فريق ترمب الجديد للأمن القومي.. هل سيكمل المهمة؟

epa06571524 US President Donald J. Trump delivers remarks during a meeting with bipartisan Members of Congress to discuss school and community safety in the Cabinet Room of the White House in Washington, DC, USA, 28 February 2018. EPA-EFE/SHAWN THEW

إن تغيير الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخير للحكومة (استبدال مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق مايك بومبيو بوزير الخارجية ريكس تيلرسون، واستبدال الدبلوماسي المتشدد جون بولتون بمستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر)؛ يمثل نقطة تحول رئيسية في أولويات ومواقف الأمن القومي الأميركي. وهذه الممارسة سترفع درجة الخطر في العالم.

بعد أكثر من عام من الدراما شبه اليومية؛ بدأ العالمُ التأقلمَ مع الوضع الراهن لإدارة ترمب، الذي يتضمن هجمات متكررة على القادة الأجانب والعلاقات مع الحلفاء المقربين. وبدءًا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل؛ أدرك حلفاء أميركا -وخاصة في أوروبا- أنه لم يعد بإمكانهم الاعتماد على الولايات المتحدة كشريك.

ونتيجة لذلك؛ عمل القادة السابقون -بشكل متزايد- من أجل تخفيف آثار القرارات الأحادية الصادرة عن إدارة ترمب، والتي أدى كثير منها إلى تقويض التعاون العالمي بشكل مباشر.

أظهر كل من بومبيو وبولتون أن بإمكانهما التواصل مع ترمب، وهذا ليس بالأمر السهل بالنسبة لرئيس ما زال -وهو في عامه الرئاسي الثاني- غير قادر على إقامة علاقة قوية مع فريق الأمن القومي. لكن لم يُبدِ أي منهما القدرة على التعامل مع الأزمات، ناهيك عن وقف المزيد من التراجع في القيادة الأميركية العالمية

والجدير بالذكر أنه في ظل قيادة ترمب، انسحبت الولايات المتحدة من الشراكة عبر المحيط الهادئ، وشراكة التجارة والاستثمار العابرة للمحيط الأطلسي، وهما مبادرتان تساعدان في تعزيز القيادة العالمية للولايات المتحدة، لو لم تكن إدارة ترمب تصر على معاملة هاتين الاتفاقيتين على أنهما مؤامرتان من الدول الصغيرة ضد الولايات المتحدة.

وفي الآونة الأخيرة؛ ضاعف ترمب جهوده في تفعيل هذا النهج، معلناً فرض رسوم جمركية مرتفعة على منتجات الألمنيوم والصلب، وقد حصلت بعض هذه الدول على إعفاءات مؤقتة في حين أن اليابان لم تفعل ذلك. ولم يكن هذا يبشر بالخير بالنسبة لشينزو آبي رئيس الوزراء الياباني، الذي لم يستطع الانتظار لتهنئة إدارة ترمب.

ورغم أن آبي يمكنه في النهاية إصلاح أساسه السياسي بشأن مسألة التعريفات الجمركية، إلا أنه سيكون أكثر حذراً بشأن التعاون بين اليابان والولايات المتحدة في المستقبل.

وبينما يستمر الوضع في التقدم؛ يواصل تيليرسون وماكماستر النضال للحفاظ على الوضع العام. إن الحياء والغرور هو مزيج مدمر بالنسبة لوزير الخارجية، ولكن هذا بالضبط ما أثبته تيلرسون الذي نادراً ما كان يقضي يوما جيدا في العمل.

وعلى نحو مماثل؛ بدا أن ماكماستر -وهو بديل متهور لسلفه مايكل فلين لكنه مرحَّب به- يراقبه باستمرار، حيث لم يكن قادرا على التواصل مع الرئيس ترمب، أو إدارة الديناميات المشتركة بين الوكالات الحكومية (داخل الإدارة).

وعلى النقيض من ذلك؛ أظهر كل من بومبيو وبولتون أن بإمكانهما التواصل مع ترمب، وهذا ليس بالأمر السهل بالنسبة لرئيس ما زال -وهو في عامه الرئاسي الثاني- غير قادر على إقامة علاقة قوية مع فريق الأمن القومي. لكن لم يُبدِ أي منهما القدرة على التعامل مع الأزمات، ناهيك عن وقف المزيد من التراجع في القيادة الأميركية العالمية.

إن الحصول على منصب وزير الخارجية -وهو أرفع منصب في الحكومة- خطوة هامة بالنسبة لبومبيو، الذي عمل ست سنوات في مجلس النواب قبل توليه إدارة وكالة الاستخبارات المركزية؛ فقد كان يمثل الدائرة الرابعة في الكونغرس بولاية كانساس.

سمع معظمُ الأميركيين عن بومبيو لأول مرة عام 2015، عندما كان مسؤولاً عن التحقيق في دور وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في وفاة السفير الأميركي ببنغازي في ليبيا.

