عندما وصل الغضنفر إلى حافة الموت.. الأسير الفلسطيني الذي توقف عن شرب الماء 5 أيام

بيت لحم- لأكثر من ساعتين تحاول الجزيرة نت الحديث مع الأسير الفلسطيني المحرر الغضنفر أبو عطوان (28 عاما) الموجود حاليا في المستشفى الاستشاري برام الله -وسط الضفة الغربية- بسبب معاناته الصحية نتيجة إضرابه عن الطعام الذي استمر 65 يوما، والذي أدى إلى تحرره من سجون الاحتلال الإسرائيلي.

تحدثنا مع والده الذي كان برفقته في اليوم الثاني للإفراج عنه، بعد أن أمضى حوالي 8 أشهر في سجون الاحتلال في الاعتقال الإداري، وقال إن نجله ما زال يعاني عندما يذهب لقضاء حاجته، ويحتاج إلى وقت طويل لأجل التحرك، بسبب الهزال العام الذي أصابه نتيجة إضرابه.

وكان الأطباء في مستشفى "كابلن" الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة من إضراب أبو عطوان وضعوا 3 احتمالات قد يتعرض لها الأسير الفلسطيني إذا ما استمر في إضرابه، وهي إما: الموت المفاجئ، أو الشلل التام في مناطق من جسده، أو عاهة مستديمة لا يمكن علاجها.

صبر وصمود

يرى المحرر أبوعطوان نفسه منتصراً في معركة الأمعاء الخاوية التي خاضها في سجون الاحتلال ضد الاعتقال الإداري، ولولا هذا الإضراب لاستمر وجوده في السجن من دون أي تهمة، ولكن كان الخيار صعبا ويحتاج إلى صبر وصمود فقرر خوض ما وصفها بالمعركة، جاء ذلك في حديثه للجزيرة نت.

لم يستطع وصف كيف مرت الـ65 يوما منذ بداية الإضراب، وما رافقه من عزل وقمع وضرب على أيدي السجانين، والصعوبات التي واجهته خاصة أنه كان منقطعا بشكل كامل عن المحيط الخارجي، وكانت الآلام في كل جسده مرافقة له في كل لحظة من هذا الإضراب، ولكنه كان يضع نصبَ عينيه شيئا واحدا، وهو التحدي والصمود والصبر لانتزاع حريته، والاستعانة بالله والتوكل عليه، حسب قوله.

خِدَع المحتل

تعرض المحرر أبو عطوان لضغوطات بأشكال مختلفة من الاحتلال في محاولةٍ للالتفاف على إضرابه، بنقله إلى مستشفى بدلاً من الزنازين في محاولة لكسر هذا الإضراب، وإصدار محكمة الاحتلال أمرا بتجميد الاعتقال الإداري بحقه، وقدموا له الطعام بعد أن فكوا القيود من يديه، محاولين دفعه إلى تناول الطعام، حتى يعيدوا تقييده مرة أخرى ويرجعونه إلى السجن مجددا. ولكنه كان متأكداً -كما قال للجزيرة نت- أنها كانت خدعا من مخابرات الاحتلال لإفشال إضرابه.

وبالرغم من نقل أبو عطوان إلى 3 زنازين خلال 45 يوما من الإضراب، وصفها بأنها من أقذر المواقع ومنابع للصراصير، استمر في إضرابه، ونُقل بعدها إلى مستشفى الرملة، مطالبا بفتح تحقيق دولي لكشف كيفية علاج الأسرى فيه بالمسكنات والإهمال الطبي.

يصف أبو عطوان كل مرحلة بأنها أصعب من سابقتها، وفيها ضغوطات نفسية وجسدية أكبر، ويروي أنه في أحد أيام الإضراب، دخل عليه ضابط مخابرات وأخبره أن شقيقه توفي في حادث سير حتى يدفعه إلى فك إضرابه، ولكنه رد عليه قائلا " لن أفك إضرابي، وأعرف ألاعيبكم".

الماء

يعتبر المحرر أبو عطوان أن سلاحه في معركة الأمعاء الخاوية كان الماء فقط، ولم يأخذ أي مدعمات أو أملاح أو سكر، وكان الهدف من ذلك الضغط على السجانين، لمواجهة الضغوطات التي يمارسونها على الأسير المضرب، واصفا ذلك بقوله " كنت أضغط عليهم مقابل ضغطهم عليّ".

ووفق هذه المعادلة، قرر أبو عطوان بعد 60 يوما من الإضراب التوقف عن شرب الماء، كأداة ضغط على الاحتلال لإنهاء إضرابه، يقول عن هذا القرار -للجزيرة نت- إنه وضع أمام عينيه شيئا واحد: إما الحرية، أو الشهادة بكرامة.

كان هدف الغضنفر أبو عطوان من معركة الإضراب عن الطعام كسر الاعتقال الإداري بحقه، وبحق الأسرى الآخرين، وأن يكون هناك ضغطا فلسطينيا ومن خلفه دوليا لإنهاء هذا الاعتقال المجحف الذي يُبقي الفلسطينيين في سجون الاحتلال دون تهمة.

وشكر الغضنفر الأسرى الذين ساندوه في إضرابه، وضغطوا على المحتل للإفراج عنه، كما شكر شعبه الفلسطيني الذي كان من خلفه في الميادين، الذي يستخدم سلاح الصبر والصمود في وجه محتليه منذ عشرات السنين، وقدم التحية لكل أحرار العالم الذي ساندوا قضيته، مطالبا إياهم باستمرار العمل لمساعدة شعبه الفلسطيني في التحرر من الاحتلال.

ويرقد أبو عطوان اليوم في المستشفى الاستشاري برام الله وسط الضفة الغربية، لمراقبته طبيا حتى يستعيد عافيته، بعد أن تدهورت صحته بشكل كبير نتيجة الإضراب، ويضع العلم الفلسطيني بجانبه والكوفية على وسادته في استقبال مهنئيه بالإفراج والانتصار.

المصدر : الجزيرة