عقيدة أوباما واللامبالاة الأميركية تجاه العالم العربي

تصميم للمعرفة - عقيدة أوباما واللامبالاة الأميركية تجاه العالم العربي

 undefined

عقلية أوباما
منظور أوباما
في الداخل والخارج
واقعية سياسية

قد يكون لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما بعض المخاوف حيال النمو المطرد لتنظيم القاعدة، ولكن إذا استعرضنا المواقف والبيانات الأميركية في الفترة الماضية، فسنجد أن أوباما ليس في حالة تأهب كما يجب بالرغم من تصاعد صيحات الجهاد التي ما فتئت الحركات الجهادية تطلقها من كافة أصقاع الأرض.

وإذا أجرينا مسحا جغرافيا لتمدد الحركات المرتبطة بتنظيم القاعدة، فسنجد أن هذه الحركات أصبحت تتحكم بمساحات أكبر من الأرض، ولها تواجد ظاهر وملموس في رقعة شاسعة تمتد من المحيط الأطلسي حتى المحيط الهندي صعودا إلى منطقة القوقاز في أعالي قارة آسيا وعلى تخوم أوروبا.

ولا شك أن هذا التمدد قد جعل تلك التنظيمات أكثر سطوة وجعل أطروحاتها أكثر وقعا على نوع معين من الجماهير، إلا أن كل ذلك لا يبدو أنه يشكل مصدر إزعاج حقيقي لأوباما، حتى بعد أن ثبت بطلان وسذاجة تنبؤات إدارته بانهيار تنظيم القاعدة.

أصبحت الحركات المرتبطة بتنظيم القاعدة تتحكم بمساحات أكبر من الأرض، ولها تواجد ظاهر وملموس في رقعة شاسعة تمتد من الأطلسي حتى الهندي، صعودا إلى منطقة القوقاز في أعالي قارة آسيا وعلى تخوم أوروبا

ولا تبدو على الرئيس علامات القلق الشديد لحقيقة ماثلة على الأرض، وهي أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، أصبح اليوم وبعد ثلاث سنوات من انسحاب القوات الأميركية من العراق يسيطر على مدن وبلدات بكاملها في كل من العراق وسوريا.

كما لا يبدو أن الرئيس متأثر بالفظائع التي ترتكب في سوريا ومعاناة أهلها، والتي تلقي بظلالها على الوضع في عموم المشرق العربي ومحيطه.

الأدهى من ذلك، أن أوباما أشاح بوجهه عن ما آل إليه الوضع السياسي في العراق، حيث تتداعى العملية السياسية التي هندستها واشنطن هناك وعاد العنف ليسود المشهد ثانية.

حوالي عشرة آلاف قتيل كانت حصيلة العنف في العراق العام الماضي. كما أنه لا يريد التدخل في سوريا عسكريا، رغم تداعيات الأزمة هناك على البلدان المجاورة، ورغم الضغط الداخلي والدولي عليه ليتدخل بقوة.

وإذا كان أحدنا يعتقد أن ردة فعل سوف تصدر عن البيت الأبيض لتدخل إيران وحزب الله العسكري في سوريا دعما للرئيس السوري بشار الأسد، فعليه أن يتوقف ويفكر مليا.

الكونغرس الأميركي فوض أوباما ليوجه ضربة عسكرية للنظام السوري لاستعماله السلاح الكيميائي ضد أبناء شعبه، إلا أن الرئيس تراجع في اللحظة الأخيرة لصالح مبادرة دبلوماسية تقضي بنزع ترسانة الأسد الكيميائية.

اليوم، هو يحاول العمل من خلال حلفاء الأسد وليس ضدهم، سعيا للتوصل إلى حل في ذلك البلد المدمر تدميرا.

والحال ذاته ينطبق على مصر، حيث قرّر أوباما أن ينأى بنفسه عن ما يحدث. وبعد تردد طويل قرر أن ما حدث للرئيس المصري المعزول محمد مرسي كان انقلابا، إلا أن ذلك لم يكن ليدفعه ليضغط بشكل جدي على الفريق عبد الفتاح السيسي ليتراجع عن ما هو ماض فيه.

