طوفان الأقصى.. مخاطر أمنية وسياسية تحيط بزيارة بايدن إلى إسرائيل والأردن

FILE PHOTO: U.S. President Joe Biden holds a bilateral meeting with Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu on the sidelines of the 78th U.N. General Assembly in New York City, U.S., September 20, 2023. REUTERS/Kevin Lamarque/File Photo
زيارة بايدن إلى إسرائيل تأتي بناء على دعوة من نتنياهو (رويترز-أرشيف)

يبدو أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد حسم أمره وقرر المضي قدما في موضوع زيارته إلى إسرائيل بعد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الحالي داخل إسرائيل وخلفت أكثر من 1300 قتيل إسرائيلي، وأسر نحو 200 شخص، بينهم عسكريون.

وبحسب مراقبين، فإن الزيارة الاستثنائية التي تأتي بناء على دعوة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيكون هدفها الأساسي إظهار الدعم الأميركي لإسرائيل والإسرائيليين بعد الصفعة العنيفة وغير المسبوقة التي وجهتها المقاومة الفلسطينية للنخبة السياسية والعسكرية في تل أبيب.

وفي حديث مقتضب للصحفيين بشأن هذه الزيارة، قال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن بايدن سيعقد اجتماعات في تل أبيب، وقبلها في العاصمة الأردنية عمان التي سيلتقي فيها بملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ليبحث معهم القضايا الإنسانية المتعلقة بأوضاع الناس في غزة.

وأضاف كيربي أن بايدن سيركز في محادثاته على "الحاجة الماسة لوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، فضلا عن قدرة الأبرياء على الخروج من القطاع".

هذه الرحلة المرتقبة للرئيس الأميركي، التي يبدو أن ثمة ظروفا عديدة أسهمت في اتخاذ قرار الإسراع بها ستبدأ محطتها الأولى بالأردن التي سيحل بها بايدن أولا لأسباب أمنية ولوجستية قبل الوصول إلى إسرائيل، ينظر إليها الصحفي في نيويورك تايمز ماثيو غولن باعتبار أنها:

  • الزيارة وفي هذا التوقيت ستكون مقامرة كبرى في ظل ما يجري في الأراضي الفلسطينية.
  • وصول بايدن إلى إسرائيل سيحمل رسالة إلى إيران وسوريا وحزب الله بأن تل أبيب تحظى بدعم واشنطن، في وقت يسود فيه القلق على نطاق واسع بشأن نشوب حرب إقليمية.
  • الزيارة في ظل ما يجري ستربط الرئيس الأميركي والولايات المتحدة بعمليات سفك الدماء المستمرة في غزة.
  • رحلة بايدن إلى إسرائيل في مثل هذه اللحظة الحرجة تفرض تحديات هائلة على البيت الأبيض، على المستويين السياسي والأمني.

 

وقد فصل تقرير في نيويورك تايمز للصحفيين بيتر سانغر وديفيد بيكر تلك المخاطر والتحديات في التالي:

  • زيارة بايدن لدعم إسرائيل تشبه زيارته إلى أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي عندما كانت على أعتاب عملية عسكرية كبيرة، وتأتي في الوقت الذي تستعد فيه القوات الإسرائيلية لشق طريقها عبر المناطق الحضرية المزدحمة في غزة لتنفيذ عملية عسكرية.
  • المخاطر الأمنية لمثل هذه الرحلة واضحة، فقد انطلقت صفارات الإنذار للتحذير من صواريخ قادمة من غزة عندما كان وزير الخارجية الأميركية في زيارته الثانية لإسرائيل خلال أسبوع، يجتمع في قاعدة عسكرية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته، حيث نقلوا إلى مخبأ واحتموا به لمدة 5 دقائق قبل استئناف مناقشاتهم. وقد كان هناك تحذير مماثل من تهديد أمني عندما كان بايدن يقوم بجولة رفقة نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في العاصمة كييف في فبراير/شباط الماضي.
  • لم تنتقد الإدارة حتى الآن تحركات إسرائيل لقطع الكهرباء والغذاء عن غزة رغم زعمها العمل على تخفيف الأزمة الإنسانية هناك، ورغم احتجاج بعض الزعماء العرب أمام المسؤولين الأميركيين بأن الحصار يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي وغير قانوني وفقا لقوانين الحروب.
  • ومن التحديات أيضا ما أشارت له صحيفة واشنطن بوست بأن زيارة بايدن تأتي ودون أن تطلب الإدارة الأميركية ضمانات بأن إسرائيل لن تشن غزوها البري أثناء زيارة بايدن للبلاد. وتنقل عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي قوله "نحن لا نملي الشروط أو التوجيهات العملياتية على الإسرائيليين" لكننا "لا نريد أن نرى تصعيدا.. نريد أن نتأكد من بدء تدفق المساعدات الإنسانية".

