تاريخ فلسطين يختزله متحف روكفلر في القدس

صورة لمدخل متحف روكفلر القدس فلسطين تصوير محمد ابو الفيلات الجزيرة.
يعتقد الفلسطينيون أن المتاحف التي يسيطر عليها الاحتلال تحاول تحريف الفكر والتاريخ (الجزيرة نت)
محمد أبو الفيلات-القدس

لأنها أم البدايات وأم النهايات كما نعتها الشاعر محمود درويش؛ عجت فلسطين بالقطع الأثرية التي تعود إلى العصور الموغلة في القدم، إذ سكنتها حضارات عديدة أنتجت لنا تحفا تثبت لكل مشكك أنها منذ الأزل أرض لشعب سكنها منذ أُمر الإنسان بالاستخلاف في الأرض.

ولما أراد الغرب اكتشاف الحضارات التي سكنت فلسطين، أرسل في القرن التاسع عشر حملات أثرية بغية التعرف عليها، فانتشرت الحفريات الأثرية في مناطق مختلفة من فلسطين، وبدأت تتكشف كنوز أثرية لم تكن معروفة من قبل على أيدي علماء آثار غربيين معظمهم من بريطانيا. 

وفي عام 1925 لاحظ عالم الآثار الأميركي جيمس بريستد -الذي شارك في الحملات البريطانية- أن القطع الأثرية في تراكم مستمر دون أن يكون لها معرض أو صالة تجمعها، فاقترح على المندوب السامي البريطاني في حينه جون تشيرسلوس شراء أرض الشيخ الخليلي الواقعة شمال سور مدينة القدس الشمالي المطلة على البلدة القديمة في القدس، لبناء معرض خاص بالآثار.

التأسيس
لم ترق لتشيرسلوس الفكرة، لكن بريستد لم يستسلم وعرض فكرة إقامة معرض للآثار الفلسطينية على جون روكفلر المندوب السامي الذي تولى الحكم بعد بريستد، فرحب بها على أن يسمى المتحف باسمه. 

تماثيل رومانية موجودة في متحف روكفلر بالقدس (الجزيرة نت)
تماثيل رومانية موجودة في متحف روكفلر بالقدس (الجزيرة نت)

يقول الباحث في الآثار روبين أبو شمسية إن بناء المتحف الفلسطيني "روكفلر" بدأ في بدايات عام 1928، ووضع حجر أساسه عام 1930، لكن البناء لم ينجز إلا على مراحل لأن حفر أساسات المبنى كشف عن قبور إسلامية في المنطقة مما استدعى التنقيب عنها، حتى افتتح بشكل كامل في 24 يونيو/حزيران 1938. 

أطلق البريطانيون اسم متحف الآثار الفلسطيني على المتحف الوليد الذي ضم آثارا من العصر البرونزي وحتى العهد الصليبي منذ افتتاحه حتى عام 1948، أي بعد احتلال إسرائيل لثلثي فلسطين، حيث غيروا اسمه إلى المتحف القومي الفلسطيني.

بعد خضوع شرقي القدس للحكم الأردني بعد حرب عام 1948، تحولت الوصاية على المتحف من الإدارة البريطانية إلى الإدارة الأردنية، وفي عام 1956 حول الملك حسين المتحف إلى مقر لإقامته وإقامة العسكر في القدس، واستمر ذلك حتى احتلال القدس كاملة عام 1967، حيث أفرغ المتحف من الآثار ونقلت بعض مقتنياته إلى المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى وإلى أماكن مجهولة، وفق أبو شمسية. 

في عام 1967 أعاد الاحتلال التحف الفلسطينية إلى المتحف، وأطلق عليه اسم متحف روكفلر دون ذكر أنه المتحف الفلسطيني أو المتحف القومي الفلسطيني، ولا يزال يرفع علمه فوقه.

يأخذ بناء المتحف الذي صممه المهندس أوستن هرسون ونفذت بنائه الشركة الإيطالية ديفارو، شكلا سداسيا يحيط بساحة فضائية بنيت في وسطها نافورة مياه.

يقول أبو شمسية إن مما يميز متحف روكفلر أنه الوحيد في فلسطين التاريخية المقسم بطريقة أكرونولوجية، أي تقسم قاعاته بحسب الترتيب الزمني للآثار الممتدة من العصر البرونزي المبكر (الفترة الكنعانية) وحتى الفترة الصليبية، ولا تدخل فيه الرواية الإسرائيلية. 

قاعات متحف روكفلر مقسمة بحسب الترتيب الزمني للآثار الممتدة من العصر البرونزي وحتى الحروب الصليبية (الجزيرة نت)
قاعات متحف روكفلر مقسمة بحسب الترتيب الزمني للآثار الممتدة من العصر البرونزي وحتى الحروب الصليبية (الجزيرة نت)

ويجد زائر المتحف في كل قاعة عنوانا للعصر الذي تعود له التحف المعروضة، وهي غالبا حُلي وجرار وأسلحة بدائية وتوابيت وأواني طعام وغيرها الكثير. 

ضعف الزيارة
ومع أن الرواية الإسرائيلية لا تدخل المتحف، وأن زيارته مجانية، فإنه يعاني من ضعف الزيارة الفلسطينية له، وذلك بسبب اعتقاد الفلسطينيين والمقدسيين تحديدا أن المتاحف التي تسيطر عليها سلطة الآثار الإسرائيلية تهدف إلى تغيير وتحريف الفكر والتاريخ، مما أدى إلى إعراضهم عنه. 

تقول المواطنة المقدسية ليلاس طهبوب للجزيرة نت إنها لم تزر متحف روكفلر في حياتها، موضحة أن المدارس لم تجعله وجهة للطلاب كونها لا تريد تحريف فكرها واعتقادها عن تاريخ فلسطين، حيث نمت عندها هذه الفكرة عندما زارت قلعة القدس التي حولها الاحتلال إلى متحف داود.

وقالت إن الاحتلال يحاول في قلعة القدس بتقديم معلومات مضللة إثبات الوجود اليهودي فيها بكافة العصور التي مرت عليها، "فقررت عدم زيارة أي متحف يسيطر عليه الاحتلال".

المصدر : الجزيرة