اليمن.. الاحتجاجات تلاحق حكومة المناصفة في عدن و"الانتقالي" يركب الموجة

بلغت ساعات انقطاع الكهرباء في عدن اليومين الماضيين أكثر من 15 ساعة يوميا

تصاعد الاحتجاجات بمدينتي عدن والمكلا تنديدا بتردي الخدمات الأساسية
احتجاج سابق في مدينة عدن تنديدا بتردّي الخدمات الأساسية (الجزيرة)

يبدو أن الأحداث الساخنة تلاحق الحكومة اليمنية، وتوجّه مظاهرات غاضبة بسبب تردّي الخدمات، دخلت أسبوعها الثاني، وفي ظل محاولة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا ركوب الموجة، تصاعدت المخاوف من جولة صراع قد "تمهد لانقلاب جديد" في العاصمة المؤقتة عدن.

وخرجت لليوم السادس على التوالي مظاهرات شعبية في عدن، وعدد من المحافظات الجنوبية تنديدا بانهيار الخدمات وارتفاع الأسعار، وانطلقت الاحتجاجات الاثنين الماضي في عدن قبل أن تمتد إلى محافظات حضرموت ولحج وأبين، وبلغت الاحتجاجات أول أمس الجمعة محيط قصر الرئاسة "المعاشيق" في بلدة كريتر، وهو المكان الذي تتخذه الحكومة الجديدة مقرا لها.

وقال رئيس تاج الجنوب العربي بالداخل اليمني، مصطفى زيد، أثناء مشاركته في أحد الاحتجاجات، إن الأوضاع المعيشية أصبحت لا تحتمل، وأضاف "نحن في وضع صعب جدا، والغلاء لا يطاق"، وتابع زيد -في تصريح للجزيرة نت- أن الاحتجاجات مستمرة من أجل المطالبة بالحقوق الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء والمياه.

وحمل مصطفى زيد الحكومة والمجلس الانتقالي مسؤولية ما يحدث من تردٍّ للخدمات، وأزمة ارتفاع الأسعار والمشتقات النفطية التي زادت معاناتهم في عدن.

والكهرباء من أبرز الخدمات المتردّية ومن المشكلات المزمنة التي تعاني منها معظم المحافظات الواقعة في جنوب اليمن، خصوصا عدن الساحلية والمناطق المحيطة بها، إذ بلغت ساعات انقطاع التيار في اليومين الماضيين أكثر من 15 ساعة يوميا.

وتأتي هذه الاحتجاجات مع استمرار انهيار سعر صرف العملة اليمنية الريال، فقد تراجعت إلى 900 ريال للدولار الواحد لأول مرة منذ عودة الحكومة إلى عدن، فأدى ذلك إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الغذائية في مقابل تراجع القدرة الشرائية لليمنيين بسبب خسارة رواتبهم لقيمتها.

المجلس الانتقالي

وفي محاولة لركوب موجة الاحتجاجات دعت ما تسمى بـ"الهيئة العسكرية العليا للأمن والجيش الجنوبي"، التابعة للمجلس الانتقالي -في بيان لها- أول أمس الجمعة إلى "الاحتشاد والمشاركة الفاعلة في التصعيد الاحتجاجي، الثلاثاء المقبل، أمام بوابات قصر المعاشيق لاقتلاع الحكومة"، حسب تعبيرها.

وقالت الهيئة إن هذا الاحتجاج سيكون "الشرارة الأولى للتصعيد الشامل الذي ستتوسع رقعته لتشمل أماكن حيوية أخرى"، وتوعدت الهيئة الحكومة اليمنية المُشكّلة مناصفة بين الشرعية والمجلس الانتقالي، بإسقاطها في حال لم تكبح ارتفاع أسعار السلع والمشتقات النفطية وتوقّف صرف الأجور.

ويربط مراقبون تأخر دفع رواتب أفراد التشكيلات والوحدات العسكرية والأمنية في عدن ولحج وأبين والضالع، وأغلبهم يتبعون المجلس الانتقالي، بموقف التحالف السعودي الإماراتي من أجل تنفيذ اتفاق الرياض، ولاسيما ما يتعلق ببنود الشق العسكري والأمني.

وتنص بنود الشق العسكري والأمني لاتفاق الرياض على خروج القوات العسكرية من عدن، ودمج الوحدات الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الانتقالي تحت قیادة وزارتي الدفاع والداخلية، فضلا عن سحب الأسلحة الثقيلة، وإعادة نشر قوات الأمن التابعة للحكومة للقيام بمهامها.

مسؤولية الأزمة

وبخصوص الأزمة التي تعيشها عدن ومحافظات جنوبية أخرى حمل مختار الرحبي، مستشار وزير الإعلام، المجلس الانتقالي مسؤولية تفاقم الأزمة، وانهيار الخدمات في عدن وبقية المحافظات، وقال إن ذلك "نتيجة طبيعية لعرقلة المجلس الانتقالي عمل الحكومة".

وقال الرحبي -في تصريح للجزيرة نت- إن الانتقالي لا يزال هو المسيطر والمتحكم بمؤسسات الحكومة في عدن ويرفض تنفيـذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض، وأضاف "الحكومة منذ عودتها إلى عدن حبيسة قصر معاشيق، وأعضاؤها غير قادرين على الخروج ومزاولة عملهم بحرية".

في المقابل، هدّد المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا بالانسحاب من حكومة المناصفة المنبثقة عن اتفاق الرياض، ونشر الموقع الرسمي للمجلس بيانا مقتضبا أوضح فيه أن قيادة المجلس طلبت من وزرائها في الحكومة الجديدة أن "يتخذوا موقفا واضحا وحاسما من تفاقم أزمات الخدمات".

أجندات متصارعة

ورغم توقف المعارك بين المجلس الانتقالي وقوات الشرعية، وتشكيل حكومة بمشاركة المجلس، فإن الحرب بين الطرفين انتقلت من مضمار المواجهة العسكرية إلى حرب نفوذ، عبر الصراع داخل مؤسسات الدولة، ومحاولة إضعافها والسطو على وظيفتها.

ويعزو مراقبون ما تشهده عدن من أزمات واستمرار للاضطرابات إلى عدم استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، في ظل وجود حالة استرخاء عامة في المواقع والمؤسسات والأطراف التي يناط بها تنفيذ الاتفاق، فضلا عن ظهور مواقف وقرارات وتصريحات رافضة لتنفيذه.

وقال رئيس مؤسسة خليج عدن للإعلام، خالد الشودري، إن الاتفاق يطير بجناحين، هما الشق السياسي والشق العسكري، وعدم تنفيذ الشق العسكري منهما "أفرز هذا الوضع الحالي لحكومة مخلوعة الأنياب والمخالب، يراد لها صرف شيكات الرواتب فقط"، فهي "تدير ولا تحكم".

ويرى الشودري -في تصريح للجزيرة نت- أنه ما دامت الأجهزة والقوى الأمنية المختلفة منقسمة وموزعة بين قيادات وأجندات متصارعة فإنه لا نهاية قريبة لمعاناة المواطنين جراء تدهور الاقتصاد، وتدنّي مستوى الخدمات، وانهيار سعر العملة.

المصدر : الجزيرة