    إسرائيل تخسر معركة الصورة الذهنية

ثمة موضوع مهم يأتي في خضم زيارة الرئيس الأميركي لإسرائيل والأردن، وهو ما يمكن تسميته خسارة إسرائيل لمعركة الصورة الذهنية في عدوانها على غزة وحربها بلا هوادة على الفلسطينيين. فبالرغم من أن الرئيس الأميركي ووزير خارجيته أنتوني بلينكن يدعمان بوضوح ما يسمونه الإطاحة بحماس، فإنهما قد عبرا عن قلقهما من تأثر الصورة الذهنية لإسرائيل، فعندما يشاهد العالم الآلة الحربية الإسرائيلية وهي تفجر المباني وتزهق أرواح الفلسطينيين في غزة فإن مشاعر الناس في جميع أنحاء العالم ستتغير بشكل كبير، وسيتحول التركيز والتعاطف إلى غزة، وليس لما جرى للإسرائيليين في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وتنقل نيويورك تايمز عن اثنين من مسؤولي الإدارة الأميركية أن المسيرات المؤيدة للفلسطينيين في أوروبا، وفي نيويورك وفي بعض الجامعات الأميركية تشير بالفعل إلى تحول عن قبول الرواية الإسرائيلية، وإلى تماه تام مع الرواية الفلسطينية.

كواليس ما قبل الزيارة

يبدو أن زيارة بايدن إلى إسرائيل كانت وفق شروط قدمتها الإدارة الأميركية إلى تل أبيب، ويبدو أن الأخيرة تأخرت في قبولها أو الرد عليها، وهو الأمر الذي تسبب في تأخير إعلان البيت الأبيض رسميا عنها لما بعد منتصف الليلة الماضية.
والشروط المذكورة التي وضعتها الإدارة الأميركية كانت إنسانية بامتياز بحسب توصيف واشنطن بوست.

وبحسب الصحيفة الأميركية فقد انتظر المسؤولون الأميركيون حتى تلقوا التزامات من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن حزمة إنسانية، وفقا لمسؤولين أميركيين مطلعين على المناقشات. وقد تلقى وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن التأكيدات الإسرائيلية خلال اجتماع ماراثوني في تل أبيب استمر لـ7 ساعات، وشملت الموضوعات التي ناقشها الجانبان الإسرائيلي والأميركي العديد من القضايا الإنسانية بما في ذلك إدخال المساعدات إلى غزة، وإنشاء مناطق آمنة للمدنيين الفلسطينيين.

ولا بد من الإشارة إلى أن زيارة بايدن إلى إسرائيل، وبحسب مراقبين للمشهد السياسي المتوتر في المنطقة تأتي في ظروف صعبة جدا، وفي ظل حشد للقوة الأميركية إظهارا للدعم لإسرائيل، ومحاولة لإرسال رسائل إلى إيران وسوريا وحزب الله اللبناني بأن أي تدخل في ما يجري في فلسطين سيقابل برد.

المصدر : الجزيرة