سوريا.. ساحة صراع إيراني سعودي يميل لصالح طهران
وكانت السعودية قد تصدرت الدول الداعمة للمعارضة السورية المسلحة منذ تحول الثورة لصراع مسلح، وشكلت غرفة عمليات بالاشتراك مع الأردن والولايات المتحدة "غرفة الموك"، وكان مندوب الرياض فيها الأمير بندر بن سلطان مقيما شبه دائم في عمان لتنسيق إيصال شحنات السلاح للمعارضة في الجنوب السوري.
ونجح فصيل جيش الإسلام المدعوم من الرياض في تحقيق اختراق مهم في الحزام الأمني حول العاصمة دمشق، وكاد يصل مع فصائل أخرى لمطار دمشق الدولي، كما نجحت الفصائل المدعومة منها وبالتنسيق مع دول أخرى أبرزها تركيا وقطر في تحقيق انتصارات مهمة في الجنوب والشمال السوري، مع تراجع كبير للنظام الذي وصلت التقديرات في عام 2013 لتوقع سقوطه خلال أشهر قليلة.
ولم يغير الدخول الإيراني المباشر -عبر جيشه والميلشيات المدعومة منه- كثيرا في مجريات ساحة المعركة التي ظلت تميل لصالح المعارضة، إلى أن جاء التدخل الروسي الذي رجح كفة النظام السوري وداعميه على الأرض.
غير أن التغير الأهم في المعادلة كان في موقف الطرفين الإيراني والسعودي من الدعم وتعزيز قدراتهما في معادلة الصراع الذي لا زال مستمرا في سوريا.
كما عملت إيران على إحداث تغييرات ديموغرافية هامة في تركيبة السكان في مناطق إستراتيجية، أهما الحزام حول العاصمة وحمص والمناطق التي تربط العاصمة بالحدود اللبنانية والساحل السوري، حيث تعرضت هذه المناطق لموجات تهجير كبيرة لسكانها، فيما نقلت سكانا جددا، خاصة في حزام دمشق من السوريين الشيعة والعلويين، إضافة لعراقيين وإيرانيين ولبنانيين، للعيش في المناطق التي توصف بـ"المقدسة" عند الشيعة، لكنها مناطق تبدو مقدسة بالمعنى الإستراتيجي أكثر من المعنى الديني.
ولم تنتظر طهران الحل السياسي الذي قد يؤدي لخلافات بينها وبين حليفها الروسي، فعملت على إنشاء ميليشيات سورية، وبناء مراكز لمليشيات أخرى في مناطق عدة، قريبا من الحدود مع الجولان المحتل، وحول دمشق، وفي مناطق أخرى، ضمن ما يقرأه خبراء ومحللون على أنه "جيوب" لتفجير أي حل سياسي لا يحقق لإيران إستراتيجيتها التي قاتلت من أجلها في سوريا.
بقاء الأسد
وبالرغم من نفي الرياض، والائتلاف لهذه الأنباء، إلا أن مصادر أكدته، واعتبرت أنه ثمرة التقارب السعودي الروسي الذي دخل في تفاصيل المشهد السوري المعقد، لدرجة أن هناك من تحدث عن أن الرياض أكدت أنها ستقنع المعارضة بالقبول بالأسد لفترة ستة أشهر، فيما تحدث الروس عن 18 شهرا، وهما فترتان يؤكد العديد من المراقبين أنهما لن تقنعا الإيرانيين.
المقاربة السعودية التي تعاني اليوم حالة من عدم التوازن، تنتقل لخيارات لم تتضح بعد ظهور وزير شؤون الخليج العربي السعودي ثامر السبهان مؤخرا في محافظة الرقة بحماية قوات سوريا الديمقراطية التي حررت المدينة من تنظيم الدولة، في مشهد ربما يرسل رسائل لجهات عدة، منها حليفتها تركيا التي تناصب العداء لهذه القوات التي تشكل المليشيات الكردية عمودها الفقري.