مواد طاردة للبعوض من زهرة الأوركيد.. أقل سمية وأكثر فاعلية

بعوضة الزاعجة المصرية التي تنشر العديد من الأمراض تتغذى على رحيق أزهار الأوركيد (يوريك ألرت)
بعوضة الزاعجة المصرية التي تنشر العديد من الأمراض تتغذى على رحيق أزهار الأوركيد (يوريك ألرت)

طارق قابيل

اكتشف فريق من الباحثين بقيادة أستاذ علم الأحياء بجامعة واشنطن جيفري ريفيل الإشارات الكيميائية التي تقود البعوض لتلقيح أنواع محددة من زهور نباتات الأوركيد.

وذكر بحثهم الذي نشر في دورية "بروسيدنجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينسز" يوم 7 يناير/كانون الثاني 2020، أن زهور الأوركيد تنتج باقة متوازنة من المركبات الكيميائية التي تحفز حاسة الشم لدى البعوض.

لبعض هذه المواد الكيميائية تأثيرات جاذبة أو قامعة للبعوض، ويمكن أن تساعد النتائج البحثية الجديدة في تطوير مواد طاردة للبعوض أقل سمية، وفخاخ أكثر فاعلية، وفهم كيف يستجيب دماغ البعوض للمعلومات الحسية، بما في ذلك الإشارات التي، في بعض الأحيان، تؤدي للدغ أنثى البعوض أحدنا دون الآخر.

رائحة الأوركيد
الاعتقاد السائد بأن كل البعوض يتغذى على الدم هو اعتقاد خاطئ، فالإناث فقط دون الذكور هي التي تمتص دم الحيوانات والطيور وتحتاج إليه لإنتاج البيض، وهي بذلك تنقل الأمراض والأوبئة، أما الذكور منها فإنها تتغذى على خلاصة الزهور فقط.

قال ريفيل، المؤلف الرئيسي للدراسة، لموقع أخبار جامعة واشنطن "الرحيق مصدر هام للغذاء لجميع البعوض (..) بالنسبة لذكور البعوض الرحيق هو مصدر غذائه الوحيد، بينما تتغذى إناث البعوض على الرحيق طوال حياتها باستثناء أيام قليلة".

ومع ذلك، فإن العلماء لا يعرفون سوى القليل عن الروائح التي تجذب البعوض نحو زهور معينة، أو تصده عن زهور أخرى.

تنتشر نباتات الأوركيد ذات الأوراق الحادة على نطاق واسع في معظم المناطق الباردة من نصف الكرة الشمالي، وقد تحقق فريق ريفيل من الأبحاث السابقة التي أظهرت أن البعوض المحلي يلقح هذا النوع من الزهور فقط، ولا يقترب من أقربائه البريين الذين ينمون في الموئل نفسه في غابة أوكانوغان ويناتشي الوطنية في ولاية واشنطن.

وعندما غطى الباحثون الزهور هبط البعوض على الزهور المغطاة بأكياس من قماش، وحاول التغذية على الرحيق من خلال القماش. ولمعرفة السبب، لجأ فريق ريفيل إلى تحضير المواد الكيميائية الفردية التي تشكل رائحة زهرة الأوركيد بنفس النسبة، وتأثر البعوض بفعالية مثل تأثره برائحة الزهور الحقيقية.

يقول رافيل "الرائحة هي في الواقع مزيج معقد من المواد الكيميائية -تتكون رائحة الوردة من أكثر من 300 مادة كيميائية- ويمكن للبعوض الكشف عن كل نوع من أنواع المواد الكيميائية التي تشكل الرائحة".

‪عندما غطى الباحثون الزهور بالأكياس هبط البعوض على الزهور وحاول التغذية على الرحيق‬ (يوريك ألرت)
‪عندما غطى الباحثون الزهور بالأكياس هبط البعوض على الزهور وحاول التغذية على الرحيق‬ (يوريك ألرت)

أظهر فريق ريفيل أيضا أن إحدى المواد الكيميائية تضيء المنطقة نفسها من دماغ البعوض التي يؤثر فيها طارد البعوض الشهير "ديت" (DEET).

وقال ريفيل "تبين النتائج التي توصلنا إليها كيف يمكن أن تحفز الإشارات البيئية المستمدة من الزهور دماغ البعوض بقدر المضيف من ذوات الدم الحار.. ويمكن أن تسحب البعوض نحو هدف أو ترسله في اتجاه آخر".

الوصول إلى الكيميائيات المحفزة
استخدم الفريق كروماتوغرافيا الغاز والطيف الكتلي لتحديد العشرات من المواد الكيميائية، وبالمقارنة مع أقاربها، احتوت رائحة زهرة الأوركيد على كميات كبيرة من مركب يسمى نونانال، وكميات أصغر من مادة ألدهيد الليلك.

سجل فريق ريفيل أيضا النشاط الكهربائي في قرون استشعار البعوض التي تكتشف الروائح، وقد حفزت كل من المادتين النشاط الكهربائي للبعوض الذي يعود إلى موطن نباتات الأوركيد ذات الأوراق الحادة، وبعوض أنوفيلس ستيفيني، الذي ينشر الملاريا، والزاعجة المصرية التي تنشر حمى الضنك والحمى الصفراء وزيكا وأمراض أخرى.

واطلعوا أيضا على أدمغة بعوض الزاعجة المصرية، وصوروا أيونات الكالسيوم، أي توقيع الخلايا العصبية في المنطقة التي تعالج إشارات قرون الاستشعار.

كشفت تجارب التصوير الدماغي أن ألدهيدات النونانال والليلك تحفز أجزاء مختلفة من فص قرون استشعار البعوض. ووفقا لرايفيل، فإن نباتات الأوركيد ذات الأوراق الحادة لديها نسبة تجذب البعوض، في حين أن الأنواع النباتية ذات الصلة الوثيقة بها لا تفعل ذلك.

واكتشف الفريق أيضا أن ألديهايد الليلك يحفز نفس منطقة فص قرون استشعار البعوض مثل طارد البعوض "ديت".

وبحسب ريفيل فإنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان ألديهايد الليلك قد يكون يوما ما طاردا فعالا للبعوض، وأنه من الضروري إجراء المزيد من البحوث للتحقق من ذلك. وإذا تم تأكيد ذلك، فإن هناك مكافأة إضافية وهي أن "رائحته رائعة"، كما قال ريفيل.

المصدر : الجزيرة