الأحزاب السياسية الإسلامية بين الربيع والخريف

عبد الإله بنكيران يخاطب الحاضرين في اجتماع المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي
عبد الإله بنكيران يخاطب الحاضرين في اجتماع المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي (الجزيرة)

كثيرون كتبوا عن تراجع الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية في الوقت الراهن، سواء في مصر أو تونس أو المغرب أو اليمن، منهم من دافع عن هذه الأحزاب وبرر تراجعها، ومنهم من انتقدها، ومنهم من شمت بها، وقليلون كتبوا بموضوعية.

وتكاد تكون السمة الغالبة لما كُتب أنها كتابات من خارج سياق اللعبة السياسية أو الديناميكية السياسية، سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنها كتابات من خارج الإطار العام لهذه الأحزاب. وهذا ليس خطأ في حد ذاته، لكنه -غالبا- لا يتناول الصورة من جميع أجزائها، وربما يقع الكاتب في تقييم غير موضوعي نتيجة دوافعه الأيديولوجية أو رغباته الشخصية؛ وبالتالي صار الغالب على هذه الكتابات أنه أشبه بالسجال السياسي أو الفكري، وغرضها مجرد الرد وإبطال رأي الخصوم؛ فهي كتابات -حسب عابد الجابري- "الردود والردود على الردود"، فلا تبني معرفة ولا تبرهن على حقيقة، سمتها عرض "وهم المعرفة"؛ فكانت المعرفة هي الضحية.

تقع هذه الأحزاب في إطار التجربة البشرية التي تصيب وتخطئ وتتقدم وتتأخر وتفوز وتفشل، فوصف هذه الأحزاب بأنها إسلامية أو ذات مرجعية إسلامية لا يعني عصمتها وقدسيتها، فالتصور بأن المشروع الإسلامي محمي من السماء، أو أنه يحمل عصا قدسية للتغيير، أو هو قادر على تجاوز حدود المعقول؛ تصور في غير محله، وصاحبه يقع من حيث لا يدري في عصمة الفكر وقداسة الخطاب البشري.

حاولت بعض هذه الأحزاب الفصل بين الحزب السياسي واستحقاقاته السياسية، والجماعة الدعوية وواجباتها الدعوية مفهومًا وممارسة، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا ما دام وعي الكتل الناخبة بعيدًا عن الواقع السياسي المتأزم والمتسارع بإكراهاته

جاءت هذه الأحزاب من أجل الهوية والدفاع عن القيم والمبادئ الإسلامية التي كادت تندثر إثر اندثار الخلافة العثمانية الحاملة لها، فكانت لها مسوغات ومبررات النشأة والتأسيس، واستمرت تكسب شرعيتها وتوسعها في مجتمعها بناء على هذه المبررات.

تطورت وتراجعت رؤاها الفكرية وشعاراتها السياسية من مرحلة لأخرى، من الدعوة إلى دولة الخلافة (رشيد رضا)، إلى تأسيس مفهوم الدولة الإسلامية (حسن البنا ومحمد باقر الصدر وعبد الوهاب خلاف)، فالدولة الدينية الثيوقراطية (دولة الحاكمية لدى سيد قطب، ودولة ولاية الفقيه لدى الخميني)، ثم التأصيل المدني للدولة الإسلامية (الغنوشي والترابي والقرضاوي ومحمد عمارة ومحمد مهدي شمس الدين)، ثم جاءت مرحلة المناداة بالدولة المدنية، وهي مرحلة استعادة العقلانية والواقعية السياسية من خلال الانطلاق من الاجتماع الوطني السياسي المدني، بينما كان الانطلاق السابق من داخل الاجتماع الديني.

هذا التطور الأخير واستحقاقاته -وهو تطور إيجابي محسوب للأحزاب السياسية الإسلامية- لم يرافقه تطور في الوعي الشعبي المجتمعي الحاضن لهذه الأحزاب؛ فالجماهير المتأثرة بالخطاب والعاطفة الإسلامية لم تدرك بعد حجم الإكراهات السياسية لهذه الأحزاب التي دخلت السلطة، فاتُهمت بالخيانة والردة على مبادئها، أو الغباء السياسي، أو فقدان الحس الإستراتيجي.

