عودة إلى الأسس.. خمسة مفاهيم اقتصادية عليك معرفتها في أزمة كورونا

anti virus surgical face masks and money on table - stock photo
فيروس كورونا تسبب في تراجع اقتصادي كبير لدول العالم وزاد مستويات البطالة

محمد أفزاز

مع انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) وتأثيره على كافة الأنشطة الاقتصادية للدول بسبب إغلاق الحدود والمطارات وإجراءات العزل الحصي وحظر التجول زاد حجم تداول عدد من المصطلحات والمفاهيم الاقتصادية.. تعرف على خمسة منها تعد الأهم في وقت الأزمات.

 الركود الاقتصادي

الركود الاقتصادي هو انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لدولة ما أو بمعنى آخر تسجيل نمو سلبي في الناتج المحلي الإجمالي (انكماش اقتصادي) لمدة ربعين متتاليين على الأقل، وقد كانت معظم حالات الركود التي شهدها العالم قصيرة الأمد.

ويعود الركود الاقتصادي في العادة إلى تفوق الإنتاج على الاستهلاك، مما يؤدي إلى كساد البضاعة ثم انخفاض الأسعار، فيصعب بذلك على المنتجين بيع المخزون، ليتلو ذلك انخفاض في معدل الإنتاج.

ويمكن مشاهدة آثار الركود في الانخفاض الكبير بالنشاط الاقتصادي لعدة أشهر، مما يعكس انخفاضا بالناتج المحلي الإجمالي والدخل الحقيقي للدولة، وفي زيادة البطالة وانخفاض الإنتاج الصناعي وانخفاض مبيعات تجارة التجزئة واضطراب أسواق الأسهم وتراجع الاستثمارات.

وقد شهد الاقتصاد الأميركي حالة ركود  في أكثر من 30 مناسبة منذ العام 1854.

وفي حال استمر الركود لسنوات فإنه يتحول إلى "كساد اقتصادي"، كما حصل مع الكساد الكبير في العام 1929، حيث استمر الركود لعشر سنوات.

وفي يومنا هذا -يقول صندوق النقد الدولي- إن الاقتصاد العالمي سيواجه أسوأ موجة ركود هذا العام منذ الكساد الكبير عام 1929 بسبب جائحة كورونا، حيث إنه يتوقع انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 3% العام 2020، وعودة التعافي في 2021.

البطالة وكيفية حسابها

البطالة هي عدم الحصول على فرصة عمل على الرغم من توفر القدرة عليه ومداومة البحث عنه، وهي ظاهرة اقتصادية تنتج عن اختلال التوازن في سوق العمل الذي يشهد فائضا في الطلب مقارنة بفرص العمل الموجودة (العرض).

وليس كل من لا يعمل يعد عاطلا عن العمل، فالتلاميذ ومن استغنوا عن العمل ومن توقفوا عن البحث عنه لا يعتبرون من العاطلين، ولا يؤخذون بالحسبان عند قياس معدل البطالة.

أما معدل البطالة هو النسبة المئوية لعدد العاطلين عن العمل من إجمالي "السكان النشطين"، ويشمل مفهوم "السكان النشطين" -وفق منظمة العمل الدولية- جميع الأشخاص الذين ما زالوا في سن العمل، سواء كانوا يعملون فعلا أم يبحثون عن عمل، وسواء كان عملهم مأجورا أم غير مأجور.

وفي ظل جائحة كورونا تتوقع منظمة العمل الدولية ارتفاع البطالة العالمية بما بين 5.3 ملايين (السيناريو المتفائل) و24.7 مليونا (السيناريو المتشائم)، وسيضاف هذا الرقم إلى عدد العاطلين عن العمل والذي قدر في العام الماضي بـ188 مليونا.

وللمقارنة، أدت الأزمة المالية العالمية 2008-2009 إلى زيادة البطالة في العالم بمقدار 22 مليون شخص.

التضخم

هو الارتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات، سواء كان هذا الارتفاع بسبب زيادة كمية النقد  المتداول في السوق بشكل يجعله أكبر من حجم السلع المتاحة أو العكس، أي أنه ناجم عن زيادة في الإنتاج فائضة عن الطلب الكلي، أو بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج.

ويمكن أن نميز بين تضخم الأسعار ويعني الارتفاع المفرط في الأسعار، وبين تضخم الدخل ويقصد به ارتفاع الدخول النقدية مثل تضخم الأجور وتضخم الأرباح، وبين تضخم التكاليف ويعني ارتفاع التكاليف، ويضاف إلى هذه القائمة التضخم النقدي، أي الإفراط في إصدار العملة النقدية.

وعكس التضخم هو الانكماش، ويعني انخفاضا عاما في الأسعار خلال فترة محددة، ويشكل كلاهما عند مستويات معنية خطرا على الاقتصادات.

