماعية تجاه المواطنين والاستدانة المكثفة من الخارج والتركيز على قطاع العقارات وتفشي الفساد.

مصر الآن تحتل المركز 136 من أصل 139 دولة في مؤشر سيادة القانون لعام 2021، والمركز الثامن والأخير على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي تحتل مواقع متأخرة في معظم العوامل الفرعية التي يعتمد عليها المؤشر العام.

ولم تسهم السياسات الاقتصادية التي نُفذت منذ 2014 في تغيير بنية الاقتصاد أو تحويله نحو مزيد من الإنتاجية والتنافسية، بل على العكس أسهمت في زيادة التفاوت الطبقي وتراكم الثروة من قبل فئات صغيرة وتفاقم الاعتماد على الخارج عبر الديون والمساعدات، والاهتمام بقطاع العقارات على حساب القطاعات الإنتاجية الأخرى. والأخطر من هذا إعادة ترتيب الفاعلين المؤثرين في الاقتصاد وتصدير المؤسسات العسكرية والأمنية كفاعل رئيسي وبوابة عبور لكثير من الأنشطة الاقتصادية، وهذا أمر يُلحق الضرر بهذه المؤسسات في المقام الأول، ويجعلها المسؤول الأول عن التداعيات السيئة لهذه السياسات، فضلا عن أنه يشغلها عن مهامها الرئيسية.

الإرهاب لا يمكن معالجته أمنيا فقط ولا من خلال منظومة من التشريعات التي تنتهك الدستور وتخالف الأعراف والمعايير الدولية. هذا بخلاف التجاوزات التي تمت في سياق هذه الحرب التي تعدها بعض المنظمات الحقوقية عمليات قتل جماعي خارج نطاق القانون.

إن الإرهاب في الواقع نتيجة أساسية من نتائج أزمة الحكم وأزمة شرعية الحكومات القائمة في المنطقة العربية، ولهذا فمعالجة الإرهاب تتطلب حكومات شعبية منتخبة ومؤسسات دولة تكون قادرة على تقديم بدائل وطنية للمشاركة والتنمية وفتح المجال أمام تجديد ديني حقيقي.

رابعا: ما النطاق الممكن للحوار المنشود؟

في ظل كل هذه الأزمات والتداعيات لا يمكن لحوار سياسي أن يتصدى لكافة هذه القضايا. ولو طُرحت كل الموضوعات مرة واحدة ستخرج جلسات الحوار بتوصيات كثيرة وعامة في الأغلب. ومن ناحية أخرى، الحوار حول طبيعة السياسات ونواتجها حوارٌ معقدٌ وتختلف فيه وجهات النظر كثيرا، وما يمكن الاتفاق عليه غالبا في أي حوار من هذا النوع هو العموميات أو الغايات الكبرى، كأن نتفق على عدالة توزيع الدخول، أو إعطاء الأولوية لإصلاح الصحة، أو التصدي الحقيقي لمطامع إثيوبيا. وهذه أمور الكل متفق عليها تقريبا، والشيطان دوما يكمن في التفاصيل وفي الحلول الممكنة وفي آليات التنفيذ وطرق المتابعة والرقابة والمحاسبة. ولهذا فالحكومات المنتخبة عادة هي التي تتحمل مسؤولية التصدي لهذه السياسات، ويحاسبها الناخبون حسب الآليات التي يوفرها الدستور والقانون.

وهذا لا يعني عدم أهمية الاتفاق الآن على العموميات أو الغايات الكبرى، فهذا أمر مطلوب بلا شك ويمكن بسهولة إعداد وثيقة وطنية جامعة في هذا الأمر. أما الأسلوب العملي فهو التركيز على "جوهر المسألة" أو "أم المشكلات"، أي إصلاح الطريقة التي أديرت بها البلاد منذ 2014 والتي حاز فيها رئيس الدولة على كل إمكانات الدولة المصرية وعلى مليارات من الدولارات من الخارج، وعلى كل صور الدعم الممكنة من مؤسسات الدولة كالجيش والقضاء والجهاز البيروقراطي للدولة والإعلام والكنيسة والأزهر، وكذلك من جُل الأحزاب التي ظلت تعمل ولو بشكل صوري ومن الفواعل الإقليمية والدولية.

