شريحة "نيورالينك" المزروعة في الدماغ كيف يمكنها التحكم الآني بالحركة؟

تحاول شركة "نيورالينك" تعزيز التواصل المباشر بين الدماغ والحاسوب، والذي يعتبر طريقة التواصل الوحيدة المتاحة لبعض الحالات المرضية

الشريحة ساعدت قرد المكاك على ممارسة أحد ألعاب الفيديو (مواقع التواصل)

طرحت شركة "نيورالينك" (Neuralink) -التي أسسها إيلون ماسك وآخرون- مقطع فيديو يظهر قردا يلعب بعض ألعاب الفيديو مستخدما عقله فقط، جراء شريحة زرعت في دماغه مكنته بدورها من إتمام هذه المهمة.

وتأتي هذه المحاولة في إطار مساعي الشركة المتواصلة بهدف تيسير التواصل المباشر بين الدماغ والحاسوب -فيما يعرف باسم واجهة الدماغ الحاسوبية (Brain-machine interface)- دون حاجة إلى أي أعضاء طرفية مساعدة.

واجهة دماغ حاسوبية

وبحسب ما كتبه الباحثون على مدونة شركة "نيورالينك" في 9 من أبريل/نيسان الجاري، فإن الشريحة -التي سميت "إن وان لينك" (N1 Link)- قد زرعت في منطقة القشرة الحركية في الدماغ المسؤولة عن حركة اليد والذراع.

وتساعد القشرة الحركية الدماغ على تخطيط وتنفيذ الحركات. وقد زرعت الشريحة -التي احتوت على 1024 قطبا كهربيا- في جزئي القشرة الحركية الأيسر (الذي يتحكم بدوره في حركات الجانب الأيمن من الجسم)، وكذلك الأيمن (الذي يتحكم في حركات الجانب الأيسر من الجسم).

ومن المعروف أن النشاط العصبي الذي ينتج عن الخلايا العصبية في الدماغ هو الذي يؤدي في النهاية إلى قيام الجسم بوظيفة ما، مثل الرؤية أو الحركة أو الإحساس. وبحسب ما أورده الباحثون في المدونة، فإنهم قاموا "بنمذجة العلاقة بين الأنماط المختلفة للنشاط العصبي واتجاهات الحركة المقصودة".

تأمل شركة "نيورالينك" ومؤسسها في بناء واجهة دماغ حاسوبية تستخدم في التجارب السريرية (ويكيبيديا – ستيف جورفيتسون)

تشفير الإشارات

وتقوم هذه الأقطاب الكهربية بتسجيل ورقمنة مقدار "جهد الفعل" (Action potentials) والذي يمثل بصمة النشاط العصبي للخلايا الموجودة في تلك المنطقة.

ومن ثم تقوم بعض الخوارزميات بتحديد مقدار النشاط العصبي المسجل عند كل قطب كهربي وتجميعه ثم إرساله إلى الحاسوب كل 25 مللي ثانية. بعدئذ يقوم الحاسوب بفك تشفير هذه الإشارات ليتمكن من تحريك مؤشر اللعبة بناء على الإشارات التي استقبلها من الشريحة المنزرعة في الدماغ.

ويضيف الباحثون أن دراسة أنماط النشاط العصبي في تلك المنطقة مكنتهم من "التنبؤ باتجاه وسرعة الحركة التي يقصدها الدماغ "كما تمكنا من المضي أبعد من ذلك حتى استطعنا التحكم في الحركة المقصودة آنيا ومن ثم التحكم في حركة مؤشر اللعبة".

وقد مكنت الشريحة المنزرعة قرد المكاك من تحريك مؤشر لعبة "البونغ" (Pong) لأعلى ولأسفل من خلال نشاط دماغه العصبي دون تحريك أطرافه ليتمكن من القيام بذلك. وأطلق الباحثون على اللعبة الجديدة التي تم التحكم بها كليا من خلال الدماغ اسم "مايند بونغ" (MindPong).

والجدير بالذكر أن بعض تطبيقات واجهة الدماغ الحاسوبية السابقة كانت تستخدم بضع مئات من الأقطاب الكهربية والتي كانت تتطلب تدخلا بشريا لتوصيلها. وللتغلب على هذا عمد الباحثون في هذه التجربة إلى زيادة عدد الأقطاب الكهربية للتمكن من ربطها بشكل لاسلكي كامل دون حاجة إلى تدخل آدمي أو تقديم أي نوع من الدعم الفني لها أثناء عملها.

مستقبل واعد

ويأمل الباحثون في بناء واجهة دماغ حاسوبية آمنة وفعالة ولاسلكية بشكل كامل بحيث يمكن استخدامها في التجارب السريرية للمرضى الذين يعانون صعوبة في الحركة. كما أن زيادة عدد الأقطاب الكهربية المستخدمة ستتيح قدرة أفضل على تسجيل كم أكبر من المعلومات. كما إنهم يسعون إلى أتمتة عملية زرع الشريحة بالكامل حتى تصبح سريعة وآمنة قدر الإمكان.

وتعقيبا على هذه التجربة، غرد ماسك على حسابه عبر منصة "تويتر" قائلا "سيمكن أول منتجات شركة ‘نيورالينك’ المصابين بالشلل من استخدام هواتفهم الذكية بعقولهم أسرع مما يستخدمه أي شخص آخر بأصابعه".

وتأمل شركة "نيورالينك" في إعادة الأشخاص المصابين بالشلل إلى حياتهم الطبيعية حيث يمكنهم التواصل والتعبير عن إبداعاتهم التصويرية والفنية وممارسة ألعاب الفيديو مستخدمين عقولهم فقط. كما يمكن استخدام مثل هذه الواجهات لإعادة ضبط إيقاعات الخلايا العصبية في المرضى المصابين بأي اضطرابات عصبية.

المصدر : مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي