بينما الرئيس بولسونارو يزور إسرائيل.. برازيليون يحيون يوم الأرض

عشرات البرازيليين يتجمعون وسط ساوباولو لاحياء يوم الارض وزيارة رئيسهم الى اسرائيل.
عشرات البرازيليين تجمعوا وسط ساو باولو لإحياء يوم الأرض والتنديد بزيارة رئيسهم لإسرائيل (الجزيرة)

حسان مسعود-ساو باولو

بالتزامن مع توجه الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو إلى إسرائيل في زيارة رسمية مثيرة للجدل، اختار برازيليون التوجه إلى الشوارع لرفض هذه الزيارة، وإحياء يوم الأرض والتضامن مع الشعب الفلسطيني.

واعتبر مراقبون ذلك دلالة على استمرار النشاط المؤيد للقضية الفلسطينية من قبل مجموعات برازيلية نشطة، رغم التغير الجذري في توجهات الحكومة الجديدة التي سيطر عليها أقصى اليمين عقب تسلمه الحكم بداية العام الجاري.

مئاتٌ من الشباب المؤيدين للقضية الفلسطينية من مجموعات برازيلية متنوعة، على رأسها جبهة الدفاع عن نضال الشعب الفلسطيني، وتكتلاتٌ عمّالية، تداعوا إلى شارع باوليستا الحيوي وسط مدينة ساو باولو، رافعين الأعلام الفلسطينية وهاتفين بشعارات الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية، والاعتراض على العلاقة الجديدة بين إدارة بلادهم وإسرائيل.

بولسونارو بدأ زيارة لإسرائيل تستمر ثلاثة أيام (رويترز)
بولسونارو بدأ زيارة لإسرائيل تستمر ثلاثة أيام (رويترز)

"لا لإسرائيل"
لا لإسرائيل.. لا لبولسونارو.. نعم لتحرر فلسطين". الهتاف الأبرز الذي تردد في المظاهرة الحاشدة التي استمرت أكثر من ثلاث ساعات، قبل أن تتحول إلى مسيرة راجلة، تخللتها كلماتٌ لممثلي كافة المنظمات والجهات المؤيدة لفلسطين، حيث أكدت في مجملها "ضرورة الاستمرار في دعم القضية الفلسطينية العادلة، والحق الفلسطيني في تقرير المصير، ورفض كافة الممارسات الإسرائيلية الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني".

كما أشارت كلمات المتحدثين إلى "أهمية إعطاء القضية زخماً أكبر اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، بسبب سياسات الإدارة الحالية، ورفض فرض العلاقة الحميمة مع إسرائيل على الشعب البرازيلي المعروف بتعاطفه الدائم مع قضايا التحرر والعدالة في العالم، خاصة فلسطين".

وفي حديث خاص للجزيرة نت، قال الأستاذ الجامعي وأحد الناشطين في الحراك ليوناردو أنطونيو أوليفيرا "إن يوم الأرض فرصة للتذكير بجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، ودليلٌ تاريخي قاطع على عدالة قضيتهم وسلب أراضيهم بالقوة والظلم، وهو ما نحتاج إلى إيضاحه للجميع، خاصةً البرازيليين الذين يتم التشويش عليهم وإيصال معلومات خاطئة لهم عن حقيقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

المحتجون شددوا على ضرورة تثقيف الشعب البرازيلي بما تقوم به إسرائيل (الجزيرة)
المحتجون شددوا على ضرورة تثقيف الشعب البرازيلي بما تقوم به إسرائيل (الجزيرة)

وشدد على أهمية التوعية والتثقيف للشعب البرازيلي حول ما قامت وما تقوم به إسرائيل حتى اليوم، حتى يبقى على موقفه الداعم لكل قضية عادلة، وقضية فلسطين أعدل القضايا".

الزيارة ونقل السفارة
في هذا الوقت، يبدأ الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو -على رأس وفد دبلوماسي وتجاري- زيارةً إلى إسرائيل تمتد ثلاثة أيام، يلتقي خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويوقع عدداً من اتفاقيات التعاون بين البلدين، وفقاً لما ذكره الرئيس بولسونارو في حسابه على تويتر عشية سفره.

