هذا ما تريده إيران من مفاوضات فيينا

بينما لا تقبل طهران مقترحات الأطراف المتفاوضة وترفض فكرة الاتفاق المؤقت الذي تريده واشنطن، لا تقبل أطراف أخرى أيضا شروط طهران، ويحاول كثيرون معرفة ما تريده إيران من المفاوضات في فيينا.

كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري يصل إلى مقر الاجتماعات المتجددة بخصوص الملف النووي الإيراني في فيينا يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 (رويترز)

طهران- تتواصل مفاوضات أطراف الاتفاق النووي في جولتها السابعة بالعاصمة النمساوية فيينا على وقع تمسك كل من إيران والأطراف الأخرى في المحادثات وعلى رأسها الولايات المتحدة بمواقفها المعلنة قبل جولة المفاوضات الحالية.

وصرّح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعید خطیب زاده، أمس الثلاثاء، أن إيران لن تقبل أي التزامات نووية جديدة خارج بنود الاتفاق النووي المبرم في 2015، وأن تركيزها في فيينا سيكون على رفع العقوبات، وأنها لن تقبل مبدأ الخطوة مقابل خطوة، أو أي تعهدات جديدة.

وبينما تؤكد طهران رفضها مقترحات الأطراف المتفاوضة أو فكرة الاتفاق المؤقت الذي تريده واشنطن، تؤكد بقية الأطراف أنها لن تقبل شروط طهران، وسط تساؤلات عما تريده إيران فعلا من المفاوضات في فيينا.

صورة من اليوم الأول للمحادثات بشأن الملف النووي الإيراني بالعاصمة فيينا التي استؤنفت بعد استراحة دامت 5 أشهر في محاولة أخيرة لاستعادة الاتفاق النووي لعام 2015 (الأناضول)

هدف إيران الأساسي

يعتقد محلل القضايا الدولية شعيب بهمن أن هدف إيران الأساسي هو رفع العقوبات، والغرض من المحادثات هو إيجاد طريقة للقيام بذلك وحلّ الخلافات، لأن الأميركيين لا يؤمنون برفع العقوبات دفعة واحدة.

وأضاف بهمن للجزيرة نت أن المشكلة هنا هي أن عودة إيران إلى التزاماتها الكاملة يمكن أن تحدث بسرعة، لكن في المقابل قد يستغرق التحقق من رفع العقوبات من قبل الولايات المتحدة وقتا طويلا، وهذه مسألة خلاف بين الطرفين المتفاوضين.

ووفقًا للخبراء، تسعى إيران إلى تحقيق 3 أهداف رئيسة في فيينا؛ أولا رفع العقوبات الأميركية، ثم التحقق من قبل إيران بأن الرفع بات نافذا، وأخيرا ضمان عدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق من جديد.

المواقف والحقائق

ويعتقد المحلل السياسي والسفير الإيراني السابق في المجر والنرويج عبد الرضا فرجي راد أن المواقف السياسية والدبلوماسية تختلف عن الحقائق الموجودة على طاولة المفاوضات.

وبرأي فرجي راد فإن طهران وواشنطن لم تكونا على استعداد للتفاوض والتوصل إلى اتفاق جديد، مثل الآن. فمن ناحية، تحتاج حكومة رئيسي مع مشاكلها الاقتصادية والمعيشية إلى النجاح في هذه المفاوضات ورفع العقوبات، ومن ناحية أخرى تحتاج حكومة بايدن إلى ضمان لتحديد القدرة النووية الإيرانية من أجل التركيز بشكل أكبر على مواجهة مع الصين.

ويعتقد المحللون أن الاتفاق يتطلب من الطرفين التوصل إلى تفاهم مشترك على أرضية للمفاوضات، وهذا لن يتحقق إلا بخفض توقعات الأطراف.

وتوقع محلل الشؤون الدولية جلال خوش جهره أن تشهد جولة التفاوض الحالية تعديلات تدريجية في كل من مواقف طهران وبقية الأطراف في المحادثات، وقال "لولا أنه لم يكن لديهم توجه لتعديل مواقفهم لما جاؤوا للمفاوضات".

صورة من وصول وفود دبلوماسية للمشاركة في محادثات النووي الإيراني التي عادت للانعقاد أول أمس الاثنين (الأناضول)

القليل مقابل القليل

يقول خوش جهره، في حديث للجزيرة نت، "سنرى اتفاقا مؤقتا، القليل مقابل القليل، وسيكون تطبيقه تدريجيا وأشبه بوقف إطلاق النار بين الطرفين".

ومن ناحية أخرى يفهم الغربيون أن حكومة جديدة قد وصلت إلى سلطة الحكم في إيران و كانت من معارضي الاتفاق النووي، ولذا سيمنحون المفاوضين الإيرانيين الجدد فرصة في هذه الجولة، وسيكون لديهم هذا التفاعل مع إيران، حسب ما يرى خوش جهره.

ويري البعض أنه على الرغم من وجود العديد من العقبات أمام إحياء اتفاق 2015، فإننا بحاجة إلى العمل على كيفية التعامل معه وتحقيق هدف رفع العقوبات الأميركية، كما أن عدم وجود بدائل لا يمنح الطرفين أي خيار سوى التوصل إلى اتفاق في فيينا.

حشمت الله فلاحت بیشه: هناك 3 سيناريوهات محتملة للمفاوضات (مواقع التواصل)

السيناريوهات المحتملة

وحسب المحلل السياسي والرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، هناك 3 سيناريوهات محتملة للمفاوضات.

السيناريو المتفائل الأول هو إحياء الاتفاق عام 2015، وفيه يتفق الطرفان على نص هو مزيج من 90% من اتفاق حكومة روحاني مع مجموعة 4+1، وهذه الصيغة غير متوقعة على المدى القصير.

وهناك أيضا نظرة متشائمة، حسب فلاحت بيشه، بأن تتعقد المفاوضات، وأن يبحث الطرفان عن ذريعة لفشلها، ويصدرا بيانا يحددان فيه أسباب الخلافات، وهذا السيناريو إذا حدث، فبرأي فلاحت بيشه، سيكون على حساب إيران.

أما ما يمكن تسميته بالسيناريو الثالث فهو صيغة "وقف إطلاق النار"، وتعزيز السبل الدبلوماسية، حيث يتم التوصل إلى اتفاق تكون بموجبه إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية قادرتين على وقف جدول أعمال إيران النووية الحالي، من دون تراجع عنه، وفي الوقت نفسه ينشئ الطرفان نظام مراقبة وفحصا وتحديثا للكاميرات على منشآت إيران.

وعلى الطرف الآخر الموافقة على الإفراج عن بعض الأصول الإيرانية المجمدة، وتعديل العقوبات التي تمنع إيران من الوصول إلى مواردها، ويحصل الاقتصاد الإيراني على مكاسب واضحة من ذلك، وهذا بالطبع سيعزز الدبلوماسية والثقة بين الأطراف المتفاوضة.

المصدر : الجزيرة