أرقام قياسية بالانتخابات البرلمانية المصرية

أرقام قياسيه بالانتخابات البرلمانية المصرية - الكاتب: ممدوح الولي



أسفر التحليل الإحصائي لنتائج الجولتين الأولى والثانية في الانتخابات البرلمانية المصرية عن ست ظواهر رقمية تثير الشك في نتائج الانتخابات. تشمل تجاوز الطاقة الاستيعابية للجان الفرعية. وضخامة الأصوات حيث حصل الكثيرون على أكثر من تسعين ألف صوت بصورة لا تتسع أماكن الاقتراع أو وقته لاستيعابها. والأرقام الضخمة التي حصلت عليها مرشحات الكوتة التي تجاوزت 600 ألف صوت لبعضهن.

والنسبة العالية التي حصل عليها البعض من إجمالي الأصوات الصحيحة وتجاوزت الـ90% للكثيرين. والتقارب الشديد للأصوات التي حصل عليها الفائزان في دائرة واحدة على مقعدي الفئات والعمال والمنتميين لنفس الحزب حتى وصل الفارق إلى أربعة أصوات فقط بإحدى الدوائر.

وتدني عدد الأصوات التي أهلت أصحابها للفوز في بعض الدوائر سواء خلال الجولة الأولى أو الثانية لتصل إلى حوالي 2000 صوت فقط. كذلك التناقض بين نسب الحضور بالمقارنة إلى أعداد المقيدين لتصل في ذروتها إلى 97% في دائرة المنتزه بالإسكندرية. بينما بلغت النسبة 4% فقط بالمنيل. مع تدني نسب الحضور بدوائر العاصمة مقابل ارتفاعها بدوائر المحافظات.

"
اللجان الفرعية لمركز فارسكور بدمياط البالغ عددها 160 لجنة تستوعب 35 ألف ناخب بافتراض ثلاث دقائق للناخب, فكيف حصل هشام عمارة بها بالجولة الأولى على 51 ألف صوت!
"

* وتشير الظاهرة الأولى إلى تجاوز الطاقة الاستيعابية للجان, من خلال تصور أنه بعد أن يتأكد الناخب من وجود اسمه بكشوف الناخبين في إحدى لجان التصويت، يتوجه إلى داخل اللجنة للتصويت، وعليه أن يمر بعشرة إجراءات قانونيه متتالية. تبدأ بتقديمه بطاقة الانتخابات وتحقيق الشخصية الخاص به إلى الموظف المختص باللجنة. ثم قيام الموظف بالتحقق من البطاقة الانتخابية ومن تحقيق الشخصية. ثم يقوم الموظف بالتأكد من وجود اسمه بكشوف الناخبين باللجنة والموجودة معه.

ثم يعطيه أحد أمناء اللجنة بطاقة سماوية بها أسماء المرشحات لمقعدي كوتة المرأة. ويقوم موظف آخر بجواره بإعطائه ورقه بيضاء بها أسماء المرشحين الآخرين. وعلى الناخب أن يتجه بالورقتين إلى خلف الستارة لاختيار من يراه بالورقتين. ثم على الناخب طي الورقتين وتسليمهما لرئيس اللجنة كي يضعهما في الصندوقين.

ثم يقوم الموظف بغرس إصبع الناخب في الحبر الفوسفوري. ثم يوقع الناخب أمام اسمه أو يبصم في كشفين أحدهما خاص بمقاعد المرأة والآخر خاص بالمقاعد العادية. ثم يقوم رئيس اللجنة بالتوقيع على بطاقة الناخب الانتخابية بما يفيد تصويته. ويلي ذلك قيام الموظف بالتوقيع أمام اسم الناخب بالكشف الموجود لديه بما يفيد بأنه قام بالتصويت.