حاولت بعض هذه الأحزاب الفصل بين الحزب السياسي واستحقاقاته السياسية، والجماعة الدعوية وواجباتها الدعوية مفهومًا وممارسة، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا ما دام وعي الكتل الناخبة بعيدًا عن الواقع السياسي المتأزم والمتسارع بإكراهاته، وهنا ينقل صاحب كتاب من روائع الفكر تأكيد "علي الوردي" هذا المعنى بقوله: "لو خيروا العرب بين دولتين: علمانية ودينية، لصوتوا للدولة الدينية وذهبوا للعيش في الدولة العلمانية".

وهنا تحتاج الأمة ومن قبلها الأحزاب إلى مفكرين يحملون مشاعل التنوير في المجتمع وبين الجماهير وداخل الأحزاب، يضعون وفقًا لمحمد خاتمي القواعد الاجتماعية والسياسية على أساس من المنطق والمصلحة.

حملة إعلامية مسعورة

ترافق تدني الوعي المجتمعي مع حملة إعلامية ظالمة -أحيانًا من داخل الصف الإسلامي- تتهم الأحزاب الإسلامية بالتنصل مما كانت تسعى لأجله. وهنا وقعت هذه الأحزاب في مصيدة التضليل ومن قبلها الجماهير؛ فإعلام اليوم اختلف كثيرًا عن إعلام الأمس، إذ كان الأخير نخبويًّا، أما إعلام اليوم فشعبوي، وتحول رجل الشارع العادي إلى رجل إعلام يمتلك صفحته على فيسبوك، وقناته على يوتيوب، وتغريداته على تويتر، وله متابعون.

الصورة اليوم كما يقول عبد الفتاح مورو تغيّر قناعات شعوب بأكملها، بينما خطب الجمعة التي ظل يقدمها لسنوات طوال لم تغير شيئا. ووصفت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس بيل كلينتون "سي إن إن" (CNN) بأنها العضو السادس في مجلس الأمن؛ نظرًا لتأثيرها ونفوذها العالميين، وواضح ما صنعته قناة الجزيرة في الإسهام في توعية وتحريك الشارع في ثورات الربيع العربي.

الأحزاب الإسلامية اليوم بحاجة إلى تغيير نظرتها لوسائل الاتصال والتأثير؛ فالاتصال لم يعد أحادي الوجهة، لذلك استمر حكم بن علي ومبارك وعلي صالح… إلخ عشرات السنين، ما دام الإعلام عبارة عن قناة تلفزيونية واحدة تخاطب الشعب. اليوم أصبح الإنترنت وفيسبوك وتويتر منافسًا قويًّا للفضائيات، وأصبح أغلب الشباب مراسلين في صفحاتهم وقنواتهم وتغريداتهم.

أصبح الإعلام اليوم علاقة جدلية حوارية بين وسائط الإعلام والرأي العام، هذه العلاقة تشرح الكثير من التحولات الدولية، ومنها الثورات العربية على سبيل المثال. فإخوان مصر كانت تهمتهم (أخونة الدولة، ودولة الإخوان) والحقيقة لا الدولة تأخونت ولا الإخوان دخلوا الدولة. وهذا ما اتضح لاحقًا بعد "انقلاب عبد الفتاح السيسي". وتهمة التطبيع التي لاحقت العدالة والتنمية المغربي، رغم أنه قرار سيادي ملكي. والسؤال هنا: هل كان يستطيع العدالة والتنمية أن يرفض هذا القرار؟ إذا افترضنا أن الجواب نعم، فالمؤكد أن الحزب سيدفع فاتورة باهظة الثمن، أولها خلق علاقة صدامية مع الملك ومؤسسات الدولة في المغرب (المخزن).

