"الجيش السوري منظمة إرهابية".. لا جنسية سويدية لمن انخرط في الخدمة العسكرية بسوريا

قالت مصلحة الهجرة السويدية للجزيرة نت إنها تعتبر الجيش السوري منذ مارس/آذار 2011 منظمة ارتكبت جرائم حرب وانتهاكات ضد حقوق الإنسان.

لاجئون خارج أحد مكاتب مصلحة الهجرة السويدية في ستوكهولم (الجزيرة)

ستوكهولم- وصل الشاب السوري علي درقلي إلى السويد صيف 2015، وحصل على الحماية والإقامة الدائمة فيها، لكن عندما تقدم للحصول على جنسيتها، رُفض طلبه بسبب انخراطه في الجيش السوري الذي انشق عنه عام 2012 بعد اندلاع الثورة هناك.

يقول درقلي، الذي ينحدر من محافظة حلب، للجزيرة نت إنه تم استدعاؤه للخدمة العسكرية الإلزامية في سوريا عام 2010، لكنه انشق عن الجيش عام 2012 بسبب الأحداث الدائرة هناك.

وأضاف "لم ألتحق برغبتي بالجيش، كان ذلك إلزاميا، ولم أكن طرفا في قمع الثورة وقتل المتظاهرين، وقضيت خدمتي بالدوام من المنزل، وكنت أدفع مبلغا ماليا شهريا للضابط المسؤول عني بدل الدوام، وعندما سنحت لي الفرصة انشققت عن الجيش عام 2012".

وتستند مصلحة الهجرة السويدية في قرارها المتعلق برفض منح الجنسية السويدية لدرقلي على قرار لحكومتها صادر عام  2004، وينص على أن مقدم الطلب الذي كان ناشطا أو له تأثير في منظمة يُعرف أن عملها تضمن انتهاكات منهجية وخطيرة مثل التعذيب والقتل والإعدام خارج نطاق القضاء، لا ينبغي منحه الجنسية السويدية حتى انقضاء وقت طويل على ترك تلك المنظمة أو منذ توقف نشاطها، وهذه المدة تبلغ 25 عاما.

وذكرت مصلحة الهجرة في قرارها أن درقلي كان قد صرح خلال مقابلة معه بأنه عمل سائقا لضابط في الجيش السوري بمنطقة جبل الشيخ بين عامي 2010 و2012، ولم يمضِ وقت طويل على انتهاء درقلي خدمته في القوات المسلحة السورية، لذا قررت المصلحة رفض طلبه.

ويصف درقلي القرار بالظلم الكبير بحقه لكونه لم يشارك في المعارك ولم يرتكب أي جرم، على حد قوله، ويضيف "هذا القرار أشبه بسجني داخل السويد وتقييد لحريتي. لا أستطع الحصول على جواز سفر من سفارة النظام السوري في السويد لكوني عسكريا منشقا، ولا من السويد بسبب رفض منحي الجنسية".

ويضيف "والداي يعيشان في الشرق الأوسط، ولا أستطيع زيارتهما ولم أرهما منذ عدة سنوات".

يعمل علي درقلي مدرب تزلّج في أحد الأندية الرياضية المحلية منذ أكثر من 6 سنوات. وقدم يوم الثلاثاء الماضي اعتراضا على قرار مصلحة الهجرة إلى المحكمة الإدارية للنظر في طلبه مرة أخرى، ولكنه قوبل بالرفض أيضا.

السوري علي درقلي رفضت السلطات السودية طلبه للحصول على جنسيتها بسبب خدمته الإلزامية بالجيش السوري (الجزيرة)

أطفال بلا جنسية

وحسب الجالية السورية في السويد، رفضت دائرة هجرتها طلب منح الجنسية السويدية لعدد كبير من السوريين المقيمين في البلاد، وشمل الرفض أشخاصا انشقوا عن الجيش السوري أو آخرين كانوا مجندين فيه قبل عام 2011، مثلما هي الحال مع السوري سعود.

وينحدر سعود من محافظة الحسكة، ووصل إلى السويد عام 2013، وحصل على الإقامة الدائمة فيها، ورفضت مصلحة الهجرة طلب حصوله على الجنسية السويدية أيضا، رغم انتهاء خدمته العسكرية قبل اندلاع الثورة السورية بعشر سنوات على الأقل.

وفي لقاء مع الجزيرة نت، قال سعود إن رفض منحه الجنسية قرار ظالم، مشيرا إلى أنه اعترض عليه أمام المحكمة الإدارية، لكنها أيضا رفضت منحه الجنسية.

ويتساءل سعود "كيف يتم اتهامي بالانتساب إلى منظمة لم أكن مخيّرا في الانضمام لها؟ فالخدمة العسكرية في سوريا إلزامية ولا يمكنني رفض أدائها، وإلا يتم اعتقالي وتعذيبي".

يرجع سعود السبب في رفض منحه الجنسية إلى خدمته في المشفى العسكري بدمشق، الذي كان يستقبل معتقلين سياسيين وعسكريين تعرضوا للتعذيب. وقال "نحن فقط كنا نقدم لهم العلاج، وهذا لم يكن اختياري".

وأضاف "هذا القرار ظالم، تأثرت حياتي كثيرا به وحُرم أولادي ممن ولدوا هنا الجنسية بسبب هذا القرار، ولا أستطيع حتى تسجيلهم في السفارة السورية بالسويد، ويعيشون اليوم من دون جنسية".

واستندت مصلحة الهجرة السويدية في قرارها رفض منح سعود الجنسية على قرار الحكومة عام 2004 أيضا.

الجيش السوري "منظمة إرهابية"

وتواصلت الجزيرة نت مع مصلحة الهجرة السويدية، التي ردت بأن الجنسية السويدية حسب القانون ليست حقا، وإنما يمكن للشخص الحصول عليها في حال تحقيقه الشروط المطلوبة.

وأضافت مصلحة الهجرة السويدية أنها تعتبر الجيش السوري منذ مارس/آذار 2011، وفق قرار حكومي صادر عام 2004 يستند على قرار محكمة العدل الأوروبية بهذا الخصوص، منظمة ارتكبت جرائم حرب وانتهاكات ضد حقوق الإنسان.

وبناء على ذلك، رفضت السلطات السويدية طلبات عدد كبير من اللاجئين السوريين لديها للحصول على الجنسية السويدية، والذين كانوا مجندين أو ضباطا في الجيش السوري حتى وإن لم يشاركوا في المعارك التي جرت منذ عام 2011.

أحد مقرات مصلحة الهجرة السويدية في ستوكهولم (الجزيرة)

مئات الطلبات رُفضت

ومنذ عام 2019 وحتى الآن، بلغ عدد السوريين الذين رفضت السلطات السويدية منحهم جنسيتها 358 لاجئا على خلفية مشاركتهم في الخدمة العسكرية بسوريا وقضايا تتعلق بحقوق الإنسان، حسب بيانات مصلحة الهجرة في ستوكهولم.

وقالت المحامية المختصة بقضايا الأحوال المدنية والهجرة ميسم يقين للجزيرة نت إن قرار الحكومة السويدية لا ينص على أن الفرد نفسه يجب أن يكون متورطًا بشكل مباشر أو غير مباشر في الانتهاكات التي ارتكبتها المنظمة أو الجيش الذي عمل به.

ويكفي، حسب المحامية، أن يكون "نشطا" في المنظمة أو "كان له تأثير أو سيطرة" عليها لكي يخضع للمراجعة التقديرية قبل حصوله على الجنسية.

ويشمل القرار أيضا الأشخاص الذين لديهم ارتباط غير معلن بأي وحدة أو مجموعة أو أشخاص أبدوا تعاطفًا مع هذه الجهات وأعمالها ضد حقوق الإنسان.

آخرون حصلوا عليها

وحسب بيانات مصلحة الهجرة في ستوكهولم على موقعها الرسمي، حصل أكثر من 31 ألف سوري مقيم على الجنسية السويدية خلال عام 2021، وأكثر من 25 ألفا في عام 2020، وأكثر من 29 ألفا في 2019.

وبحسب الموقع، تمنح الجنسية السويدية للأشخاص الذين حصلوا على الإقامة الدائمة، وحق الإقامة، وممن لديهم بطاقة الإقامة (الأشخاص من مواطني الاتحاد الأوروبي)، وأثبتوا هوياتهم من خلال تقديم وثائق كجوازات السفر وغيرها، تعتمدها السلطات السويدية، ووجدوا بالسويد لفترة زمنية تتراوح بين 4 و8 سنوات، ولم يرتكبوا جُرما أو مخالفة قانونية.

المصدر : الجزيرة