وبناء على ما تقدم، يطرح السؤال التالي نفسه بقوة، ما الذي يفسر انعزال أوباما وعدم تحمسه لتكون له كلمة في ما يحدث من عنف يجتاح المنطقة العربية؟ ولماذا يبدو الرئيس في فترته الثانية، مكبل اليدين رغم عدم وجود ما يقلق بشأنه حول الانتخابات القادمة، فهو لا يستطيع الترشح فيها بعد أن ربح ولايتين متتاليتين؟

عقلية أوباما
عندما ينظر معجبو الرئيس أوباما إليه، فهم يرون رئيسا واعيا وعلى درجة من المعرفة. أنه قائد منظم وصبور، ويتمتع بقدرة على الحفاظ على رباطة جأشه في مواجهة تحديات الجغرافيا السياسية، إنه على النقيض من سلفه الأهوج.

أما منتقدوه فهم يرون فيه رئيسا فشل في تطبيق ولعب دور "القوة العظمى الأوحد في العالم" في أوقات الأزمات والتحديات التي تواجه المصالح الأميركية وحلفاء واشنطن وشركاءها التجاريين.
وبين المعجبين الذين لا يرون في رئيس السلطة أي خطأ، وبين المنتقدين الذين لا يرون فيه إلا الأخطاء، يكمن قصر البصر لكلا الفريقين.

وعندما يستعرض أوباما الأحداث بنفسه، فإنه يعي أن الخيارات التي يواجهها ليست سهلة، وهو غالبا ما يتعرض للتضييق من أولئك الذين لا يدركون تعقيدات الجغرافيا السياسية الجديدة التي تواجهها أميركا.

أوباما لا يرى نفسه رئيسا عقائديا، بل رئيسا يحمل قيما معينة ويريد أن ينصب أمام عينيه أهدافا يريد تحقيقها.

وبين المثالية والواقعية، ينظر إلى أوباما على أنه شخصية سياسية تتمتع بالقدرة على تشخيص القضايا كل على حدة في العمل، وتتجنب التعميم في التهديدات التي تطلقها، كما أنه لا يتبع إستراتيجيات فضفاضة الأهداف.

بين المثالية والواقعية، ينظر إلى أوباما على أنه شخصية سياسية تتمتع بالقدرة على تشخيص القضايا كل على حدة، وتتجنب التعميم في التهديدات التي تطلقها، كما أنه لا يتبع إستراتيجيات فضفاضة الأهداف

وطبقا لوزير دفاعه السابق روبرت غيتس، فإن رئيس الأركان المشتركة أوباما لم يظهر لا تعاطفا ولا اقتناعا بحرب أفغانستان، حتى بعد تبنيه قرار إرسال التعزيزات العسكرية المتمثلة بآلاف العسكريين الأميركيين إلى هناك.

من جهة أخرى، فمنذ توليه الرئاسة، وعلى عكس ما صرح به في القاهرة عام 2009 بأن "أميركا سوف تدافع عن نفسها، وتحترم سيادة الدول الأخرى وسيادة القانون"، فإن الرئيس أوباما قد دأب على حرب القاعدة والتطرف العنيف -وهي عملية لم يعد يشار لها "الحرب على الإرهاب"- باستخدام سلاح مثير للجدل، الطائرات بدون طيار، ولم يلجأ لإرسال أي قوات مقاتلة.

إن هذا السلاح الذي اختير بعناية وعن قصد، له جوانب قد تخرق القانون الدولي، وتخرق سيادة الدول، ويتسبب في مقتل المدنيين، وكل ذلك باسم محاربة أميركا لأعدائها.

وبوصفه شخص يمعن التفكير في تفاصيل قراراته، فإن الرئيس الأميركي يدرك تكلفة الجوانب المثيرة للجدل في إستراتيجيته "الاغتيالات المبرمجة"، ومع ذلك فهو مصمم على أنها وسيلة أمثل من تلك التي اتبعها سلفه لمواجهة التحديات التي تتربص بالأمن القومي الأميركي: الحرب.

