ميدل إيست آي: عنف جنسي منهجي ضد المعتقلين في السجون المصرية

شرطيات يقفن خارج مدخل سجن القناطر للنساء عند طرف دلتا النيل بمحافظة القليوبية (الفرنسية)

نشر موقع ميدل إيست آي البريطاني (Middle East Eye) تقريرا يفيد باستخدام السجون وأماكن الاعتقال في مصر العنف الجنسي بشكل منهجي ضد المعتقلين وأقربائهم كوسيلة لانتزاع الاعترافات وبث الرعب.

وقال إن تقريرا صادرا عن "مبادرة الحرية والجبهة المصرية لحقوق الإنسان" مؤخرا يوثق أكثر من 650 حالة عنف جنسي ضد المعتقلين وأقربائهم بين عامي 2015 و2022، "في انتهاك واسع النطاق لحقوق الإنسان".

وأوضح أنه ومنذ لحظة الاعتقال، لا أحد في مأمن من العنف الجنسي في المعتقل المصري. ونقل عن عمرو أحمد، مدير الأبحاث في مبادرة الحرية، القول إن المعتقلين على اختلافهم، وكذلك أسرهم وأقرباءهم، يتعرضون لعنف جنسي مروع على يد الدولة "إنه لأمر مؤسف أن أفراد الأمن وموظفي السجون على استعداد لاستخدام العنف الجنسي للإهانة والتعذيب. والانتهاكات منتشرة في أقسام الشرطة".

ويشير التقرير إلى أن مراكز الشرطة "مليئة" بالعنف الجنسي الذي يستهدف المعتقلين الذين يواجهون مجموعة متنوعة من الادعاءات أو الذرائع للاعتقالات سواء كانت سياسية أو جنائية.

ومن بين الحوادث الموثقة، تم ارتكاب 80% منها في مواقع جهاز الأمن القومي في العباسية ولاظوغلي بالقاهرة، وفي أبيس بالإسكندرية.

وأوضح التقرير أن العنف الجنسي في أقسام الشرطة يتخذ أشكالا وأغراضا وأهدافا متنوعة. ففي بعض الحالات، يستغل الحراس المحتجزين للإشباع الجنسي وإبراز قوتهم الشخصية؛ وفي حالات أخرى، يتم استخدام العنف الجنسي كإجراء عقابي، غالبا بصعق الأعضاء التناسلية بالكهرباء (للرجال والنساء).

وقال إنه كثيرا ما نُفِّذت الانتهاكات بالتزامن مع فترات الاختفاء القسري التي لا يكون فيها للمعتقلين إمكانية الاتصال بمحامين أو القدرة على الإبلاغ عن الانتهاكات التي تعرضوا لها أو توثيقها.

وأشار إلى أنه أثناء الاختفاء، يتم استبعاد المعتقلين حتى من القوانين والإجراءات المحدودة الموجودة لمساعدة الضحايا على الإبلاغ عن الانتهاكات، فيُحرمون من الاتصال بمحاميهم، مما يؤدي إما إلى نقص الإبلاغ عن حالات العنف الجنسي أو ذكرها أمام النيابة العامة.

وكثيرا ما يقع العنف الجنسي أثناء الاستجواب في مواقع جهاز الأمن الوطني حيث يتعرض المعتقلون للاغتصاب والتحرش والصعق بالكهرباء في أعضائهم التناسلية أو التهديد بالعنف الجنسي ضدهم أو ضد أفراد أسرهم لانتزاع الاعترافات.

ويضيف التقرير: "غالبا ما استخدمت هذه الاعترافات دليلا ضدهم في محاكمات لاحقة".

تفتيش في تجويفات!

كما يتعرض أفراد عائلات المعتقلين للعنف الجنسي أثناء زياراتهم للسجون، غالبا تحت ستار "التفتيش في التجويفات".

ويؤكد التقرير أن الاعتداءات الجنسية ضد المعتقلين لا تنتهي بإطلاق سراحهم من السجن، حيث تتطلب إجراءات المراقبة في كثير من الأحيان العودة إلى مراكز الشرطة، حيث تتجدد الانتهاكات.

وأشار إلى أنه من الصعب أيضا على المحتجزين التحدث علنا عن الإساءة أو السعي إلى المساءلة، بسبب "الوصمات المتعلقة بالاحتجاز، والاعتداء الجنسي، وفي بعض الحالات، جنسهم أو هويتهم الجنسية".

وقال كريم طه، نائب مدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان: "يواجه الضحايا تحديات هائلة في التحدث علنا. وفي غياب تحقيقات مستقلة، من المحتمل أن تمثل القضايا التي وثقناها مجرد جزء صغير من العدد الكامل".

ويقول التقرير أيضا إنه من أجل متابعة الشكوى، سيحتاج الضحايا إلى التعرف على الجاني، وتقديم أدلة على اعتدائهم، وحتى تقديم مكان وتاريخ الانتهاك، لكن ذلك صعب على الضحايا توفيره لأنهم غالبا ما يتم تعصيب أعينهم عند تعرضهم لسوء المعاملة.

وحتى عندما تم توثيق الانتهاكات من قبل المسؤولين الحكوميين، لا تتم في الغالب محاسبة الجناة أبدا.

وأُشار التقرير إلى إعدام ما لا يقل عن 3 سجناء تعرضوا للعنف الجنسي كشكل من أشكال التعذيب، ولا يزال كثيرون محتجزين أو مختفين قسريا.

وقال طه إن العنف الجنسي على يد الدولة منتشر وهو مجرد أداة أخرى تستخدمها السلطات للسيطرة على أجساد وحياة من تعتبرهم رعايا لها.

ودعت أليسون مكمانوس مديرة الأبحاث في مبادرة الحرية الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف ضد مثل هذه الانتهاكات في مصر، قائلة إن كون أميركا شريكا أمنيا رئيسيا لمصر، فإن المسؤولين الأميركيين يتحملون مسؤولية إدانة العنف الجنسي الذي يحدث في السجون المصرية وعليهم واجب ضمان ألا تعتمد أي مشاركة استخباراتية على المعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال التعذيب.

وقالت مكمانوس أيضا إن على أميركا أن تعلم أن أولئك الذين رووا قصصهم بشجاعة رغم وصمة العار والقمع الذي لا يمكن تصوره، أنهم لم يفعلوا ذلك عبثا.

المصدر : ميدل إيست آي