مستقبل مجهول للعمال الفلسطينيين في أراضي الـ48

الأزمة التي يمر بها العمال تنعكس على عائلاتهم ومجتمعهم (رويترز)

بلغ عدد العمال الفلسطينيين في أراضي الـ48 حتى الربع الثاني من العام الحالي، نحو 139 ألف عامل، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وهم يعملون في مختلف الأنشطة الاقتصادية والتجارية.

ويتحكم الاحتلال بتشغيلهم، فيسمح ويمنع، ويُقلص ويزيد، تبعا للأوضاع الأمنية والاقتصادية.

ومع بداية معركة طوفان الأقصى، أعلن الاحتلال إغلاق المعابر والحدود بين الضفة الغربية وأراضي الـ48، فحال بين العمال ومنازلهم.

وتعرض الكثير منهم للاعتقال والتنكيل والضرب والقتل، بينما تمكن آخرون من المغادرة إلى مدنهم وقراهم، فيما بقي بعض آخر في مكان سكنه في أراضي الـ48 ينتظر قدره.

تنكيل ومعاناة

وشنت قوات الاحتلال والشرطة الإسرائيلية هجمات متتالية على أماكن سكن العمال في أراضي الـ48، كما قامت مع مجموعة من المستوطنين بمهاجمة العمال الفلسطينيين أينما وجدوا، بحجة أنهم مقاومون دخلوا من قطاع غزة.

ففي هرتسيليا، قام مجموعة من المستوطنين المسلحين وتحت حماية رجال الشرطة الإسرائيلية، بمهاجمة مجموعة من العمال في المدينة وطرحهم أرضا وتكبيلهم ورفع السلاح عليهم، كنوع من العقاب على ما فعله مقاومو كتائب القسام بالجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر/تشرين الأوّل الجاري.

كما أعدمت قوات الاحتلال مجموعة مكونة من 4 عمال كانوا في طريقهم إلى قطاع غزة، بحجة أنهم مقاومون، إذ لفق جنود الاحتلال فيديو للعمال الشهداء بوضع سلاح عند جثة أحدهم بهدف التغطية على جريمتهم.

كما ألقت بالمئات من عمال القطاع في أراضي الـ48 على الحواجز الإسرائيليّة مع الضفة الغربية، بعد التنكيل بهم وسرقة مقتنياتهم.

وسبق أن أصدر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين نداء عاجلا إلى كل العمال الفلسطينيين في أراضي الـ48، وطالبهم بتوخي الحذر تحسبا للهجمات الإسرائيلية.

كما أكد البيان أن الاتحاد يعمل مع منظمة العمل والصليب الأحمر على إعادة العمال إلى بيوتهم سالمين.

مداهمات

في مقابلة هاتفية مع أحد عمال الضفة الغربية الذي ما يزال يتواجد في أراضي الـ48، وضح لـ "الجزيرة نت" كيف تقوم قوات الاحتلال والشرطة والمستوطنون بالتعامل مع الفلسطينيين الموجودين هناك في حال العثور عليهم.

ويروي أنه وعمال آخرون كانوا معه، قد تمكنوا مرة من الهرب عند مداهمة قوة الشرطة لمكان سكنهم مساء السبت 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

كما ذكر أن أحد أصدقائه قد اعتقل من سكنه في 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أي بعد يوم واحد من بداية المعركة، وحُبس لمدة أسبوع وضُرب ونُكّل به، ولم يأكل خلال أسبوع كامل سوى مرتين، وفي النهاية أفرجوا عنه عند حاجز "الجلمة" في محافظة جنين.

يُشير إلى أن الإغلاقات والتوقف عن العمل واعتقال العمال من غير حملة التصاريح، كان يحصل في كل معركة ومواجهة بين الاحتلال والمقاومة، لكن ما يحصل من قمع في هذه الأيام لم يسبق له أن حصل، إذ يعتقل الاحتلال العامل، سواء كان يمتلك تصريح عمل أم لا، ويهددونه ويعتدون عليه.

وأشار إلى أن المستوطنين يقومون بالإعلان عن حاجتهم لعمال، وعند وصول العامل يقومون بضربه وسرقة أمواله وربما اختطافه.

وأصدرت شركات إسرائيلية تحذيرا بمنع دخول العمال العرب إليها، وقال المتحدث للجزيرة إن أحد العمال الذين لم يستطيعوا العودة إلى منازلهم في الضفة، بقى حبيسا في مكان سكنه دون حركة أو عمل بسبب تهديد مشغله الإسرائيلي له.

عمال بدون دخل

ومن المهم الإشارة إلى الضرر الاقتصادي الذي يلحق بالعمال على إثر توقف عملهم في أراضي الـ48، فهذه الأعداد الضخمة من العمال الذين أوقفوا عن العمل سيعجزون عن الوفاء بالتزاماتهم المعيشية والمالية.

وفي المقابل، لا توجد جهة رسمية أو غير رسمية تعمل على مساندة هؤلاء العمّال. في وقت سابق، التزمت السلطة الفلسطينيّة بدفع مبلغ 700 شيكل للعامل الذي تضرر خلال جائحة "كورونا"، لكنها الآن لا توفّر لهم ما يسندهم في أزمتهم.

كما أوقفت البنوك خلال الجائحة صرف الشيكات وأجلت سداد الدفعات من القروض، أما منذ بداية الحرب الحالية، ورغم أن أكثر من 139 ألف عامل أصبحوا عاطلين عن العمل، لم تأخذ السلطة قرارا مماثلا حتى الآن، مما قد يعجل بأزمة اقتصادية حقيقية تضرب الضفة الغربية بسبب تراجع القوة الشرائية وعدم القدرة على سداد القروض.

وتنعكس الأزمة التي يمر بها العمال على عائلاتهم ومجتمعهم، فتحوّلهم من عاملين إلى عاطلين عن العمل بلا دخل.

المصدر : الجزيرة