منظور أوباما
منذ انتخابه عام 2008 كان أوباما على الدوام مترددا في استخدام القوة العسكرية الأميركية حصرا لفض النزاعات أو إيجاد حل للأزمات الإنسانية الناتجة عن الكوارث في بقاع مختلفة من العالم.

إنه القائد الأعلى للقوات المسلحة. قائد يفهم ويدرك حدود قوة أميركا العسكرية في فض النزاعات السياسية، ويصر أن على واشنطن العمل مع الآخرين كلما سمح الوضع بذلك، وأنه لا يجب اللجوء إلى العمل الأحادي إلا عندما يكون ذلك هو الملاذ الأخير الذي لا مناص منه.

ولكن إذا تمعنا في نهج الرئيس، فسنجد أنه لم يكن ملتزما بخطته الأصلية في هذا السياق، وأن نهجه تضمن تذبذبا عندما يتعلق الأمر بالنزاعات في منطقة غرب آسيا أو ما يطلق عليه الأميركيون "الشرق الأوسط الكبير".

لقد أنهى الانسحاب الأميركي من العراق. وبعد فشل الأهداف التي أرسلت من أجلها التعزيزات إلى أفغانستان، ألزم نفسه بسحب كافة القوات الأميركية من ذلك البلد في نهاية العام الجاري، باستثناء قوة من عشرة آلاف فرد، ستبقى ربما لسنتين أخريين.

وانطلاقا من تلك المبادئ فقد ظل أوباما ملتزما بانفتاحه الدبلوماسي على إيران انطلاقا من خطابه بمناسبة تدشينه منصبه الذي قال فيه "إلى أولئك الذين يتشبثون بالسلطة عن طريق الفساد والخداع وإسكات المعارضين، فأعلموا أنكم في الجانب المظلم من التاريخ، ولكننا سنمد يدنا إليكم إن قررتم إرخاء قبضتكم".

وبعيد انتهاء ولاية الرئيس الإيراني المتشدد محمود أحمدي نجاد وتولي خلفه حسن روحاني السلطة، سرعان ما توصل أوباما إلى اتفاق انتقالي مدته ستة أشهر حول برنامج إيران النووي، والذي من شأنه أن يكون فاتحة لفصل جديد في العلاقات الإيرانية الأميركية للمرة الأولى منذ تولي رجال الدين السلطة في إيران عام 1979.

وبالانتقال إلى الربيع العربي، فإن أوباما البراغماتي شعر بابتهاج وتفاعل كبيرين مع بزوغ فجر الثورات العربية، ودعا كلا من الرئيس المصري حسني مبارك والعقيد الليبي معمر القذافي والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وبشار الأسد إلى التنحي عن السلطة معتبرا أن ليس لهم مكان في مستقبل بلدانهم الثائرة.

إلا أن أوباما الذي يمكن أن نصفه بأنه رجل كل الفصول، بردت همته عندما حمي الوطيس في الشارع العربي. وحالما أطلت الثورات المضادة برأسها في كل من مصر وسوريا، تراجع أوباما وتقوقع في حالة معهودة من الحذر والترقب حتى قبل أن يهدأ غبار المواجهة في المنطقة.

وبلمح البصر، تحولت كل خطاباته ودعواته للحرية والعدالة إلى مجرد كلام، ليس إلا.

وفي خطابه المحوري في الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المنصرم، ركز أوباما على المنطقة العربية بشكل موسع ولكن من منظور عملي محض، حيث همّش قضية ترسيخ الديمقراطية في العالم العربي وأبرز بدل ذلك قضية محاربة الإرهاب وثلاثة مسارات أخرى: التوصل إلى حل بشأن الملف النووي الإيراني، وإيجاد حلّ وسط يخفف من وطأة الأزمة السورية، وإعادة إحياء "عملية السلام" المتعثرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
 

شعر أوباما البراغماتي بابتهاج وتفاعل كبيرين مع الثورات العربية، إلا أن أوباما الذي يمكن أن نصفه بأنه رجل كل الفصول، بردت همته عندما حمي الوطيس في الشارع العربي، وعاد للتقوقع عندما أطلت الثورات المضادة برأسها

إن أوباما يدرك جيدا أن الواقع يقول لنا أنه لا يستطيع أن يتوصل إلى حل نهائي في أي من المسارات الثلاثة، إلا أنه يأمل أن "يعبد الطريق" لتحقيق تقدم في المستقبل.