فالأحزاب الإسلامية لم تواكب هذا التطور والتنوع الإعلامي، بل تأخرت كثيرًا وأفسحت المجال أمام خصومها وتركتهم ينهشون في جسدها حتى أدمته الجراح، غير عابئة ولا مكترثة بنتائج هذا السلاح القاتل.

الحكم بعد الثورة تكاليف باهظة الثمن

من أسباب تراجع الأحزاب السياسية الإسلامية أنها جاءت للحكم بعد الثورة، أي بعد سقوط السقف على ساكنيه، الأمر الذي يحتاج معه إلى بناء الدولة وتحقيق تطلعات الجماهير، إضافة إلى التصدي لموجة الثورة المضادة، هذا الأمر كلف كثيراً على الأحزاب الإسلامية الحاكمة. فقد ورثت دول بدون جيش ولا إعلام ولا بنك مركزي. إضافة إلى انتظار الجماهير منها تحقيق تطلعاتها. فنجاح الثورة ليس مجرد سقوط النظام، أو كما يقول مانديلا "ليس مجرد الضغط على الزناد، ولكنها حركة تهدف إلى إقامة مجتمع العدل والإنصاف". وهذا المعنى يؤكده المنصف المرزوقي فيقول "إن مرحلة التمكين لن يكتب لها النجاح إلا بتغييرات جذرية في قيمنا، وفي عقلياتنا، وفي مؤسساتنا السياسية والاجتماعية". هذه التركة الثقيلة التي ورثتها الأحزاب الإسلامية أثقلت كاهلها، إضافة إلى موجة قوية مدعومة بالمال والسلاح والقرار الدولي وجهت ضد هذه الأحزاب لإسقاطها وإفشالها.

توغل الدولة العميقة

من أسباب تراجع الأحزاب الإسلامية توغل الدولة العميقة، والدولة العميقة -حسب المؤرخ الأميركي كريك كراندن- هي: حكومة خفية تآمرية، عميقة في أحشاء الدولة، تمثلها مراكز قوى تعمل ضد المصالح الوطنية.

وأبرز مراكز القوى لدى الدولة العميقة هي قوة الجيش؛ فالأنظمة العربية تأسست أساسًا على قوة الجيش لا قوة الجماهير. وبالتالي تتم عسكرة الدولة وتغول الدور السياسي للمؤسسة العسكرية. فإذا كان الجيش في الكثير من الدول العربية يمثل (جيش السلطة)، فهناك صورة أخرى تتمثل في (سلطة الجيش)، عندما يشق الجيش عصا الطاعة على السلطة فيعلو عليها، ومن هنا تأتي ظاهرة الانقلابات العسكرية، التي تُعرف بها المجتمعات العربية.

في الصورة الثانية، صورة (سلطة الجيش)، يتحول العسكريون إلى سياسيين ومدنيين، وحينها تظهر نخبة عسكرية حاكمة، أطلق عليها يزيد صايغ (جمهورية الضباط)، تقوم بإدارة السلطة على نحويْن وفقًا لعبد الإله بلقزيز: إما تديرها مباشرة من خلال حكم عسكري صريح، أو تديرها من وراء ستار من خلال وضع شخصية سياسية صورية في الواجهة، والإمساك بمفاتيح القرار من قبل الجنرالات الكبار الذين هم وحدهم أهل الحل والعقد. وفي الحالتين تعددت الأشكال والحُكْمُ واحد.

ونتيجة لمعادلة (جيش السلطة) أو (سلطة الجيش) في البلدان العربية، غابت دولة الحق والقانون، وتم القضاء على المؤسسات الدستورية وتكوينات المجتمع المدني، كما تم تغييب وتهميش النخب السياسية والفكرية التي تناضل لتعميم الروح الديمقراطية وتعميقها، بالإضافة إلى منع أو محاصرة المنظمات والنقابات وإفشال الأحزاب السياسية في كل ميادين الحياة. ونتيجة لتدخل الجيش في مناحي الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية في البلدان العربية ستظل علاقة الجيش بالمجال السياسي علاقة مضطربة وقائمة، تعمل عملها في تصدّع المجال السياسي العربي، حتى نجاح حركة البعث والنهضة والتقدم في هذه المجتمعات في استيلاد دولة مدنية حديثة.