وفي حين أن هذا الأداء يمكن أن يشير إلى وجود مخاوف مرحب بها بشأن أمن الدبلوماسيين الأميركيين في الخارج، إلا أنه يشير أيضًا إلى نهج مسيّس للأمن وصنع القرار، وهو ما انعكس أيضًا في فترة حكم بومبيو في وكالة الاستخبارات المركزية.

أما بالنسبة لبولتون؛ فقد عُيّن عضوا سياسيا في العديد من الحكومات، وترك بصمته كعدو رئيسي للوكالات الحكومية غير التقليدية، التي وصفها مسؤولو إدارة ترمب الآن بأنها جزء من "الدولة العميقة"، متهمين بشكل منتظم هؤلاء المهنيين -وكذلك الدبلوماسيين- باتباع سياسة "الاسترضاء".

قد يقوم الرئيس بخدع سحرية من وقت لآخر؛ لكن هذه الخدع تكون ممكنة فقط عندما يقوم الدبلوماسيون (وذلك يحدث عادة بقيادة مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية) بإعداد دعائم لكي ينجح البرنامج. ليس من الواضح ما إن كان بومبيو وبولتون يستطيعان إكمال هذه المهمة؛ ولكنّ هناك أمرا واحدا واضحا: سيتعين علينا الاعتماد على الأمل وليس الخبرة

ورغم كونه بيروقراطياً متعصبا؛ فإن بولتون حقق العديد من الإنجازات. ويُنظر عمومًا إلى مبادرته الأمنية لمكافحة الانتشار النووي -التي أُطلقت أثناء إدارة الرئيس جورج بوش الابن– على أنها نجاح دبلوماسي ساعد في تعزيز التعاون الدولي. ولكن بشكل عام، أظهر بولتون نفسه بوصفه صقرا في السياسة الخارجية مع تفضيل قوي للأحادية.

مع ظهور أزمة كوريا الشمالية؛ لن يضطر العالم إلى الانتظار طويلاً لمعرفة كيف تترجم ميول بولتون وبومبيو إلى أفعال. إذ من المتوقع أن يبدآن وظائفهما الجديدة في الفترة التي تسبق قمة ترمب المتوقعة مع كيم جونغ أون، وهذا نتيجة لقرار ترمب المفاجئ والأحادي.

وعلاوة على ذلك؛ رفض عدد من أعضاء الحزب الجمهوري -الذين يشككون في الدبلوماسية ويعتبرون بولتون زعيما لهم- لقاء ترمب مع كيم جونغ أون، معتقدين أن التحدث مع الدكتاتوريين مجرد مضيعة للوقت، وهو في النهاية بمثابة لعبة في أيدي الأوتوقراطيين.

وحتى أولئك الذين يدعمون الدبلوماسية بشكل فطري لديهم شكوك جدية بهذا الشأن، لأنه إذا فشلت مناورة ترمب -مع غياب المزيد من الإجراءات الدبلوماسية- فإن الحلول العسكرية ستصبح الخيار الوحيد.

قد يعتقد بولتون وبومبيو أن أفضل نتيجة هي أن يُعقد الاجتماع في موعده المحدد، مع غوغاء ترمب الغاضب. ومع ذلك، وبسبب عدم وجود بدائل مجدية حقا؛ فإن معظم الناس لا يريدون تحقيق نتائج سلبية.

من المؤكد أن هذا لا يتماشى مع رغبات ترمب، لأنه لا يستطيع الانتظار حتى يثبت للعالم الخارجي أنه من الحكمة قبول اجتماع كيم. ولذلك؛ فإن درجة تأييد بومبيو وبولتون للمبادرة لن تؤثر فقط على القمة نفسها، بل سيكون لها تأثير بعيد المدى على رئاسة ترمب.

بالاستعداد الكامل للقمة مقدما يمكننا فقط أن ننجح؛ فهل يرغب بولتون في التعامل مع القادة الكوريين الجنوبيين -الذين غالباً ما ينتقدهم- لتنسيق الموقف بين أميركا وبلادهم؟ وهل سيعمل هو وبومبيو مع الصينيين لإيجاد نموذج للتعاون الفعال؟ وهل هذان المسؤولان مستعدان للقاء الكوريين الشماليين قبل القمة لضمان نتيجة إيجابية؟

قد يقوم الرئيس بخدع سحرية من وقت لآخر؛ لكن هذه الخدع تكون ممكنة فقط عندما يقوم الدبلوماسيون (وذلك يحدث عادة بقيادة مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية) بإعداد دعائم لكي ينجح البرنامج. ليس من الواضح ما إن كان بومبيو وبولتون يستطيعان إكمال هذه المهمة؛ ولكنّ هناك أمرا واحدا واضحا: سيتعين علينا الاعتماد على الأمل وليس الخبرة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.