في الداخل والخارج
وتقول لنا الوقائع على الأرض أن سجل أوباما كرئيس، يظهر جليا بأنه سياسي متمرس، يعطي الأولوية للشؤون الملحة في الداخل، ويضعها قبل الشؤون الخارجية في سلم أولوياته.

وهو يدرك جيدا أن الولايات المتحدة أنفقت ما يقدر بخمسة تريليونات دولار على "الحرب على الإرهاب" في 12 سنة منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001، وهي كذلك مستمرة في اعتماد ميزانية عسكرية ضخمة توازي ميزانيات دول العالم مجتمعة.

من جهة أخرى، هناك ميزانية في حالة تضخم مستمر ولا يعرف لها نهاية، ألا وهي الميزانية المخابراتية والاستخباراتية.

إن ذلك الإنفاق بالكاد أفاد الاقتصاد في شيء، فقد عانى اقتصاد الولايات المتحدة من أسوأ أزمة مالية في عقود، ولا يزال يعاني من ارتفاع عجز الميزانية والدين القومي الذي يكبر بسرعة مثل كرة ثلج.

كما أن ما تقدم يكشف عن عجز فظيع في موازنة واشنطن الأمنية، إذا أخذنا بنظر الاعتبار تضخم ونمو تنظيم القاعدة والتشكيلات المرتبطة به، سواء في الدول التي تعرضت لغزو أميركي أو خارجها.

وفي سلسلة مقابلات أجراها الصحفي ديفد ريمنك من صحيفة ذي نيويوركر مع الرئيس أوباما، قام الأخير بتقييم تضخم التهديد الذي تمثله القاعدة في العراق وأجزاء أخرى من العالم العربي والإسلامي، ويأتي ذلك التقييم بعد سنتين من ادعاء الرئيس بأن تنظيم القاعدة في حالة "انهيار".

قال الرئيس أوباما في إحدى تلك المقابلات "أعتقد أن هناك فرقا بين قدرات وإمكانيات بن لادن أو شبكة تنشط في التخطيط لأعمال إرهابية كبيرة، وبين جهاديين منخرطين في صراعات وخلافات حول السلطة وفي الغالب ذات طابع طائفي (…) إن رؤيتنا للإرهاب يجب أن تحدد على أساس أنه ليس بالضرورة أن يكون كل فعل شنيع يحدث في مكان ما من العالم ومدفوع بعقيدة إسلامية متطرفة، هو تهديد مباشر لنا أو أمر يجب أن ننخرط فيه".

ماذا يعني ذلك؟ إن ذلك ببساطة يعني إذا كان العرب والمسلمون يقتلون بعضهم البعض فلا بأس. إنه أمر يمكن التعايش معه وبعبارة أخرى وتبعا لمنطق محرف فإن قتل العرب والمسلمين لبعضهم ليس بالفظاعة الكبيرة، ولكن على شرط أن يبقى أولئك المتطرفون بعيدا عن أميركا.

واقعية سياسية
في واشنطن، تغيير الحال من المحال. ومن المحال أيضا تغيير ما دأبت عليه الولايات المتحدة في العالم العربي.

ربما هو ذو نوايا طيبة ومهنية، فإن باراك حسين أوباما يتبع الواقعية في السياسة الخارجية الأميركية، حيث يكون للمصالح القومية موقع متقدم على القيم والمثل.

لطالما أوحت خطاباته المنمقة بأكثر مما استطاع تقديمه، ربما لأنه اعتقد وآمن أن سحر الكلمات يمكن أن يشفي الجروح ويختم العقود.