وتحتاج تلك الإجراءات إلى ثلاث دقائق على أقل تقدير، فإذا كان وقت التصويت المتاح من الثامنة صباحا إلى السابعة مساء أي حوالي 660 دقيقة. بافتراض فتح اللجنة في موعدها وغلقها في موعدها. فإن قسمة الوقت المتاح على متوسط فترة تصويت الناخب الواحد تعني تصويت 220 ناخبا باللجنة، بافتراض عدم تعطل اللجنة بالمرة سواء لتناول الغداء أو للصلاة أو بسبب حدوث مشاكل أو لمرور مسؤولين أو لغير ذلك من الأمور الطارئة.

فإذا كان عدد اللجان الفرعية 44 ألفا و734 لجنة في متوسط 220 ناخبا للجنة. فإن الطاقة القصوى لاستيعاب اللجان تصل إلى 9 ملايين و841 ألف ناخب. بينما ذكرت البيانات الرسمية حضور أكثر من 14 مليون ناخب بالجولة الأولى!

وكمثال عملي فإن اللجان الفرعية لمركز فارسكور بدمياط البالغ عددها 160 لجنة تستوعب 35 ألف ناخب بافتراض ثلاث دقائق للناخب. في حين حصل هشام عمارة فيها بالجولة الأولى المزدحمة بالمرشحين على 51 ألف صوت. كذلك تبلغ اللجان الفرعية لمركز الزرقا بدمياط 193 لجنة تستوعب حوالي 42 ألف ناخب. بينما حصل الفائز علي العساس بها على 83 ألف صوت.

وهكذا شهدت الجولة الأولى -رغم كونها مزدحمة بالمرشحين بما يعني تفتت الأصوات بين المرشحين– أرقاما عالية بلغت 92 ألف صوت للوزير علي المصيلحى. و91 ألفا لماهر أمين ومثلها للوزير أمين أباظة. و87 ألفا لعبد القادر إبراهيم و86 ألفا لعاطف النمكي و82 ألفا لمحمد حرز الله. وهكذا حقق الكثيرون معدلات تجاوزت 70 ألف صوت بالعديد من الدوائر.

وبالطبع زخرت الجولة الثانية الأسهل في التصويت بأرقام عالية بلغت 103 آلاف صوت لمشهور عيسى. و99 ألفا لحسن سنجاب و98 ألفا لمحمد حماد و95 ألفا لهشام صلاح. وهكذا حقق 16 شخصا أكثر من سبعين ألف صوت لكل منهم. بخلاف من زادوا عن الستين ألف صوت.

** الظاهرة الثانية هي الأرقام الضخمة التي حصلت عليها مرشحات الكوتة رغم تعدد المرشحات بكل دائرة. ولكون التصويت يتم على مستوى المحافظة فإن سكان كل مركز سيفضلون المرشحة التي تنتمي إليهم جغرافيا كي يسهل طلب الخدمات منها.

"
الظاهرة الثانية في الانتخابات هي الأرقام الضخمة التي حصلت عليها مرشحات الكوتة رغم تعدد المرشحات بكل دائرة, وأيضا الفارق بين أصوات بعض المرشحات قليل وصل في بعض المرات إلى أربعة أصوات فقط
"

لكننا نجد الفائزة بمقعد المرأة بالشرقية المذيعة حياة عبدون تفوز بنحو 668 ألف صوت. وزميلتها فردوس هاشم تفوز بنحو 664 ألف صوت. فهل يمكن عمليا في ضوء ساعات التصويت المتاحة والبيروقراطية المصرية وانتشار الأمية بين النساء أن يقوم هذا العدد بالتصويت وأن يكون الفارق بين أصوات المرشحتين أربعة أصوات فقط رغم هذا العدد الضخم للأصوات.

وتكرر ذلك في نتائج مقاعد المرأة بالغربية، حيث حصلت نجلاء لطفي على 482 ألف صوت وسلوى عمارة على 409 آلاف صوت. وفي المنوفية سجلت فاطمة الشافعي 443 ألف صوت وبهيجة عبد الفتاح 411 ألف صوت. وفي البحيرة حيث حصلت عبير الزقم على 433 ألف صوت وأمل عبد الهادي على 418 ألف صوت.

