3670 مستوطنا اقتحموه في 5 أيام.. الجزيرة نت تتجول بالمسجد الأقصى في نهاية أسبوع صاخب
القدس المحتلة- يتحدث فلسطينيون عن أن المشاهد التي عايشوها في المسجد الأقصى المبارك خلال هذا الأسبوع لن تمحى من ذاكرتهم، كما لن تندمل خلال الفترة القريبة جراحهم الناتجة عن قمع قوات الاحتلال لهم بشكل عشوائي لأنهم قرروا الرباط والثبات في مسجدهم للاعتكاف فيه وحمايته من اقتحامات المتطرفين.
ومع إغلاق باب المغاربة أعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية اليوم أن عدد المقتحمين خلال الأسبوع الأخير بلغ 3670 متطرفا بحجة ما يرونه احتفالا بعيد الفصح اليهودي.
داخل الساحات ورغم أصوات الموسيقى الصاخبة والصلوات التوراتية الصادرة عن مكبرات الصوت في ساحة حائط البراق احتفالا بعيد الفصح، فإن أخفض صوت أو حركة صدرت عن المصلين داخل المسجد الأقصى كانت الأكثر سماعا وملاحظة وإرباكا لقوات الاحتلال التي نجحت في إدخال المتطرفين لكنها لم تنجح في تأمين اقتحام هادئ لهم.
كبار السن من الرجال تحلقوا في مجموعات لتلاوة القرآن وترديد الأذكار والأدعية وثبتوا في أماكن جلوسهم، غير آبهين بالقمع المباغت لقوات الاحتلال أو الرصاص المطاطي الذي يطلق من حولهم.
الاقتحام المباح سياسيا
آخرون دفعتهم اقتحامات المتطرفين المتكررة واستهداف القوات الخاصة للمعتكفين في المصلى القبلي بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط للخروج عن صمتهم، ومن بينهم المقدسي سامي دويّات الذي صرخ بوجه عشرات الجنود مخاطبا إياهم باللغة العبرية:
"في التوراة ذُكر أن اقتحام الأقصى محرم في الديانة اليهودية لكنكم تُبيحون هذا الاقتحام سياسيا وتسيرون خلف أهواء الحاخامات المتطرفين، هل تسمحون لأي مسلم بالدخول إلى الكنس اليهودية؟ من يصل إلى كنسكم تردون عليه بإطلاق الرصاص فورا وأنتم تستبيحون بالمقابل أقدس أماكن عبادتنا".
خلف هذا المسن استمر المحاصرون في المصلى القبلي في فعاليات "الإرباك الصوتي" التي ابتكروها هذا العام، ولم يتوقفوا عن استفزاز قوات الاحتلال المتمركزة مقابلهم التي تستهدف كل من أطل منهم من نافذة باب الجنائز المهشمة بالرصاص وبالقنابل الغازية والصوتية.
تلثّم أحدهم بالكوفية الفلسطينية وآخر بقميص أسود وثالث بقميص أبيض، ومن بين رؤوسهم التي تطل وتخبو من النافذة تُرشق الحجارة بشكل مستمر مصحوبة بأصوات التكبيرات والهتافات.
المعتكفات وسلاح الهتاف
"لن تركع أمّة قائدها محمد وبالروح بالدم نفديك يا أقصى" وكلما احتدت المواجهات يهتف الجميع "هي يلّا هي يلّا منصورين بعون الله"، ومقابل هؤلاء ترد عشرات النساء المحاصرات عند البائكة الجنوبية الغربية بالهتافات ذاتها وبقراءة القرآن بصوت مرتفع.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتستغرق الواحدة 6 أشهر.. نشطاء القدس يوثقون رحلة تصنيع نوافذ المسجد الأقصى المزخرفة
وضع رجلا على رجل أثناء اقتحام الجنود.. صاحب الصورة الأشهر في الأقصى يتحدث للجزيرة نت
صوت أبو عبيدة في الأقصى.. “الإرباك الصوتي” أحدث وسائل صد اقتحامات الاحتلال والمستوطنين
وبينما حرصت مجموعة منهن على الثبات عند هذه البائكة تنقلت أخريات عند البوائك الأخرى التي يمر المتطرفون من أمامها لتنغيص جولتهم بالتكبيرات المتواصلة حتى يخرجوا من باب السلسلة.
