تعرف على معركة الأمعاء الخاوية للأسرى الفلسطينيين

فلسطين تحت المجهر- برومو معركة الأمعاء الخاوية
في الإضراب يمتنع الأسرى عن تناول الطعام والسوائل باستثناء الماء وبعضهم يتوقف عن شربه لأيام (الجزيرة)

يعيد إفراج إسرائيل عن الأسير الفلسطيني الغضنفر أبو عطوان، مساء الخميس -بعد إضرابه عن الطعام الذي استمر 65 يوما وتحقيق مطلبه بإطلاق سراحه- إلى الأذهان سلسلة إضرابات سابقة حقق الأسرى فيها ما يسمونها "انتصار الأمعاء الخاوية".

ووصل أبو عطوان (28 عاما) المستشفى الاستشاري غربي مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، قادما من مستشفى كابلان الإسرائيلي عقب قرار الاحتلال الإفراج عنه وإلغاء اعتقاله الإداري.

وقد استخدم الأسرى الفلسطينيون أمعاءهم -بالإضراب عن الطعام- سلاحا في مواجهة سجانيهم، مع البدايات الأولى لهيمنة إسرائيل على الضفة وقطاع غزة عام 1967.

ومن أوائل وأشهر هذه الإضرابات إضراب 28 ديسمبر/كانون الأول 1969، وكان من مطالب الأسرى فيه تحسين الطعام وزيادة كميته.

وفي الإضراب يمتنع الأسرى عن تناول الطعام والسوائل، باستثناء الماء، وبعضهم يتوقف عن شربه لأيام.

كما يرفض أغلبهم تناول أي فيتامينات أو مدعمات غذائية، مع أنها لا تكسر الإضراب، وفق أسرى مفرج عنهم.

وكان للإضرابات عدة ضحايا، أولهم الأسير عبد القادر أبو الفحم الذي استشهد في 11 يوليو/تموز 1970، خلال إضراب في سجن عسقلان وسط إسرائيل.

تموز 2015 بلدة عرابة جنين فلسطين الشيخ خضر عدنان بين أطفاله بعد الإفراج عنه فجر الأحد
خضر عدنان لقب بمفجر معركة الأمعاء الخاوية (الجزيرة)

وتدريجيا تحول الإضراب من معارك جماعية إلى إضرابات فردية خاصة في العقدين الأخيرين، وكان من أشهر المضربين: خضر عدنان، محمد القيق، أيمن اطبيش، سامر العيساوي، ووصل إضراب الأخير عام 2013 إلى 265 يوما.

القيادي بحركة الجهاد الإسلامي خضر عدنان حظي إعلاميا ومحليا بلقب "مفجر معركة الأمعاء الخاوية" نظرا للسبق الذي حققه في الإضراب الفردي عن الطعام.

وخاض عدنان الإضراب 6 مرات، لكل منها ظروفها الخاصة، لكن أهم إنجاز تحقق هو تقليص فترة الاعتقالات بحقه.

يقول لوكالة الأناضول "خلال العقد الأخير اعتقلت نحو عامين ونصف العام بفضل الإضرابات، مقابل 5 أعوام في العقد الذي سبقه".

ويضيف عدناه أنه يضرب عن الطعام لرفض إعادة اعتقاله واحتجاجا على الاعتقال الإداري (دون تهمة) لكنه يلفت إلى هدف أسمى وهو "وقف نزيف عمري داخل السجن".

ويعتبِر هذا الأسير المحرر الإضراب "سلاحا رادعا للاحتلال" ويقول مشجعا على استخدامه "أنا على ثقة أن السلاح إن لم يستخدم يصدأ ويفقد فعاليته، فيجب إعادة استخدامه كمفتاح للحرية".

ويشير عدنان إلى الصورة الرمزية التي تتشكل في الوعي الجمعي الفلسطيني للأسير المنتصر، ودورها في تعزيز انتماء الشعب وتماسكه.

أما عن مصدر القوة التي تجعل أسيرا يمتنع عن الطعام والشراب لشهور فيقول "إنها الحاجة للحرية، معظمنا اعتقل سابقا، وسحقت عظامنا داخل السجون، الاعتقال يجمد حياتنا، ويعدم خططنا للحياة، حتى الاجتماعية منها".

وهنا يشير هذا القيادي إلى أن الأسير بداية إضرابه يتعرض عادة لكل أشكال الضغط، ومنها "سحب كل احتياجاته، عزله انفراديا، تهديده بكل الأشكال، لكن بعد اليوم 15 يبدأ عرض المدعمات والفيتامينات، وهو ما يرفضه الأسير".

ويتابع أن الأسرى يرفضون خلال الإضراب أي نوع من الفحوص الطبية للمحافظة على ما سماها حالة "اللامعرفة" سواء للأسير نفسه حفاظا على معنوياته، أو لإدارة السجون لإبقائها تائهة، وبالتالي الضغط لتقليل عدد أيام الإضراب.

وفي 28 يونيو/حزيران الماضي، أفرجت سلطات الاحتلال عن عدنان الذي اعتقلته شهرا، بعد آخر إضراب خاضه، دام 25 يومًا، رفضًا للاعتقال الإداري.

والاعتقال الإداري هو حبس بأمر عسكري إسرائيلي، دون لائحة اتهام، لمدة تصل 6 شهور، قابلة للتمديد.

غايات الإضراب

من جهته، يقول فؤاد الخفش، الخبير في شؤون الأسرى، إن الإضراب ينقسم إلى أنواع: مطلبي لتحقيق مطالب محددة قد تكون جماعية أو فردية، إضراب لتحسين الأوضاع داخل السجون، احتجاجي على ممارسة معينة.

ويضيف الخفش أن الإضراب الفردي يخوضه عادة أسرى رفضا للاعتقال الإداري، أو لرفض إعادة اعتقالهم.

أما الإضرابات المطلبية فتتعلق بتحسين ظروف الأسرى عموما كمطلب إخراج أسرى معزولين أو ضد الاعتقال الإداري، أو للمطالبة بتوفير احتياجاتهم وتحسين أوضاعهم داخل السجون.

في حين يخوض المعتقلون الإضرابات الاحتجاجية رفضا لممارسات مصلحة السجون كاقتحام غرفهم وتدمير ممتلكاتهم والاعتداء عليهم.

وعن أبرز ما حققته الإضرابات، يوضح الخفش أن "كل الإنجازات داخل السجون تحققت بالإضرابات، مع أنها حقوق طبيعية للأسرى".

ويضيف: "التلفزيون، الكانتينا (المتجر)، الزيارات، لقاءات المحامين، كلها إنجازات تحققت على مدى عقود من خلال الإضراب عن الطعام، لأن الاحتلال لا يقدم شيئا دون ضغط".

ويوضح أن "سلاح الأمعاء (الإضراب) لم يُكسر في أي معركة مع الاحتلال، وتحققت به 99% من مطالب الأسرى".

يذكر أن إسرائيل تغيّب في سجونها نحو 5300 فلسطيني، بينهم 40 أسيرة، و250 طفلًا، وقرابة 520 معتقلا إداريا، وفق مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.

المصدر : وكالة الأناضول