لماذا لم تتفاعل الأحزاب بالعراق مع دعوى الصدر لترميم البيت الشيعي؟

Iraqi Shi'ite cleric Muqtada al-Sadr arrives to attend Eid al-Fitr prayers marking the end of the fasting month of Ramadan at the Kufa Mosque near Najaf, Iraq June 5, 2019. REUTERS/Alaa Al-Marjani
الصدر يسعى لأن يفوز تياره بالانتخابات مما يمكنه من تحديد رئيس الوزراء (رويترز)

يركز زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، على هدفه الذي أعلن عنه قبل أسابيع لحصول تياره على رئاسة الحكومة العراقية المقبلة، وبدأ بمبادرات ودعوات بهذا الشأن، أبرزها دعوة الأحزاب الشيعية إلى ما أسماه "ترميم البيت الشيعي".

ورغم أن دعوات الصدر ومواقفه لم تُرفض سابقا على الأقل من معظم الأحزاب الشيعية؛ إلا أن دعوته الأخيرة قوبلت ببرود من هذه الأطراف، ولم تكن هناك مواقف مُعلنة صريحة تؤيدها أو تتضامن معها.

وبعد أن جوبهت دعوته هذه بانتقادات من نشطاء وصحفيين، كتب الصدر تغريدة على حسابه في تويتر تبرر الدعوة، حيث قال "اتركونا نتحالف مع أنفسنا من جهة، ونسعى إلى تقوية عقيدتنا، فإذا قوي التشيع الاعتدالي، فهذا انتصار للاعتدال السني والاعتدال المدني والشيوعي والأقليات أجمع، وهو انتصار للاستقلال والسيادة".

لم يصدر أي حزب موقفا من الدعوة، باستثناء عصائب أهل الحق، التي اعتبرت الدعوة "مهمة"، وكذلك ائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، الذي لم يُعلن موافقته على مبادرة الصدر؛ بل دعا لـ"ميثاق شرف وطني"، على عكس دعوة الصدر التي كانت شيعية فقط.

قيادي في تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم قال للجزيرة نت "لم نتفاعل مع دعوة الصدر، ولن نتفاعل معها؛ لأنه خذلنا في تحالف الإصلاح والبناء عام 2018، وفكك التحالف، وذهب إلى الاشتراك مع تحالف الفتح في تشكيل الحكومة"، مضيفا "تجاربنا السابقة مع الصدر محزنة".

وأضاف القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب سياسية "حتى لو لم يكن لدينا مواقف سابقة معه، لن نتفاعل مع هذه الدعوة، هذه دعوة تُعيد التركيبة الطائفية، وتُبعدنا عن أي مساع لبناء تحالفات عابرة للطائفية وغير مبنية على أساس طائفي أو قومي عنصري".

المسعودي أكد على أن دعوة الصدر ليست طائفية أو انتخابية؛ بل دعوة لترميم البيت الشيعي بعدما ضعف (الجزيرة نت)

أغراض انتخابية
يعتقد البعض بأن دعوة الصدر هذه انتخابية، ويُريد من خلالها تحقيق انتصار في الانتخابات المبكرة المقرر عقدها في يونيو/حزيران المقبل، عبر بوابة "المذهب"، بعدما حقق 54 مقعدا من أصل 329 في الانتخابات الماضية بتحالفه مع الشيوعيين وتقاربه مع المدنيين؛ لكن نواب تحالفه ينفون ذلك.

ويقول رياض المسعودي، وهو نائب عن تحالف سائرون الموالي للصدر إن الأحزاب لم تتفاعل مع دعوة الصدر هذه، فهي تعتقد بأنها دعوة لمصلحة التيار الصدري، ولا ترى بأنها دعوة قد تدعم وتقوي الكثيرين بمن فيهم غير الشيعة، "وللأسف التأييد، الذي خرج، إعلامي فقط".

ويضيف للجزيرة نت أن "هذه الدعوة ليست طائفية أو عنصرية أو انتخابية؛ بل هي دعوة لترميم البيت الشيعي، فنحن نعتقد إذا قوي البيت الشيعي سيقوى السُنة والكرد والجميع، وهذه القوة تصب بالمحصلة في صالح الدولة العراقية".

الجبوري اعتبر أن الصدر يسعى للتمكن من قيادة الطائفة الشيعية في العراق (الجزيرة)

ويعتقد رئيس أكاديمية التطوير السياسي في العراق، رحمن الجبوري، خلال حديثه للجزيرة نت، أن "دعوة الصدر لا تتعلق ببناء البيت الشيعي، الصدر يعمل على التمكن من قيادة الطائفة الشيعية، ويريد ترتيب هذه الأوراق حسب نظرته وقدرته وإبراز التيار له قائدا للشيعة. هذه الرؤية تصطدم بكثير من القيادات الشيعية والمجتمعية؛ لذا لم يتفاعلوا معها، لأنهم يعرفون أهدافها".

ويقول الجبوري، إن "هذه الدعوة هي صراع على قيادة الشيعة؛ لكنها لن تنجح، فللصدر خلافات مع الأحزاب الشيعية ومع مرجعية علي السيستاني، ومع المثقفين الشيعة خاصة بعد مواقفه الأخيرة تجاه الاحتجاجات؛ لذا فهي دعوة لن تجد طريقها للنجاح في وقت تسعى الأحزاب إلى تشكيل تحالفات عابرة للطائفية".

عزلة سياسية
يذهب البعض باتجاه يتحدث عن وجود "عزلة" سياسية يعيشها الصدر، أو شعور بخسارة مرتقبة؛ لذا حاول أن يلعب على وتر المذهب، ومغازلة إيران بذلك لـ"قيادة الشيعة" في المرحلة المقبلة مثلما تحدث رحمن الجبوري.

المحلل السياسي العراقي رعد هاشم قال للجزيرة نت إنه من المؤكد أن تواجه دعوة الصدر مواقف باردة من الأحزاب الشيعية.

وعلل ذلك أنه في الوقت الذي تدعو فيه الأحزاب الشيعية لتحالفات تضم سُنة وأقليات، يأتي الصدر بدعوة تُعيد البلد إلى التخندق الطائفي.

هاشم اعتبر أن دعوة الصدر الأخيرة  تُعيد البلد إلى التخندق الطائفي (الجزيرة)

ويضيف "لن تنجح هذه الدعوة، وسيُصيبها الإهمال، خاصة أن الأحزاب الشيعية المقربة من إيران عرفت بأنها دعوة خاصة بالصدر، وليست دعوة مدعومة من إيران؛ لذا أهملتها، وستخرج بدعوات مناهضة وغير متوافقة معها مع قرب الانتخابات".

ويواجه الصدر انتقادات كبيرة في الفترة الأخيرة، خاصة بعد مواقفه التي انتقد فيها الاحتجاجات في العراق، كما أن مسلحين تابعين له اعتدوا على محتجي محافظة ذي قار (جنوب البلاد)، وقتلوا وأصابوا العشرات منهم، وهو ما تسبب بوضعه في قائمة "المعتدين" على الاحتجاجات بعد سنوات من الاعتقاد بأنه الطرف الشيعي الوحيد المؤيد للاحتجاجات.

المصدر : الجزيرة