المرابطة سحر النتشة التي اعتُقلت وأُبعدت عن المسجد عدة مرّات، عبّرت للجزيرة نت عمّا تشعر به أثناء إطلاق التكبيرات المتكررة قائلة "أشعر أنني أنتزع شيئا من حقي من هؤلاء المتطرفين لأن التكبير ينغص جولاتهم، ولاحظت أنهم وأطفالهم أصبحوا أكثر جرأة في اقتحاماتهم وهذا ما يؤلمني لأن رباطنا قبل سنوات كان مصدر خوفهم".
وحثّت النتشة كل من يمكنه الوصول إلى المسجد الأقصى على التوجه إليه، لأن "البيت الفارغ يكون عادة عرضة للاستيلاء عليه وهكذا الأقصى يجب إعماره بالمصلين على مدار العام كي لا يستباح من قوات الاحتلال والمتطرفين".
يرحلون ونبقى
وأمام مسار المقتحمين حرصت المرابطة منتهى أمارة ابنة شقيقة شيخ الأقصى رائد صلاح على الجلوس وتلاوة القرآن، وقالت إن وجودها الدائم في المسجد ينبع من منطلق عقدي إيماني ومن حبها لمسرى نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، وإن القوات المدججة بالسلاح لا ترهبها بل تزيدها عزيمة ويقينا بأنهم سيرحلون.
"في نهاية فترة اقتحاماتهم يرى كل العالم من يخرج من المسجد الأقصى ومن يبقى.. هم يخرجون وسيرحلون وينهزمون وسنبقى نحن في قدسنا وحقنا ومسرى نبينا ولن تكون قائمة لغير المسلمين هنا" أضافت أمارة.
ومع خروج آخر مجموعة من المقتحمين وانسحاب قوات الاحتلال من الأقصى عبر باب المغاربة هرولت منتهى مع عشرات المصلين لتنظيف الساحة والرواق المؤدي للمصلى القبلي، وحرصت على جمع بقايا القنابل الصوتية والرصاص المطاطي.
بلمح البصر يكتسي المصلى القبلي حلته البهية من جديد وتسود أجواء الهدوء والسكينة في زواياه التي ينتشر بها المعتكفون، ومن بينهم الشاب محمد أبو صفية القادم من قرية بديا في محافظة سلفيت شمال الضفة الغربية.
رغم كل المنغصات
وعن رحلة اعتكافه من يوم الخميس الماضي التي ستستمر حتى اليوم الأول من عيد الفطر، قال هذا الشاب إنه يحاول الاستمتاع بالأجواء الروحانية في المسجد الأقصى رغم كل المنغصات.
وأضاف "المصلى القبلي تحول إلى ساحة حرب حقيقية يوم الجمعة الماضي.. استخدموا الغاز المدمع بكثافة داخل هذا المكان المغلق وأطلقوا الرصاص المطاطي بعشوائية بعد تحطيم النوافذ وحالفني الحظ بالهروب ولم اعتُقل لكنني تعرضت للضرب والتنكيل، وها أنا أرد على ذلك بالاستمرار بالاعتكاف".
ستستغرق رحلة عودة محمد إلى قريته نحو 3 ساعات ليلتقي بعد رحلة اعتكاف محفوفة بالمخاطر بزوجته وأبنائه الأربعة، لكنه يؤكد أن الساعات والأيام التي يقضيها في رحاب المسجد الأقصى هي الوحيدة التي تُحسب من حياته.
ودّعنا محمد بعد رفضه المهذب لالتقاط صورة له قائلا "أحتسب وجودي واعتكافي هنا لوجه الله تعالى وأخشى أن يُحتسب ظهوري الإعلامي في باب الرياء".