قطر الحليف الذي نحتاجه في أميركا

epa05108775 Russian President Vladimir Putin (R) meets with Qatari Emir Sheikh Tamim bin Hamad Al-Thani in Moscow, Russia, 18 January 2016. Sheikh Tamim is on a two-day official visit for talks focusing on investment, energy sector and situation in the Middle East. EPA/YURI KOCHETKOV
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) وأمير دولة قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني (وكالة الأنباء الأوروبية)

أوضح الغزو الروسي لأوكرانيا شيئًا واحدا مهما هو أن النظام العالمي آخذ في التغير. إن محور القوى العالمية القمعية والاستبدادية -المرتبطة بفلاديمير بوتين- تزداد جرأة وثقة، وتريد أن ترى نفوذ أميركا يتراجع..

والحال كذلك، فمن المهم أكثر من أي وقت مضى بالنسبة للولايات المتحدة والدول الغربية ذات العقلية التحررية، أن يكون لديها حلفاء معتدلون يمكن الاعتماد عليهم لمواجهة بوتين وأعوانه. بينما يتطلع صناع السياسة الأمريكية إلى الخارج لتنمية العلاقات، لا ينبغي لهم التغاضي عن قطر، النجم الصاعد على المسرح العالمي، ولا سيما في وقت تتوجه فيه ملايين العيون إليها.

قامت قطر بدور محوري في دعم الحركات المؤيدة للديمقراطية بالموارد المالية والعسكرية أحيانا خلال الربيع العربي، كما دعمت حركات التغيير الشبابية الليبرالية والمحافظة التي تعمل على تطبيق الحكم الديمقراطي وتعزيز الحرية والعدالة

تستضيف قطر الآن نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022، بعد أن تغلبت على الولايات المتحدة وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية. وسيضع ذلك العاصمة الدوحة في دائرة الضوء، كما سيعزز استخدام قطر "الدبلوماسية الرياضية" لتعميق التعاون والاحترام والتسامح بين جميع الدول. كما أنه سيرفع مكانة قطر على المسرح العالمي، مثلما استخدمت الصين دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2008 في بكين باعتبارها "القوة القادمة".

هناك بالتأكيد سبب وجيه للاهتمام بقطر، فعلى الرغم من أنها أصغر من ولاية كونيتيكت الأمريكية، فإنها تمتلك رابع أعلى ناتج محلي إجمالي للفرد في العالم، وهي ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال، كما أنها موطن لقطاعات مالية وسياحية مزدهرة، فضلاً عن شبكة الجزيرة الإعلامية ذات التأثير الكبير.

لطالما تعاونت قطر مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) في الحفاظ على الأمن في الخليج العربي. ووفرت منصة انطلاق للغارات ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

وبعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان العام الماضي، ساعدت قطر في إجلاء أكثر من 40 ألف مدني بعدما سيطرت طالبان بسرعة على البلاد. لقد كانت قطر شريكا موثوقًا به لدرجة أن إدارة بايدن صنفتها مؤخرًا حليفا رئيسيا من خارج حلف الناتو.

قامت قطر بدور محوري في دعم الحركات المؤيدة للديمقراطية بالموارد المالية والعسكرية أحيانا خلال الربيع العربي، كما دعمت حركات التغيير الشبابية الليبرالية والمحافظة التي تعمل على تطبيق الحكم الديمقراطي وتعزيز الحرية والعدالة.

قطر وبوتين

أثبتت قطر أنها قادرة على اتخاذ موقف مغاير لبوتين ووكلائه، فبينما ساعد بوتين الدكتاتور السوري بشار الأسد، كانت قطر من أهم الدول التي دعمت الثوار الذين عارضوه.

الأكثر أهمية من مساعدة قطر هو مكانتها كأكبر مصدر للغاز. ففي عالم يتسم فيه التحكم في الإمداد العالمي بالطاقة بأهمية إستراتيجية متزايدة، يمثل الغاز القطري بديلا مهما يحرم روسيا من إحدى أعظم مزاياها على الغرب.

لطالما كان اعتماد أوروبا على الغاز الروسي نقطة ضعف، إذ عاقبت الدول الأوروبية روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، وردا على ذلك، قامت موسكو بتقييد إمدادات الطاقة إلى الغرب. إنها مسؤولية رهيبة حقا أن يخاطر الأوروبيون بأزمة طاقة هذا الشتاء اعتراضا على أفعال روسيا القاتلة. وما زاد الطين بلة أن منظمة أوبك، وعدت بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، كما أن التخريب الأخير لأنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم" بين روسيا وأوروبا زاد من تفاقم الموقف غير المستقر للغرب.

وإذ تحتاج الدول الغربية إلى الابتعاد عن الحكومات المتلاعبة بالسوق، والبحث عن الطاقة في أماكن أخرى. يمكن لقطر التي غادرت أوبك في أوائل عام 2019 أن تلعب دورًا في تلبية احتياجات أوروبا من الطاقة، وبذلك تضعف قبضة روسيا على أوروبا.

في حين أن معظم عقود الطاقة القطرية كانت تقليديا مع مشترين آسيويين، زادت قطر من صادراتها إلى الغرب، وعلى الدول الغربية أن تواصل العمل مع الدولة الغنية بالبترول والغاز الطبيعي من أجل العقود المستقبلية.

إن الاستمرار في الاعتماد على روسيا للحصول على الطاقة هو وصفة ممتازة لكارثة محققة. قد لا تتفق واشنطن مع الدوحة في جميع القضايا، ولا سيما في بعض المواقف السياسية لقطر، لكن هذا الاختلاف لا ينبغي أن يمنع الولايات المتحدة من العمل مع قطر كصديق وحليف.

حان الوقت الآن لبناء علاقات دائمة مع الدول المعتدلة، حان الوقت للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لتعزيز العلاقات مع قطر.

 

*المقال نسخة مترجمة عن مقال منشور في موقع إيشيوز آند إنسيت الأميركي

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.