أمام مراكز القوى لدى الدولة العميقة (الجيش والمال والإعلام) فشلت الأحزاب السياسية الإسلامية الحاكمة، وهذا الفشل كان نتيجة قوة ومكر الدولة العميقة، رافقه ضعف الأحزاب الإسلامية عندما سلمت حبل مشنقتها لهذه القوى، سواء أدركت هذا الأمر أم لم تدركه؛ فالأسباب متعددة والفشل واحد.

ديمقراطية العرب المقيدة

من أسباب تراجع هذه الأحزاب ديمقراطية العرب المقيدة، فالديمقراطية رغم أنها أفضل ما توصلت إليه التجارب البشرية لإدارة الصراع وحكم الجماهير، فإن ديمقراطية العرب ينطبق عليها قول الشاعر الأميركي أونجار بـ"الديمقراطية العاهرة".

جاءت الديمقراطية إلى المنطقة العربية بقرار سياسي وتفضل سلطوي وفي سيطرة شبه مطلقة للنخب الحاكمة المستبدة على الساحة الديمقراطية، فلم تكن قناعة جماهيرية كحال الغرب، حيث سبق النهج الديمقراطي حركة تنوير واسعة وشاملة، مهدت الطريق في ما بعد للأنظمة الديمقراطية التي تطورت في كنفها حقوق المواطنة، وبالتدريج حتى أن وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم من رقي وتحضر. وبالتالي فالديمقراطية العربية لن تؤتي ثمارها وأكلها حتى تتجسد في الوعي كثقافة قبل أن تكون أداة سياسية، بمعنى أن تكون نابعة من الأسفل إلى الأعلى، ومن القاعدة إلى الهرم، لا العكس.

من أسباب تراجع هذه الأحزاب ضعف الممارسة السياسية، فكانت متوسطة التدريب على معالجة قضايا وأوضاع معقدة، فهي أحزاب نشأت بدوافع دعوية بالأساس، وتطورت تدريجيا نحو السياسة، حتى جاءت أحداث الربيع العربي وما رافقها من صعود ملاحظ لهذه الأحزاب من خلال قاعدتهم الجماهيرية العريضة، وفجأة وجدوا أنفسهم في كراسي الحكم وقبة البرلمان، وانبعثت من تحت الركام -كما يقول جاسم سلطان- عارية الصدر في وجه تحديات جسام

ربما انخدعت الأحزاب السياسية الإسلامية ببريق الديمقراطية العربية التي ما آمن بها المستبدون إلا لاحتكارها وبأدوات دستورية وديمقراطية لتجديد ولايات عديدة لهم في الحكم، بل يتعدى ذلك إلى توريث الحكم، سواء لمن هو من نَسْل الرئيس، وإن تعذر ذلك -كما في بعض الحالات- فلا بأس أن يكون المرشح للخلافة من ذوي القربي، كي يبقى "لآل بيت" الرئيس مكان محفوظ في مركز الدولة. وإذا خرج هؤلاء المتسلطون والمستبدون من "نافذة" الثورة، عادوا من "باب" الدولة العميقة والثورة المضادة.

فتوغل الدولة العميقة وتجذر الاستبداد في مفاصل الدولة لم يكن في حسبان الأحزاب الإسلامية الحاكمة، أو لم تتعامل مع ذلك بحجمه الطبيعي، فحكمت من دون حكم، وتسلطت من دون سلطة، فلم تملك من قرارها شيئا؛ فلا الإعلام بيدها ولا الجيش ولا المال، على العكس تمامًا فقد ورثت جيشا انقلب عليها، وبنكا مركزيا من دون احتياطي، وإعلاما من دون سيطرة، بل إنه موجه ضدها، وانتخابات مزورة، وانسدادا للأفق السياسي.