ويكون الحوار في هذه المرحلة حول محددات إصلاح نمط الحكم وفتح المجال لمشاركة أوسع في المسؤولية، وهذا أمر ثَبُتَ أنه أفضل بكثير من ترك السلطة في يد فرد واحد وبلا رقابة أو مساءلة، وابتلاع السلطة مؤسسات الدولة والمجتمع أو إضعافها. إن التخلي عن نمط "شخصنة" السلطة أفضل لمؤسسات الدولة ذاتها، إذ يحافظ على مهنيتها واستقلالها ويمنع تغول السلطة عليها، وأفضل للمجتمع إذ يُشركه في إدارة شؤونه وفي تحمل المسؤولية. وعمليات الإصلاح المنشودة، وهي عملية ممتدة وتستغرق وقتا طويلا، ولا تتم مرة واحدة كما يتصور البعض، لكن الحوار المزمع يمكن أن يضع اللبنة الأولى لذلك.

خامسا: ما الضمانات الأساسية للحوار؟

يمكن كتابة الكثير في هذا الجانب، وبشكل عام وفي الحالات المشابهة تطلب الحوار الشامل والحقيقي ضمانات وآليات حقيقية لإصلاح النظام السياسي ومؤسسات الدولة، وتطلب أيضا تقديم جميع الأطراف تنازلات وضمانات متبادلة. ومن هذه الضمانات التي تناسب حالتنا:

  • إفراج النظام عن المعتقلين من كافة التيارات ووقف سياسة الاعتقالات فورا، وإلغاء الأحكام التي صدرت من المحاكم الاستثنائية وفتح المجال العام أمام التعبير السلمي عن الرأي، ورفع الرقابة على الإعلام والبحث العلمي. فهذه إجراءات تسهم في بناء الثقة.
  • إعلان كافة الأطراف التي تود المشاركة في الحوار عن نيتها في الحوار على أساسين رئيسيين، هما: الحفاظ على الدولة المصرية ووحدتها وأمن المجتمع بكافة قطاعاته، وإصلاح مؤسساتها السياسية والعامة إصلاحًا حقيقيًا يضمن الغايات الكبرى التي وردت في الوثائق والدساتير التي صدرت منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، بشقيها السياسي (ضمان الحريات العامة والتعددية السياسية والفصل بين السلطات واستقلال القضاء)، والاقتصادي الاجتماعي (العدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد وحرية المجتمع المدني).
  • مشاركة كافة الأطراف الرئيسية على قدم المساواة، بما في ذلك الإسلاميون في الداخل والخارج، وعدم انفراد طرف ما بتحديد من يشارك. ويمكن هنا اتباع أسلوب التفويض؛ أي تفويض شخصية عامة أو أكثر لتمثيل كل مؤسسة/تيار/حزب. وعدم وجود شروط مسبقة من أي طرف، وعدم انفراد طرف ما بتحديد جدول الأعمال. وتحديد كل طرف الموضوعات التي يرى أنها تصب في الأساسين المتفق عليهما أعلاه لتوضع على أجندة الحوار.
  • تشكيل لجنة/مجموعة مستقلة تماما عن الحكومة والمعارضة أو يتم تشكيلها بالتراضي بين الطرفين للإشراف على الحوار وإدارة جلساته بناءً على مطالب وأولويات كل طرف مشارك.
  • شفافية وعلانية عملية الحوار في جميع مراحلها، ودخول الأطراف جميعها بروح منفتحة ولا يدعي أي منها احتكار الحقيقة.
  • الاتفاق على آليات محددة للمتابعة والتنفيذ، على ألا تترك مهمة متابعة التنفيذ لجهة واحدة. لقد حان الوقت لعملية حوار وطني حقيقي، تُنقذ الدولة المصرية وتسترد مكانتها ونفوذها، وتُرسي محددات إصلاح أنظمتها ومؤسساتها العامة لتكون بالفعل قاطرة للتقدم والتنمية والديمقراطية. فلا تنمية من دون ديمقراطية، ووجود التنمية والديمقراطية معا هو وحده الذي يمكن أن يعيد للمجتمع المصري حيويته ويُخرج منه عوامل قوته الكامنة ويُمكّنه من المساهمة في تحمل المسؤولية. تحتاج مصر أفعالا حقيقية وليس حماسًا وقتيًا أو كلامًا إنشائيًا، وتحتاج تحركًا مختلفًا حتى لا تصل إلى الوقت الذي يكون فيه الإصلاح مستحيلا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.