ولتعديل مستويات التضخم تعتمد الدول على سياسات مالية وأخرى نقدية، فبالنسبة للسياسة المالية يمكن معالجة التضخم من خلال كبح جماع الإنفاق الحكومي وزيادة الضرائب، أما بالنسبة للسياسة النقدية فيتمثل أشهرها في تخفيض المعروض من النقد في الأسواق عبر رفع أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي ثم انخفاض الطلب، والعكس صحيح عندما يحدث انكماش اقتصادي تتم زيادة الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب وأسعار الفائدة لتحفيز الطلب.

وتقيس الجهات المختصة تضخم الأسعار على سبيل المثال من خلال ما يسمى مؤشر أسعار المستهلك، حيث يتم اختيار سلة من السلع والخدمات الأساسية لأغلب المستهلكين، ثم يجري حساب نسبة تغير أسعارها شهريا بمقارنة شهر بالشهر الذي يسبق، في حين يتم حساب التضخم السنوي من خلال الشهر الذي يتم احتساب التضخم فيه قياسا إلى الشهر ذاته من العام الذي قبله.

وفي وقتنا الحالي مع جائحة كورونا لم تظهر مخاوف كبيرة  بشأن ارتفاع مستويات تضخم  الأسعار بسبب صمود سلاسل الإمداد الغذائية، بل إن التوقعات  تشير إلى انخفاضه مع هبوط أسعار المواد الغذائية، لكن تحصل صدمة في حال حدوث اختلال في سلاسل التوريد.

سلاسل الإمداد الغذائي

تقول منظمة الأغذية العالمية (فاو) إن المنتجات الزراعية تصل إلى المستهلكين من خلال  سلاسل إمدادات غذائية، وتؤثر كل حلقة من حلقات مثل هذه السلاسل على توفر الأغذية وسهولة الحصول عليها وتنوعها وجودتها.

وتؤثر كيفية معاملة الأغذية على امتداد سلسلة ما على محتواها الغذائي وأسعارها، وكذلك على سهولة حصول المستهلكين عليها.

ويشارك في سلسلة الإمداد الغذائي المزارعون وشركات التصنيع ثم قنوات البيع الأخرى، قبل أن تصل إلى المستهلك، وتشير التقديرات إلى أن نظام سلاسل إمداد الغذاء يشكل 10% من إجمالي الناتج القومي العالمي.

وعلى الرغم  من تنامي المتاجر الكبيرة وسلاسل الإمداد الحديثة الأخرى (شركات التوريد، شركات التصنيع الغذائي..) فإن نظم الأغذية التقليدية لا تزال هي القناة الرئيسية التي يشتري من خلالها الناس في البلدان النامية معظم أغذيتهم (صغار تجار التجزئة، الأسواق المفتوحة للأسماك واللحوم وغيرها، والأكشاش على الطرقات).

وتضطرب سلاسل الإمداد الغذائي في وقت الأزمات وتزداد بذلك حدة الخوف والقلق لدى المستهلكين، خاصة عندما يتعلق الأمر بانتشار الأمراض والأوبئة كما هو الحال مع فيروس كورونا (كوفيد-19).

ورغم أن برنامج الأغذية العالمي أكد على صمود سلاسل الإمداد الغذائية في وجه كورونا فإن هناك حذرا من انتشار الذعر في صفوف كبار مستوردي الأغذية عندما يفقدون الثقة في طرق إمداد السلع الغذائية الأساسية.

ويتوقع برنامج الغذاء العالمي أن تؤدي أزمة كورونا إلى زيادة أعداد من يعانون انعدام الأمن الغذائي من 135 مليون إنسان في عام 2019 إلى 265 مليونا بنهاية 2020.

العقود الآجلة للنفط

العقود الآجلة -خلاف العقود الفورية- هي عقود يقوم بموجبها المشتري (المستثمر) بشراء النفط من البائع (التاجر أو المنتج) بسعر وكمية محددين، على أن يتم تسليم هذه الكميات من النفط في المستقبل.

فبيع عقود النفط يجري على أساس تسليم شيء في المستقبل، ويتم تداول هذا النوع من العقود في بورصات العقود الآجلة، وهي الطريقة الأكثر شيوعا لشراء وبيع النفط.

وتستخدم هذه العقود لمواجهة مخاطر تقلبات الأسعار، كما تستعمل للمضاربة من أجل تحقيق الربح دون أن يكون المضارب بحاجة إلى شراء أو بيع السلعة بحد ذاتها.

هنا، وعوضا عن شراء النفط وتخزينه وانتظار الوقت المناسب لبيعه من أجل تحقيق الربح يقوم المتداولون بشراء عقد آجل للنفط ثم بيعه قبل انتهاء صلاحيته.

وقد رأينا كيف أن سعر الخام الأميركي قد نزل يوم 20 أبريل/نيسان الماضي إلى نحو -38 دولارا للبرميل لأول مرة في التاريخ بعدما لجأ المتعاملون إلى بيع عقود النفط الآجلة تسليم مايو/أيار الجاري، خشية مزيد من الانهيار بسبب ضعف الطلب العالمي المتأثر بجائحة كورونا ومع امتلاء منشآت التخزين بالولايات المتحدة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية