المفاوضات النووية.. ملاحظات إيرانية على الموقف الأميركي وطهران تعتزم استغلال أدوات ضغط جديدة

FILE PHOTO: Iran's top nuclear negotiator, Abbas Araqchi, attends a meeting of the JCPOA Joint Commission in Vienna, Austria, September 1, 2020. European Commission EbS - EEAS/Handout via REUTERS/File Photo
كبير المفاوضين الإيرانيين في فيينا عباس عراقجي (رويترز)

طهران- بعد 6 جولات من المحادثات بين طهران والغرب في فيينا بشأن برنامج إيران النووي، توقفت المحادثات، وعزا المسؤولون الإيرانيون الوقف إلى تغيير الحكومة.

لكن مرشد الجمهورية علي خامنئي أشار، في آخر لقاء مع حكومة الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، إلى مطالب جديدة للولايات المتحدة، وأن الأخيرة تطالب خلال مفاوضات فيينا بإدراج بند جديد في الاتفاق النووي، يتضمن موافقة طهران على التفاوض بشأن ملفات أخرى في المستقبل.

من جهته، قال مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب آبادي إن الولايات المتحدة ربطت الوصول إلى اتفاق في مفاوضات فيينا بشرط جديد، تطلب فيه من بلاده أن تقبل التفاوض على ملفات أخرى في المستقبل مثل الملف الإقليمي والصاروخي.

وذكر غريب آبادي -خلال حواره مع موقع تابع للمرشد الإيراني (khamenei.ir)- أن الأميركيين يزعمون أنهم مستعدون للعودة إلى التزاماتهم بموجب الاتفاق النووي ورفع العقوبات المفروضة عليهم، لكن سلوكهم في المفاوضات لا يثبت ذلك.

النقاط السبع

واستشهد المندوب الإيراني بـ 7 نقاط على التناقضات في الوعود والإجراءات الأميركية التي تمنع المفاوضات من أن تؤتي ثمارها، منها ربطهم الوصول إلى الاتفاق الكامل بقبول المحادثات المستقبلية حول القضايا الإقليمية، وهو أمر غير ذي صلة على الإطلاق وضار بموضوع المفاوضات، وجعلوا رفع بعض العقوبات، وكذلك شطب اسم الحرس الثوري "الإسلامي" من قائمة الجماعات الإرهابية، مشروطا بقبول هذا البند.

وأضاف غريب آبادي: ذلك إلى جانب رفضهم إلغاء الأمر التنفيذي بشأن حظر الأسلحة التقليدية المتعارف عليها، والذي يتعارض بشكل واضح مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 وكذلك الاتفاق النووي، و(هذا) ما يتناقض مع ادعاء الولايات المتحدة بعودتها إلى التزامات الاتفاق النووي.

واستطرد: كما رفضوا أيضا رفع العقوبات عن أكثر من 500 فرد وكيان تم فرض عقوبات عليهم من قبل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وأنه لا إلغاء لقانون عقوبات كاتسا (لمكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات).

وقد رفضت الإدارة الأميركية أيضا تقديم ضمانات حول عدم تكرار سلوكيات مماثلة للإدارة السابقة تجاه الاتفاق النووي -والكلام لغريب آبادي- حتى أنهم لم يكونوا مستعدين للأخذ بعين الاعتبار فترة زمنية معقولة للشركات التي تدخل بالتجارة والعمل الاقتصادي مع إيران، لإكمال عملها دون القلق بشأن العقوبات الأميركية في حالة حدوث أي مشاكل في التفاهم المحتمل.

وقال المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية: ولم يبدوا الاستعداد لمناقشة الأضرار التي لحقت بإيران إثر خروج أميركا أحادي الجانب من الاتفاق النووي.

كما طرحوا مطالب زيادة عن الحد حول أنشطة إيران النووية والتزاماتها، التي تتجاوز نص الاتفاق النووي. وقد رفضتها إيران جميعها، حسب ما قال غريب آبادي.

وأوضح: في النموذج الأولي لاتفاق النووي، أوفت إيران أولاً بالتزاماتها النووية لعدة أشهر، والتي تم التحقق منها أيضًا من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن ثم أوفت الأطراف الأخرى بالتزاماتها برفع العقوبات.