وفي دكرنس حصلت راقية مسعود على 409 آلاف صوت. ووجيهة التابعي على 383 ألف صوت. وفي الفيوم حصلت عائشة عبد التواب على 370 ألف صوت وعزة حواس على 362 ألف صوت. وفي محافظة السادس من أكتوبر حصلت الدكتورة مؤمنة كامل على 351 ألف صوت ونرمين بدراوي على 345 ألف صوت. مع ملاحظه التقارب بينهما في الأصوات.

وتكررت تلك الأرقام الضخمة في المنصورة وبني سويف والمنيا وأسيوط ودمياط وغيرها.

رغم بلوغ عدد المرشحات للمقعدين بالشرقية 17 مرشحة وبالغربية 16 مرشحة. وبالبحيرة تسع مرشحات. وبالدقهلية التي بها دائرتان للمرأة كان هناك 13 مرشحة بدائرة المنصورة و14 مرشحه بدائرة دكرنس.

*** الظاهرة الثالثة هي نسبة الأصوات العالية للناجحين من إجمالي الأصوات الصحيحة. رغم أن تعدد المرشحين خاصة بالجولة الأولى يحتم تفتت الأصوات. ورغم ذلك ومن خلال نتائج الجولة الأولى نجد شيرين فؤاد بدائرة الوايلي قد حصل على نسبه 97.5% من الأصوات الصحيحة بالدائرة رغم وجود ستة مرشحين للفئات.

يليه زكريا عزمي بنسبه 97% بالمطرية وبدر القاضي 95% ببولاق. وكل من محمد أبو العينين والوزير علي المصيلحي وحسين مجاور 94%. وكل من الوزير مفيد شهاب وخالد خيرى ومحمد مصيلحي 93%. وكل من أحمد عز وناجية زايد وعبد المنعم ضيف 92%. وكل من طارق طلعت مصطفى ومحمود خميس ومحمود عثمان بنسبه 91%.

وتتعدد الأسماء التي تجاوز مجموع أصواتها نسبه 85% من إجمالي الأصوات الصحيحة في دائرتها. ومنها: الوزيرة فايزة أبو النجا ومحمد رشاد عثمان وخالد الأسيوطي والوزير عبد السلام المحجوب والوزير أمين أباظة والوزير يوسف بطرس غالي وأحمد فتحي سرور ومؤمنة كامل.

"
ظاهرة أخرى سادت الانتخابات وهي تقارب أصوات الناجحين على مقعدي الفئات والعمال بنفس الدائرة رغم ضخامة ما حصلوا عليه من أصوات وكلاهما ينتميان للحزب الوطني
"

**** الظاهرة الرابعة تخص تقارب أصوات الناجحين على مقعدي الفئات والعمال بنفس الدائرة، رغم ضخامة ما حصلوا عليه من أصوات وكلاهما ينتميان للحزب الوطني. ففي دائرة المعادي ومع حصول كل من حسين مجاور القيادي بالحزب الوطني ومحمد مرشدي المنتمي لنفس الحزب على حوالي 34 ألف صوت لكل منها فقد كان الفرق بينهما أربعة أصوات فقط.

وفي المنيل كان الفرق بين الفائزين وكلاهما من الحزب الوطني 20 صوتا. وفي دائرة الظاهر ورغم حصول كل من خالد الأسيوطي وإبراهيم سيد أحمد على حوالي 15 ألف صوت كان الفارق بينهما 25 صوتا فقط. وفي دائرة قصر النيل كان الفرق 96 صوتا بين عبد العزيز مصطفى وهشام مصطفى خليل وكلاهما من الحزب الوطني.

وفي أطسا ومع حصول كل من عبد العظيم الباسل وحاتم المليجي على حوالي 37 ألف صوت لكل منهما، فقد كان الفارق بينهما 368 صوتا فقط. وفي عابدين كان الفرق 797 صوتا. وفي أبشواي تقاربت الأصوات التي حصل عليها ماهر والي وزميله عبد القادر إبراهيم. وكذلك بين الفائزتين على مقعد المرأة بشمال سيناء رغم حصول كل منهما على أكثر من 68 ألف صوت.

