آن لنا أن نُخرس الأصوات المثيرة للكراهية

no more muslims

بعد مشاهدته فيلم "صناعة الإسلاموفوبيا"؛ كتب أندريه كارسون -وهو نائب في مجلس النواب الأميركي عن مقاطعة إنديانا السابعة- مقال الرأي التالي حصرياً للجزيرة:

ينزع البشر فطرياً نحو القبَـلية؛ فنحن ننتسب بشكل طبيعي إلى من هم على شاكلتنا، إلى من يفكرون مثلنا أو يعيشون كما نعيش. وهذا الأمر ما زال البشر يفعلونه اليوم كما كانوا يفعلونه قبل آلاف السنين.

ولكن في مجتمع اليوم المتداخل والمترابط؛ علينا أن ندرك أن كون الإنسان ينتسب إلى عرق بعينه، أو إلى دين ما، أو إلى ميول جنسية محددة، أو وضع اجتماعي واقتصادي معيَّن؛ لا يعني أنهم يتفقون مع من يشتركون معهم في نفس هذه الخواص.

لا أعرف كل مسلم، ولا أرتبط بكل أميركي من أصول أفريقية، ولا أتفق مع كل واحد من مواطني إنديانا؛ فحينما نحتفل بالتنوع -الذي نعيشه في أميركا- ينسى كثير من الأميركيين حقيقة أننا توجد بيننا فروق واضحة، حتى ضمن جماعاتنا المتعددة والمتنوعة.

علينا أن نتأمل فيما هو متشابه بين المنظمات الإرهابية في الخارج وجماعات الكراهية داخل أميركا؛ فكلاهما يدعو إلى كراهية أولئك الذين يختلفون عنهم، وكلاهما يستخدم الخوف لجذب الأتباع ونشر ما لديه من رسائل، وكلاهما يرى العنف وسيلة لتحقيق أهدافه

وسوء الفهم هذا يستغله أناس كريهون تجدهم في كل مكان حول العالم -من "داعش" إلى جماعات الكراهية والعداء للمسلمين داخل الولايات المتحدة.

ولكن، وفي خضم التغطية المستمرة على مدار اليوم والليلة لأخبار الجماعات الإرهابية فيما وراء البحار؛ نتغاضى بسهولة عن الكراهية التي توجد قريباً منا داخل حديقتنا الخلفية.

ينبغي علينا أن نتأمل فيما هو متشابه بين المنظمات الإرهابية في الخارج وجماعات الكراهية داخل أميركا؛ فكلاهما يدعو إلى كراهية أولئك الذين يختلفون عنهم، وكلاهما يستخدم الخوف لجذب الأتباع ونشر ما لديه من رسائل، وكلاهما يرى العنف وسيلة لتحقيق أهدافه.

ومع ذلك؛ تجد أن الناس الذين يخافون من مجموعات المتشددين المسلمين -الذين يسيرون مدججين بالسلاح في المدن الأجنبية- كثيراً ما يخفقون في رؤية ما يتشابه به هؤلاء من مواصفات مع مجموعات من الرجال في أميركا، يرتدون تجهيزات الشغب ويحملون المشاعل والسلاح في شوارع أميركا.

ورغم تباين معتقداتهم؛ فإن لدى تنظيم القاعدة مما يشترك فيه مع مليشيات القوميين البيض أكثر بكثير مما تشترك فيه مع الجمهور العريض لعائلات المسلمين وعائلات البيض في أميركا.

لقد آن لنا أن ننظر إلى جماعات الكراهية ليس بناءً على ما ينتسبون إليه من عقائد أو قوميات أو أوطان، وإنما بناءً على ما يستخدمونه من أساليب في استغلال خوف الخائفين وجهل والجهلاء؛ فهذه هي السمة الحقيقية للإرهاب.

لا شك في أن الخوف من العنف أمر طبيعي، وخاصة بعد رؤية سنوات من التغطية التي لا تنتهي لأخبار الإرهاب. ولكن المنظمات التي تدفع باتجاه التعصب والعنصرية ضد المسلمين هنا في أميركا (مثل: اعمل لأجل أميركا ومركز السياسات الأمنية)؛ يعملون على تضخيم ما لدى الناس من مخاوف وينددون بدين بأكمله.

ينبغي علينا ألا نخطئ فهم ما يجري، فهؤلاء لديهم من الإستراتيجية ومن السلاح ما ينافسون به كل جماعات الكراهية في العالم؛ فبدلاً من المدافع والقنابل تراهم يستخدمون المساهمات السياسية والقنوات التلفزيونية الإخبارية، لإثارة الشك والقلق داخل المجتمع.

وتجدهم يقولون عن الشريعة ما ليس فيها ويفترون على المسلمين أنهم يتعاطفون بشكل عام مع الإرهاب، ويستخدمون من الأساليب ما يمكّنهم من التأثير على صناعة القرار في أعلى مستويات الحكم. وضحاياهم موجودون في عالم الواقع.

آن لنا أن نُخرس الأصوات التي تثير الكراهية؛ فهؤلاء ما كان ينبغي أن يظهروا على شاشات تلفزيوناتنا، ولا أن تنبعث أصواتهم من إذاعاتنا، ولا أن يسمح لهم بالترويج للكراهية داخل فصول الدراسة، أو من داخل أروقة الحكم

فمع ارتفاع وتيرة الخطاب المعادي للمسلمين والمعادي للهجرة؛ شهدت أميركا ارتكاب المئات من جرائم الكراهية ضد المسلمين عام 2017، بما يمثل زيادة مضاعفة عما كان عليه الحال من قبل.

عندما يصاب شخص بجروح، أو عندما يلقى شخص مصرعه في هجوم عنصري؛ فإنه يمكن -بل ويجب- ربط ذلك بدعاية الكراهية التي تنشرها جماعات الكراهية المنظمة هذه. ولو أن هذه الحوادث تقع بأماكن أخرى من العالم لسارعنا إلى وصم هذه العنصرية وهذا العنف بالإرهاب، وآن لنا أن نفعل نفس الشيء هنا داخل الولايات المتحدة.

نحن بحاجة لأن ننحّي جانباً قبليتنا، وأن نضع اليد على مواطن التشابه الحقيقي فيما بيننا؛ فمعظمنا يكدح بجد ليوفر لنفسه سبل العيش، ونحب عائلاتنا ونبذل قصارى جهدنا لنربي أطفالنا ونوفر لهم نشأة جيدة وحياة كريمة.

إننا نريد أن تكون الشوارع والطرقات آمنة تنعم فيها مجتمعاتنا بالأمن والسلام. ولا يختلف في هذه المواصفات البيض عن السود، ولا المسلمون عن اليهود أو النصارى؛ بل الكل في ذلك سواء.

أنا كمسلم لا أعتبر الرجال الذين يلوّحون بالبنادق ويرفعون الرايات السود جزءاً من ديني، وأجدني أكثر اقتراباً من جيراني وأشترك معهم في الكثير، بغض النظر عن الانتماء الديني؛ فأنا وهم نشترك في القيم والمصالح، حتى ولو كنا نصلي كل بطريقته.

آن لنا أن نُخرس الأصوات التي تثير الكراهية؛ فهؤلاء ما كان ينبغي أن يظهروا على شاشات تلفزيوناتنا، ولا أن تنبعث أصواتهم من إذاعاتنا، ولا أن يسمح لهم بالترويج للكراهية داخل فصول الدراسة، أو من داخل أروقة الحكم. دعونا نصمّ آذانَنا عن أصوات الكراهية المنبعثة من أفواههم، ولنعمل معاً لبناء بلد أفضل يسوده الوئام والتسامح.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.