لوباريزيان: من سيدفع وكيف؟ تعويض ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنيسة

التعويض يجب أن يكون أيضا عن الأضرار المعنوية وفقدان نوعية الحياة، واستحالة تحقيق حياة أسرية طبيعية

PARIS, FRANCE - APRIL 21: Worshippers queue to attend the Notre Dame Easter Mass at the church of St Eustache on April 21, 2019 in Paris, France. Notre Dame's Easter service is being held at the nearby St. Eustache church following Monday's devastating fire that caused extensive damage to the historic landmark. (Photo by Jeff J Mitchell/Getty Images)
الكنيسة الفرنسية تستعد لحملة تعويضات كبيرة (غيتي)

تستعد الكنيسة الفرنسية لحملة تعويضات كبيرة، من أجل تسوية لمسيرة من الفضائح استمرت 70 عاما، بعد أن كشف عنها -هذا الأسبوع- تقرير "اللجنة المستقلة المعنية بالاعتداءات الجنسية" (Ciase)، غير أن طريقة التمويل التي تصر الكنيسة على اتباعها تبدو مثيرة للجدل، وفقا لإحدى الصحف الفرنسية.

وقالت صحيفة "لوباريزيان" (Le Parisien) الفرنسية إن معظم المسيحيين الكاثوليك المتدينين يعودون اليوم الأحد للمرة الأولى إلى رعاتهم، بعد لائحة الاتهام الرهيبة التي قدمت بحقهم من طرف ما أصبح يعرف بتقرير "سوفيه"، في إشارة لمارك سوفيه رئيس اللجنة المذكورة آنفا. وهذا التقرير كشف عن وجود 330 ألف ضحية قاصر على صلة بالكنيسة منذ عام 1970.

كيف سيجري التعويض؟

وقالت الصحيفة إن الكنيسة الفرنسية وافقت في الربيع على إنشاء "سلطة وطنية مستقلة للإسناد" "إينيا" (Inia)، على غرار اللجنة المستقلة، وتم ترشيح شخصية من المجتمع المدني يمكن أن تكون امرأة لرئاستها وكلفت بتكوين فريقها، إلا أن هويتها لا تزال سرية، وتقول أمبرواز لوران -نائبة الأمين العام لمؤتمر أساقفة فرنسا والمسؤولة عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية والقانونية- إن "هذه الهيئة ستحقق في القضايا وتحكم بطريقة تتناول كل حالة لوحدها" على المبلغ الذي يجب أن تتلقاه كل ضحية، بمعنى تعويض الضحايا بشكل فردي وليس دفعة واحدة.

وتذهب اللجنة المستقلة المعنية -كما تقول الصحيفة- إلى أبعد من "التعويضات" التي يصورها التسلسل الهرمي لرجال الدين في مارس/آذار الماضي، حيث تحدد أن "التعويض يجب أن يشمل الأضرار المعنوية".

وسيتعين على الجمعية العامة لمؤتمر أساقفة فرنسا -الذي سينعقد في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني المقبل- أن توضح خارطة الطريق للهيئة الجديدة التي يفترض أن تكون قادرة على العمل في الربع الأول من عام 2022، مع العلم أن رأي مجلس الأساقفة ليس ملزما، كما تقول الصحيفة.

وتقول لوران إن السلطة الوطنية المستقلة للإسناد ستمنح لها كل الصلاحيات -سواء تعلق الأمر بكمية التعويضات أو سقفها- لكل مقدم طلب، ووعدتها بنفس القدر من الاستقلالية الذي منح للجنة المعنية بالاعتداءات.

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك سابقة في فرنسا يمكن أن تكون مجال مقارنة فيما يتعلق بالتعويضات، وذلك في قضية الأب برنار بريينات الذي مارس الجنس مع الأطفال، وقد عوّضت "أبرشية ليون" 14 من ضحاياه بمبلغ إجمالي قدره 169 ألفا و500 يورو، أي حوالي 12 ألف يورو في المتوسطـ، وقد أوضحت الأبرشية أن هذه المبالغ يعادل ما توفره العدالة لقضايا مماثلة.

تتراوح التعويضات في القضايا المشابهة ما بين 2500 إلى 25 ألف يورو أو أكثر في بلجيكا، ومن 5 آلاف إلى 100 ألف يورو أو أكثر في هولندا، أما في الولايات المتحدة -حيث وصلت فاتورة التعويضات إلى ما يقرب من 4 مليارات يورو- فالمتوسط ​​يناهز 340 ألف دولار لكل ضحية من أصل 11 ألف ضحية.

هل الكنيسة قادرة على السداد؟

وللمقارنة بالخارج، نبهت الصحيفة إلى أن هناك عدة طرق اتبعت في التعويض لتسوية فضائح الماضي، وقد سردها تقرير سوفي، وهي تتراوح بين 2500 إلى 25 ألف يورو أو أكثر في بلجيكا، ومن 5 آلاف إلى 100 ألف يورو أو أكثر في هولندا، أما في الولايات المتحدة فالمتوسط ​​يناهز 340 ألف دولار لكل ضحية من أصل 11 ألف ضحية.

وفي فرنسا تبقى -حسب الصحيفة- هناك العديد من الأمور المجهولة حول عدد الأشخاص الذين سيتقدمون بطلب وما ستقرره الهيئة المستقلة، مع أن التقديرات تشير إلى 216 ألف ضحية للكهنة ورجال الدين، علما أن جميع الأبرشيات الفرنسية تجمع 500 مليون يورو من العائدات كل عام، لكنها تنفق 600 مليون يورو، وليس من المنتظر الحصول على دعم من الفاتيكان الذي يعاني من العجز هو نفسه.

وتتساءل الصحيفة من أين سيأتي المال؟ مشيرة إلى أن اللجنة المعنية بالاعتداءات الجنسية طلبت "استبعاد مسارات دعوة للتبرعات من المؤمنين"، موضحة أنها "غير متسقة مع الاعتراف بمسؤولية الكنيسة"، في حين يتمسّك مؤتمر أساقفة فرنسا بما يشبه التبرعات الخاصة التي عرفت باسم "ساركوثون" والتي سمحت للرئيس السابق نيكولا ساركوزي بتسوية حسابات حملته التي أبطلتها العدالة.

وتبرر أمبرواز لوران هذا الموقف بأن رفض الكنيسة التنازل عن بعض الأصول يعود إلى قانون 1905 الذي يقول إن استخدام التبرعات التي تتلقاها الأبرشيات والرعايا لا يمكن أن تستخدم إلا للعبادة وهذا يتعلق أيضا بتراثها، ونبهت إلى أن هناك تناقضا في طلب اللجنة التي تطلب من الأبرشيات ألا تستخدم هدايا المؤمنين، في حين أن كل ميراثنا يأتي من هذه الهدايا".

وفي انتظار مؤتمر الأساقفة، لا تزال الكنيسة على الخطة "أ"، حيث تم إنشاء الصندوق المخصص لتعويض الضحايا من قبل 16 مؤسسا، وتم تسجيله من قبل السلطات العامة في يوليو/تموز الماضي، وبدأ في تلقي الأموال منذ أقل من شهر، وكان الأساقفة أول المساهمين بصفتهم الشخصية، مع وجود عدد قليل من المانحين من القطاع الخاص.

المصدر : لوباريزيان