***** الظاهرة الخامسة هي تدني الأصوات التي أهلت البعض للفوز من الجولة الأولى في دوائر حيوية. ففي دائرة المنيل فاز فتحي أمين بنحو 2064 صوتا ومعه زميله مجدي علام بنحو 2084 صوتا. وفي قصر النيل فاز عبد العزيز مصطفى بنحو 3957 صوتا وهشام مصطفى خليل 3861 صوتا. وهكذا نجد فائزين بالجولة الأولى حصلوا على أقل من 7000 صوت مثل خالد كمالي وعاطف عبده وعبد الرحمن راضي.

وتكررت الأصوات القليلة بالجولة الثانية في باب الشعرية بحصول كلا الفائزين على حوالي 4000 صوت لكل منهما. وفي قسم الساحل بحصول كلا الفائزين على حوالي 6000 لكل منهما. وبالخليفة بحصول كل من الفائزين على حوالي 7000 صوت وتكررت الأصوات القليلة في دائرتي غبريال والمنشية بالإسكندرية.

وهى الأصوات التي تكشف بوضوح عدم دقه أرقام الأصوات التي تخطت الـ89 ألفا التي حصل عليها الكثيرون في دوائر أخرى.

****** الظاهرة السادسة: ارتفاع عدد حضور الناخبين لمعدلات قياسية لا تتفق مع كون الكشوف الانتخابية لم يتم تنقيتها بشكل كامل من المتوفين على مدى سنوات طويلة. وتضمنها لأسماء المسافرين للخارج الذين لا تقل نسبتهم عن 10% من مجموع الناخبين. حيث بلغت نسبه الحضور للناخبين من إجمالي عدد المقيدين 97% بدائرة المنتزه بالإسكندرية.

"
الظاهرة التي سجلتها الانتخابات هي ارتفاع معدلات حضور الناخبين لمعدلات قياسيه لا تتفق مع كون الكشوف الانتخابية لم يتم تنقيتها بشكل كامل من المتوفين على مدى سنوات طويلة
"

وبلغت النسبة 80% في كل من دائرة طلخا بالدقهلية والشهداء بالمنوفية. و77% بالزرقا دمياط و75% بفارسكور دمياط المشهورة بعمالتها الكثيفة بالخارج. و70% بميت غمر دقهلية و63% بالدخيلة بالإسكندرية و59% بكل من العدوة بالمنيا وقسم أول المنصورة والعريش. و55% بأبو كبير شرقيه دائرة وزير التضامن الاجتماعي.

ولا تتفق تلك النسب العالية للحضور مع نسبب الحضور المتدنية في غالب دوائر العاصمة التي بلغت 4% فقط بدائرة المنيل. وأقل من 5% بالزاوية الحمراء و8% بكل من قصر النيل وروض الفرج و9% بكل من النزهة وباب الشعرية. و10% بالجمالية و11% بكل من المطرية والسيدة زينب والخليفة.

كما تكررت بعض تلك النسب المحدودة للحضور ببعض دوائر المحافظات، فهي 8% بنقاده بقنا. و9% بدائرة كرموز بالإسكندرية و10.5% بالهرم بالجيزة و12% بكل من دسوق بكفر الشيخ وبولاق الدكرور بالجيزة. و13% بكل من أبي قرقاص بالمنيا والمناخ ببورسعيد.

ويدلل على ذلك التناقض نسب الحضور بكل من دائرتي المرأة بمحافظه سوهاج، حيث بلغت نسبه الحضور بدائرة قسم سوهاج 70%. بينما بلغت نسبه الحضور بالدائرة الثانية للمرأة بنفس المحافظة 21% فقط.

هكذا تدلل الظواهر الست على أن ظاهرة التسويد في الكشوف الانتخابية من قبل بعض الموظفين أو وكلاء المرشحين دون حضور الناخبين كانت سببا رئيسيا مشتركا في تلك الأصوات الضخمة التي حصل عليها كثير من هؤلاء الفائزين المنوط بهم الرقابة والتشريع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.