وأكد أن "الزيارة ستكون ذات أهمية كبيرة للبرازيل"، وأنه سيتعاون مع إسرائيل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والدفاع، مضيفاً "أنه لدينا توقعاتٌ كبيرة، وإسرائيل دولة صديقة ولدينا الكثير لننجزه".

المتظاهرون أكدوا أن نقل السفارة لا يرضي الشعب البرازيلي (الجزيرة)
المتظاهرون أكدوا أن نقل السفارة لا يرضي الشعب البرازيلي (الجزيرة)

الزيارة التي تعتبر الأولى من نوعها للرئيس الذي قطع وعوداً كثيرةً لتغيير العلاقة مع إسرائيل ونقل سفارة بلاده إلى القدس خلال حملته الانتخابية، أتت وسط مصير غامضٍ لهذا الوعد، خاصة بعد تصريحاتٍ أدلى بها الرئيس للصحفيين عشية سفره بأنه "قد يتم افتتاح مكتبٍ تجاري برازيلي في القدس".

ولم يعط إجابة واضحة إن كان هذا المكتب بديلا عن نقل السفارة من تل أبيب كمخرجٍ قد يكون إيجابياً بالنسبة للإسرائيليين، ودون إلحاق الضرر بصادرات اللحوم البرازيلية إلى العالم العربي المهمة بالنسبة للاقتصاد المحلي وكبريات الشركات البرازيلية.

وفي تعليق لها على الزيارة، قالت ثريا مصلح -واحدة من أبرز قيادات جبهة الدفاع عن نضال الشعب الفلسطيني- على هامش الحراك التضامني في ساو باولو "إن الإدارة الحالية يجب أن تفهم رسالتنا بوضوح، بأننا لن نقبل بإجبارنا على علاقة طيبة وودودة مع إسرائيل، البلد الذي نعرف جميعاً تاريخه الإجرامي، وأن البرازيل يجب أن تبقى على مواقفها التاريخية بخصوص القضية الفلسطينية دون انحياز".

المتظاهرون أوضحوا أن البرازيل يجب أن تحتفظ بمواقفها التاريخية بخصوص القضية الفلسطينية دون انحياز (الجزيرة)
المتظاهرون أوضحوا أن البرازيل يجب أن تحتفظ بمواقفها التاريخية بخصوص القضية الفلسطينية دون انحياز (الجزيرة)

وشددت على أن نقل السفارة لا يرضي الشعب البرازيلي، "ونحن سنواصل تحركنا الآن أكثر من أي وقت مضى، وسنستغل كافة الفرص للتعبير للشعب الفلسطيني عن تضامننا ورفضنا لسياسات حكومتنا المبنية على أيديولوجيا خاصة بالرئيس الحالي فقط".

وأقيمت فعاليات أخرى مشابهة في عدد من المدن والولايات البرازيلية؛ إحياءً ليوم الأرض الذي يوافق الثلاثين من مارس/آذار من كل عام، خاصةً في الجنوب البرازيلي، حيث تقيم غالبية الجالية الفلسطينية.

في المقابل، لاقت تغريدة الرئيس البرازيلي حول الزيارة ردود أفعالٍ متباينة، إلا أن حجم الدعم والتأييد لها كان لافتاً، إذا وضع عددٌ كبير من متابعيه العلم البرازيلي إلى جانب العلم الإسرائيلي، ودعا آخرون له بتحقيق أهدافه والنجاح في علاقاته الخارجية الجديدة، في حين ربط مغردٌ آخر رفض اليسار وتصريحاته ضد إسرائيل بالنازية، على عكس اليمين وأدائه مع "الدولة الخت"، وفق تعبيره.

يُذكر أن السفير الفلسطيني في البرازيل إبراهيم الزبن كان وجّه دعوةً للرئيس بولسونارو لزيارة الأراضي الفلسطينية، إلا أن الأخير لم يرد، مما يجعل هذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس برازيلي لإسرائيل دون زيارة الأراضي الفلسطينية منذ اعتراف البرازيل بفلسطين كدولة عام 2010، وهو ما وصفه مراقبون بتغير واضح في "مبدأ الحياد والتوازن" الذي طالما اعتمدته البرازيل في تعاملها مع الصراعات.

المصدر : الجزيرة