واختتم المندوب الإيراني بالقول: ولكن في سلسلة المحادثات الجديدة، لم يقبل الأميركيون ولم يعترفوا بأن كل المشاكل القائمة هي بسبب سلوكهم وأن عليهم الوفاء بجميع التزاماتهم أولاً، وبعد التحقق منها في فترة زمنية معقولة، ستفي إيران أيضا بالتزاماتها.

تشدد الموقف الإيراني

ويرى محلل للشؤون الدولية والسياسة الخارجية الدكتور مصطفی خوش جشم أن وجهات نظر إيران ستكون أكثر صرامة في الجولات القادمة من المحادثات.

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أنه في عهد الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي، لا يمكن أن يكون لمواقف حازمة في المفاوضات تأثير كاف. ولكي تكون المفاوضات مثمرة، سيتم اتخاذ تدابير إضافية وأكثر أهمية، وستستخدم إيران أدوات الضغط المتاحة لها والتي لم تستخدمها حكومة روحاني.

وأشار خوش جشم بأن ستستخدم إيران أدوات الضغط المتاحة لها ولتي لم تستخدمها حكومة روحاني.
خوش جشم: لكي تكون المفاوضات مثمرة ستستخدم إيران أدوات الضغط المتاحة (مواقع التواصل)

أدوات الضغط

وبحسب خوش جشم، تنقسم أدوات ضغط إيران بالمفاوضات القادمة إلى 3 أقسام رئيسية: أولها أدوات الضغط المتعلقة بالطاقة النووية وبما في ذلك: زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، وتحديث أجهزة الطرد المركزي وتكثيرها، وإعادة تصميم مفاعل أراك النووي لإنتاج المزيد من البلوتونيوم، وغيرها من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها إيران بهذا الصدد.

ويتمثل القسم الثاني من أدوات الضغط -بحسب خوش جشم- في أمور عسكرية، وبينها عمليات إيران بالمنطقة، ملف الصواريخ وطائرات بدون طيار وغيرها من المجالات العسكرية. كما حددت إيران طواعية مدى صواريخها إلى ألفي كيلومتر فقط، ويمكن أن تزيد من مدى صواريخها لزيادة ضغطها.

اللاجئون والمخدرات

وعن المحور الثالث من أدوات الضغط عند إيران، يقول خوش جشم إنها تكمن في مجالات اجتماعية يمكن لإيران استخدامها كأدوات ضغط مثل ملفين اللاجئين والمخدرات، لأنها تنفق مبالغ طائلة كل عام من أجل منع مرور اللاجئين القادمين من شرق البلاد (حدود أفغانستان وباكستان) إلى أوروبا.

وبالطبع -يقول خوش جشم- تختلف الأولويات الاقتصادية لدولة تخضع للعقوبات، ويمكن أن تسمح لعشرات ومئات الآلاف من اللاجئين بعبور حدودها الغربية إلى أوروبا، وقد يكون لتدفق اللاجئين عواقب اجتماعية وسياسية واقتصادية وخيمة على أوروبا.

كما قدمت إيران حتى الآن آلاف الضحايا في مكافحة المخدرات وتكبدت خسائر فادحة، وحسب المحلل السياسي فإن الجانب الأوروبي لم يسمح حتى بدخول كاميرات الرؤية الليلية لقوات الشرطة الإيرانية لمحاربة مهربي المخدرات.

وأضاف: ليس هناك من سبب في مثل هذه الظروف بأن تتحمل إيران تكاليف بشرية ومادية باهظة لمنع دخول المخدرات إلى أوروبا.

واختتم خوش جشم حديثه مع الجزيرة نت بأن هناك العديد من المجالات الأخرى التي يمكن لإيران أن تتخذ إجراءات تؤدي فيها إلى الضغط على أوروبا والولايات المتحدة.

وقال أيضا: كلما زاد عناد الأطراف الغربية مع حكومة رئيسي، فإن ذلك سيعطي المزيد من الزخم لحكومة رئيسي لاستخدام نفوذها واستخدام أوراق ضغط جديدة.

المصدر : الجزيرة