ضعف الممارسة السياسية

من أسباب تراجع هذه الأحزاب ضعف الممارسة السياسية، فكانت متوسطة التدريب على معالجة قضايا وأوضاع معقدة، فهي أحزاب نشأت بدوافع دعوية في الأساس، وتطورت تدريجيًا نحو السياسة، حتى جاءت أحداث الربيع العربي وما رافق هذه الأحداث من صعود ملاحظ لهذه الأحزاب من خلال قاعدتهم الجماهيرية العريضة، وفجأة وجدوا أنفسهم في كراسي الحكم وقبة البرلمان، وانبعثت من تحت الركام -كما يقول جاسم سلطان- عارية الصدر في وجه تحديات جسام.

رجل السياسة لا تكفي مواصفاته الشخصية واستعداده النفسي، وإنما يحتاج إلى تدريب سياسي محترف، وبيئة سياسية وأنماط قيادية. ويتقن جوهر اللعبة السياسية (ممارسة القوة والسلطة والنفوذ)، ولديه خلفية في سيكولوجية الجماهير وثقافة المجتمع، وبناء العلاقات المحلية والإقليمية والدولية. مع تأكيد أن حسن النوايا قد يجر إلى الهزائم المتتالية إن لم يحسن رجل السياسة استخدام قواعد اللعبة. فرغم أن الحسين بن علي رضي الله عنه كان يمتلك النية الحسنة فإن الهزيمة لحقته ومن معه، ووقع في خطأ منهجي في تقديره لاستعداد أتباعه في العراق وقوتهم. وكم من حزب سياسي إسلامي أحسن النية في بعض الشخصيات وكانت النتائج كارثية، وعلاقة حزب الإصلاح اليمني مع الرئيس عبد ربه منصور هادي شاهدة على ذلك، حاولوا من خلال الاصطفاف معه المحافظة على الشرعية السياسية والوحدة الوطنية، فضاعت الشرعية والوحدة والبلاد وتهشم جسد الحزب، ونموذج حسن نية محمد مرسي في عبد الفتاح السياسي شاهدة على ذلك، وأيضًا حركة النهضة مع قيس سعيّد عندما تم الاصطفاف معه في الجولة الثانية من انتخابات 2019م.

فضعف الأداء السياسي للأحزاب الإسلامية أفقدها الكثير من جماهيرها، وتراجع شعبيتها، هذا التراجع تم استغلاله من قبل الحوثيين في اليمن ضد حزب الإصلاح، كما استغل المخزن في المغرب تراجع شعبية العدالة والتنمية، ومثله حصل في تونس؛ فقيس سعيّد لا يملك القوة التي تمكنه أن يقف أمام النهضة، لولا أنه استغل تراجع النهضة ليتقوى بهذا التراجع على النهضة نفسها.

هذا الضعف رافقه مكر الليل والنهار من قبل الدولة العميقة، فالمخزن في المغرب مثلا لديه تجربة كبيرة لا يستهان بها في ترويض الأحزاب، وهي تجربة قوية يمكن أن يفوز حزب ليس له رصيد نضالي حقيقي وعمره السياسي يتجاوز 10 السنوات بقليل (الأصالة والمعاصرة نموذجا). ومن هذا المكر يمكن أن تقدم الدولة العميقة هدايا مسمومة للأحزاب على شكل ملفات تكون سببًا في قتلها أو مرضها.

تلك أبرز الأسباب التي أدت إلى تراجع الأحزاب الإسلامية، وهذا لا يعني عدم وجود غيرها في بنية هذه الأحزاب، فهناك إضافة إلى ما سبق إشكالات إدارية تنظيمية وإشكالات في اختيار المرشحين ومركزية القرار، واختلافات تصل إلى حد الصراع والتراشق الإعلامي بين كوادر هذه الأحزاب ولم يتم احتواؤها، وغير ذلك من الأسباب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.