للمرة الثانية خلال 5 أشهر.. مخيم شعفاط ينتفض ويعلن العصيان المدني

صورة من إغلاق الشبان لشوارع مخيم شعفاط اليوم ضمن فعاليات العصيان المدني (مواقع التواصل)

القدس- لم تتوقف الانتهاكات شبه اليومية في مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين شمال شرق القدس المحتلة، منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بُعيد تنفيذ الشاب عدي التميمي عملية إطلاق النار على حاجز عسكري قريب، بل تصاعدت بطريقة غير مسبوقة منذ أسبوع ردا على عملية طعن أخرى نفذها طفل مقدسي في المكان ذاته.

وجاء إغلاق الحاجز المقام على أبواب المخيم أمام حركة المارة والمركبات كأولى خطوات العقاب الجماعي الإسرائيلي ضد عشرات آلاف المقدسيين الذين عُزلوا بقوة الاحتلال خلف الجدار المقام حول المدينة منذ سنوات، وتوالت الانتهاكات التي تنتج عن اقتحام أزقة المخيم واستهداف السكان وممتلكاتهم بشكل عشوائي.

لكن اعتداءات مُهينة عديدة على الحاجز العسكري في الأيام الأخيرة شكّلت القشة التي قصمت ظهر البعير ودفعت السكان لإعلان خطوة الإضراب الشامل والعصيان المدني ودعوة بلدات القدس الأخرى للانضمام إليها.

وطالت الاعتداءات النساء والأطفال والمسنين، وتعمّد جنود الاحتلال إذلال الشبان بشكل كبير عبر إجبارهم على خلع ملابسهم وتفريغ جيوبهم ومحتويات حقائبهم أمام العشرات، وفي حال اعترض أحدهم ينتظره مصير أكثر قتامة فيُضرب بشكل مبرح قبل أن يعتقل ويُقتاد إلى أحد مراكز التحقيق.

إهانة جماعية

تكررت عشرات المشاهد المُهينة للمقدسيين على حاجز المخيم في الأيام الأخيرة، وانتشرت مقاطع فيديو وثقت الانتهاكات ومعها الدعوات الجماعية لعدم التوجه إلى مركز مدينة القدس سوى للضرورة القصوى، وتلى ذلك الإعلان عن الإضراب الشامل والعصيان المدني اليوم الأحد.

وقال منسق القوى الوطنية والإسلامية في مخيم شعفاط حمدي ذياب للجزيرة نت، إن هذه الخطوة جاءت بعد نفاد صبر أهالي المخيم، وردا على العقوبات الجماعية والذُل الذي يمارسه الاحتلال على الحاجز العسكري وخاصة تعمّد الجنود تعرية الشبان من ملابسهم.

يريد أهالي مخيم شعفاط وبلدة عناتا المجاورة له أن يوصلوا رسالة لوزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، مفادها أنهم يرفضون الواقع الجديد الذي يحاول فرضه عليهم وأنهم سيتصدون لكل محاولات كسرهم، وفقا لذياب.

وبعد منتصف ليلة الأحد أعلن عبر مكبّرات مساجد المخيم النفير العام والإضراب التجاري الشامل، ودعا ناشطون للالتزام بخطوة العصيان المدني التي أعلنتها القوى الوطنية والإسلامية، فاستجاب الشبان وباشروا بإغلاق الطريق المؤدية للمخيم من جهة الحاجز ومدخل بلدة عناتا.

يقول ذياب "إما أن نكون عظماء فوق تراب القدس أو عظاما تحت ترابها.. لذا، قررنا هذه الخطوة التي ستتبعها خطوات احتجاجية أخرى إلى أن تتوقف الاعتداءات".

الاحتلال يعتقل فتى فلسطينيا خلال مواجهات قرب مخيم شعفاط شمال شرق القدس (رويترز)

بلدات مقدسية لبّت النداء

وانضمت بلدات مقدسية أخرى لخطوة الإضراب الشامل ومنها جبل المكبر والرام والعيساوية، وبادر أبناؤها بإغلاق مداخلها بحاويات النفايات وأشعلوا إطارات السيارات كتعبير عن الاحتجاج عن الضغوط الإسرائيلية المتصاعدة بحق المقدسيين.

وقال الناشط المقدسي -الذي ينحدر من بلدة العيساوية- محمد أبو الحمص للجزيرة نت، إن قوات الاحتلال تعمّدت اقتحام البلدة فجرا لإزالة مظاهر الإغلاق بالقوة عبر فتح الطرقات ورش المنازل والشوارع بالمياه العادمة وإلقاء القنابل الغازية والصوتية.

واندلعت على إثر ذلك المواجهات مع قوات الاحتلال في البلدة التي قررت التضامن مع أهالي مخيم شعفاط، لأن سكانها يعانون بشكل يومي من إجراءات الاحتلال التعسفية.

عصيان شامل

ودعا البيان الصادر عن القوى الوطنية والإسلامية والحراك الشبابي وعشائر مخيم شعفاط عمال المخيم إلى عدم التوجه إلى وظائفهم في سوق العمل الإسرائيلي، وإلى مقاطعة جماعية للدوائر الرسمية والامتناع عن دفع الفواتير والضرائب والرسوم المختلفة لبلدية الاحتلال.

كما ناشد البيان الفلسطينيين في كافة المحافظات إلى التضامن مع أهالي مخيم شعفاط في خطوة الإضراب الشامل الرامية لرفع الظلم والقهر الذي يمارس ضد السكان على "حاجز القمع العنصري" كما وصفوه.

يُذكر أن هذه هي المرة الثانية التي يعلن فيها أهالي مخيم شعفاط خطوة العصيان المدني خلال 5 أشهر، واتخذوا هذه الخطوة في المرة الأولى ردا على حصار المخيم فأعلنوا عن تعطيل المدارس وإغلاق المحال التجارية باستثناء المخابز والصيدليات ومحال المواد التموينية، بالإضافة إلى منع استخدام المركبات بعد العاشرة ليلا إلا للحالات الطارئة.

وأجبر الأهالي سلطات الاحتلال على فتح الحاجز العسكري حينها لكن الاعتداءات لم تتوقف بحق أهالي المخيم بأحيائه الخمسة التي يسكنها نحو 130 ألف فلسطيني.

المصدر : الجزيرة