ولكن لو أصغينا جيدا، لأمكننا أن نفرق ما بين السياسي ورجل العلاقات العامة في كلماته.

ربما أوباما ليس بخطّاء متطور، ولكنه أيضا ليس بالقائد المثالي الخيّر.

إن أوباما في سعي مستمر لإنقاذ سمعة أميركا كقوة عظمى، وحمايتها من الاندثار تحت حكم خلفه. بتقليص حجم الإمبراطورية، فإنه بذلك يساعد على إعادة بناء الجمهورية الأميركية ولتتعافى اقتصاديا وإستراتيجيا.

إن ذلك يعني أن توكل مهمة فرض نفوذ الولايات المتحدة لقوى إقليمية ووكلاء محليين.

فمثلا، لمواجهة النفوذ المتصاعد للقاعدة في العراق قام أوباما بمد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي -الذي يعد من جانب الكثيرين زعيم شيعي طائفي- بالتعزيزات العسكرية اللازمة ليواجه متطرفين سنة. معادلة مثالية لجلب الكوارث.

إن ما حدث ويحدث في سوريا، لهو إثبات آخر بأن مسلسل استخدام القيمين على القانون الدولي وقادة "المجتمع الدولي" للمآسي الإنسانية لأغراض الجغرافيا السياسية سوف يستمر

كما عملت إجارته مع الكونغرس على تعديل قانون يمنع تقديم المعونة لنظام عسكري قام بإزاحة قائد منتخب، وذلك لتتمكن إدارته من تقديم 1.5 مليار دولار من المساعدات للفريق السيسي وحكومته المعينة بدل المنتخبة في مصر.

مثل هذه الخطوات لا تكاد تتطابق مع أطروحات أوباما التي قالها في البداية، فمثلا قال في 21 مايو/أيار 2009: لأننا إذا تغاضينا عن قيمنا في سبيل الأمن، فسوف نعرض الاثنين للخطر".

وحتى في سوريا، حيث يرى أوباما أن لأميركا مستوى منخفضا من المصالح لا ترقى لدفعها للتدخل في ما يصفه هو بالنزاع الطائفي، فقد حدثتني قيادات علمانية سورية معارضة بأن الإدارة الأميركية تزودهم بما يكفي ليستطيعوا الصمود أمام بطش نظام الأسد ولكن ليس بما يكفي لإطاحته.

ولكن عندما واجهت الجنرال مايكل هايدن -الرئيس السابق للمخابرات المركزية الأميركية- حول فوائد السياسة الأميركية قال "إن جعل سنة متطرفين يقاتلون نظراءهم الشيعة قتالا حتى الموت بطريقة تستنفد طاقاتهم وتمنعهم من التركيز على الأهداف والأعداء الآخرين، لهو من وجهة نظر عملية، سياسة واقعية وليست سيئة (..) باستثناء أن ما شرحته لك الآن كهدف سياسي هو نتيجة غير مقبولة أخلاقيا".

نعم إنه من غير المقبول بل ومن القبيح أخلاقيا، خاصة إذا وضعنا حقيقة نصب أعيننا مفادها أن ما يحدث في سوريا تسبب حتى الآن بمقتل أكثر من مائة ألف إنسان وبتشريد الملايين.

إن ما حدث ويحدث في سوريا، لهو إثبات آخر بأن مسلسل استخدام القيمين على القانون الدولي وقادة "المجتمع الدولي" للمآسي الإنسانية لأغراض الجغرافيا السياسية سوف يستمر.

ولكن، مع وجود الطائرات والقواعد الأميركية والمساعدات العسكرية التي تتدفق على المنطقة، فإن القضية التي تطرح نفسها على القوة التي سمت نفسها "القوة العظمى الأوحد في العالم" ليست هل تتدخل أم لا؟ بل كيف تتدخل بشكل إيجابي بنّاء في البيئة المسممة التي خلقتها واشنطن نفسها طوال العقد المنصرم؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.