القضاء العراقي ردا على دعوة الصدر: لا نملك صلاحية حل البرلمان

الدستور العراقي ينص على أن حلّ مجلس النواب يتم "بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، وبناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية".

مجلس القضاء الاعلى العراقي - وكالة الأنباء العراقية
مجلس القضاء دعا الجهات السياسية ‏والإعلامية إلى عدم زج القضاء في الخصومات السياسية (وكالة الأنباء العراقية)

ردّ مجلس القضاء الأعلى في العراق اليوم الأحد على دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بحل البرلمان بالتأكيد على أنه لا يملك الصلاحية بهذا الشأن، وأنه اقترح تعديل بعض مواد الدستور، وسط أزمة سياسية خانقة تعيشها البلاد.

وقال المجلس -في بيان صحفي اليوم الأحد- إن "مهامه تتعلق بإدارة القضاء فقط وليست من بينها أي صلاحية للتدخل في أمور السلطتين التشريعية أو التنفيذية تطبيقا لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية" الوارد في الدستور.

ودعا المجلس "كافة الجهات السياسية ‏والإعلامية إلى عدم زج القضاء في الخصومات والمنافسات السياسية"، مؤكدا أن "القضاء يقف على مسافة واحدة من الجميع لأن ‏الأساس الذي يرتكز عليه هو تطبيق الدستور والقانون وهذه قواعد عامة .

واتفق المجلس في الوقت نفسه مع الصدر بشأن "تشخيص سلبية الواقع السياسي الذي يشهده البلد والمخالفات الدستورية المستمرة المتمثلة في عدم اكتمال تشكيل السلطات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة ضمن المدد الدستورية".

وكان الصدر طالب الأربعاء الماضي القضاء العراقي بحلّ البرلمان قبل نهاية الأسبوع "بعد المخالفات الدستورية" المتمثّلة في انتهاء مهل اختيار رئيس جمهورية ورئيس الحكومة، مبررا طلبه بأن الكتل السياسية لن ترضخ "لمطالبة الشعب بحلّ البرلمان".

وينصّ الدستور العراقي في المادة 64 منه على أن حلّ مجلس النواب يتمّ "بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية".

وعند حل مجلس النواب يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوما من تاريخ الحل.

Supporters of Iraqi populist leader Moqtada al-Sadr gather for mass Friday prayer, in Baghdad
اعتصام أنصار التيار الصدري في محيط البرلمان دخل أسبوعه الثالث (رويترز)

معركة عض الأصابع

ويواصل كلّ من التيار الصدري وخصومه من الإطار التنسيقي الضغط في الشارع مع تأزّم الوضع بينهما، حيث يقيم مناصرو الصدر منذ 30 يوليو/تموز الماضي اعتصاما في باحات البرلمان العراقي، في حين بدأ مناصرو الإطار التنسيقي اعتصاما مضادا أمام أسوار المنطقة الخضراء من جهة الجسر المعلق منذ يومين.

ورفع الصدر مستوى الضغط على خصومه أمس السبت بدعوة مقرّب منه إلى مظاهرة "مليونية" في بغداد، لم يحدّد موعدها بعد.

وقال صالح محمد العراقي -المقرب من مقتدى الصدر- في بيان إن "هذه المظاهرة موحدة من جميع المحافظات، وهدفها مناصرة العراق من أجل الإصلاح وإنقاذ ما تبقى منه، حتى لا تكونوا لقمة سائغة للفساد والظلم والمليشيات والتبعية وأهواء الأحزاب الفاسدة والمتسلطة".

وأضاف أنه "بعد أن انقسم الاحتجاج الى فسطاطين"، بات من اللازم معرفة أي المعسكرين "أكثر عددا وأوسع تعاطفا عند الشعب العراقي".

Supporters of the Coordination Framework, a group of Shi'ite parties, protest in Baghdad
أنصار الإطار التنسيقي يواصلون اعتصامهم عند الجسر المعلق المؤدي إلى المنطقة الخضراء وسط بغداد (رويترز)

وفي المقابل، لا يزال اعتصام أنصار الإطار التنسيقي متواصلا عند الجسر المعلق المؤدي إلى المنطقة الخضراء (وسط بغداد) للمطالبة بالإسراع في تشكيل حكومة جديدة.

وفي إطار هذا الاعتصام، نُصبت مساء الجمعة خيام في ختام مظاهرة شارك فيها الآلاف، وقال الإطار التنسيقي إن الاعتصام يأتي "دفاعا عن الشرعية"، ودعما للقضاء العراقي، وللمطالبة بتشكيل حكومة جديدة، و"إنهاء تعليق عمل" البرلمان.

وكانت اللجنة المنظمة لمظاهرات أنصار الإطار دعت إلى اعتصام مفتوح لحين تنفيذ مطالبه، مبينة أن العراق لا يدار إلا بالحوار والتفاهم بين جميع أبنائه، وأنه لا يمكن لطرف واحد مصادرة إرادة الجميع تحت أي ذريعة أو حجة، على حد تعبيرها.

في المقابل، وعلى مسافة قريبة، دخل اعتصام أنصار التيار الصدري في محيط البرلمان أسبوعه الثالث.

وفي حين يطالب الإطار التنسيقي باستئناف عمل البرلمان وتشكيل حكومة جديدة، يدعو التيار الصدري إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة.

دعوات للحوار

من جهة أخرى، قال مصدر خاص للجزيرة إن من المتوقع وصولَ وفد من الإطار التنسيقي إلى إقليم كردستان اليوم الأحد. وبحسب المصدر، فإن الوفد سيزور كلا من أربيل والسليمانية، وسيجتمع مع الحزبين الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الديمقراطي بزعامة بافل الطالباني.

وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني أعرب أمس السبت عن قلقه البالغ إزاء الأزمة السياسية في البلاد، وأوضح -في بيان- أن الاتفاق على إجراء انتخابات مبكرة أمر ممكن لتحقيق عملية الإصلاح والتغيير شريطة أن يكون ذلك مسبوقا بتعهد جميع المشاركين بقبول النتائج النهائية تفاديا لتكرار تجربة الانتخابات الماضية.

كما دعا الحزب جميع القيادات العراقية إلى حوار بنّاء لإصلاح الوضع وفق السياقات الدستورية.

من جهته، قال رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي أمس السبت إن العملية السياسية في العراق يجب أن تتسم بالقيم وتستند إلى العقلانية والواقعية، وتستهدف خدمة الدولة ومواطنيها، مضيفا أن على السياسيين إيجاد الحلول لمصلحة الشعب والدولة.

يشار إلى أن نواب التيار الصدري -الذي تصدر الانتخابات البرلمانية الأخيرة بعد حصوله على 73 مقعدا- انسحبوا مؤخرا من البرلمان، مما زاد فرص الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة جديدة.

وتقول أحزاب الإطار التنسيقي إنه لا يمكن مناقشة موضوع حل البرلمان إلا إذا استأنف جلساته. وعقب اقتحام أنصار التيار الصدري مبنى البرلمان قبل أسبوعين قرر رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي وقف الجلسات حتى إشعار آخر.

المصدر : الجزيرة + وكالات