الزرادشتية بكردستان العراق.. سياسة بثوب الدين

مراسيم أفتتاح أول معبد زردشتي في مدينة السليمانية يوم 21 أب المنصرم في مدينة السليمانية
مراسم افتتاح أول معبد زرادشتي في مدينة السليمانية بكردستان العراق (الجزيرة)

عبد الحميد زيباري-أربيل

مع توسع النزاعات الطائفية والعرقية في العراق، أقدمت مجموعة كردية في كردستان العراق على إعادة إحياء الديانة الزرادشتية التي لم يعد لها وجود هناك سوى في كتب التاريخ، وذلك اعتقادا بأنها الديانة الأنسب لهم انطلاقا من جذورها الكردية، حسب اعتقادهم.

وتنسب هذه الديانة لمؤسسها زرادشت الذي نشرها قبل نحو ثلاثة آلاف وخمسمئة سنة في إيران، حيث يعتقد معتنقوها بوجود إله واحد أزلي هو أهورامزدا (الإله الحكيم)، وأنه خالق الكون الذي لا يصدر عنه سوى الخير.

ويعتقد الزرادشتيون (الذين درجت تسميتهم بالمجوس) أن زرادشت نبي مرسل من الإله، وأن هناك ستة مساعدين للإله أهورامزدا، كما يحتفظون بكتاب الأفيستا الذي يضم مختارات من الكتاب المقدس لديانتهم.

‪‬ حكيم يطلع على كتاب الأفيستا ويحيط به شعار الزرادشتية وعلم كردستان العراق(الجزيرة)
‪‬ حكيم يطلع على كتاب الأفيستا ويحيط به شعار الزرادشتية وعلم كردستان العراق(الجزيرة)

أسباب قومية
ويقول رئيس المجلس الأعلى للديانة الزرادشتية في كردستان العراق لقمان حاجي حكيم للجزيرة نت إن هناك أسبابا عديدة دفعتهم لإحياء هذه الديانة، فهي تؤكد على "التجدد وإنعاش الحياة والعالم"، كما أنها "تزيد من ثقة الأكراد بنفسهم"، معتقدا أن غياب هذه الديانة كان سببا في عدم امتلاك الأكراد دولة مستقلة.

ويؤمن معظم الأكراد حاليا بالإسلام على المذهب السني، إلى جانب اعتناق بعض الأديان الأخرى في كردستان العراق كالمسيحية والإيزيدية والكاكائية.

ويشير حكيم إلى أنهم سيخيرون الناس عند بلوغهم من العمر 15 سنة بين الدين الزرادشتي وأي ديانة أخرى، مضيفا "نريد إبعاد الأطفال عن الدين في المجتمع الكردستاني حتى سن الخامسة عشرة، حسب تعاليم زرادشت، ولكل شخص الحق في البحث عن الحقيقة".

ويشير رئيس المجلس الأعلى للديانة الزرادشتية في كردستان العراق إلى أن أعدادهم في ازدياد مستمر، ما دفعهم إلى فتح أول معبد لهم نهاية أغسطس/آب في مدينة السليمانية بكردستان العراق.

ويضيف "عندما أعلنا عن تشكيل المجلس التحق بنا آلاف الأشخاص وأجرينا لهم مراسم منح الحزام الزرادشتي على يد بير-العجوز (لقب ديني في الزرادشتية)".

ويؤكد أن المجلس سيؤسس معابد أخرى في الإقليم بعد الحصول على الموافقات الرسمية من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

‪‬ النقشبندي: نشعر بالفخر لأن الإقليم هو الوحيد الذي يضم جميع الأديان(الجزيرة)
‪‬ النقشبندي: نشعر بالفخر لأن الإقليم هو الوحيد الذي يضم جميع الأديان(الجزيرة)

ترحيب واستنكار
وتعمل وزارة الأوقاف في كردستان العراق حسب قانونها الصادر من برلمان الإقليم على "ضمان حق العبادة وحرية الدين واعتناق الديانات والمذاهب والمعتقدات لجميع المواطنين".

ويقول مدير العلاقات وتطوير التعايش الديني في الوزارة مريوان النقشبندي للجزيرة نت "لدينا قانون نعمل به ويستند إلى عدة مبادئ، أهمها حرية الأديان والمعتقدات في إقليم كردستان، ووفقه نرحب بأي مجموعة تعتنق أي ديانة، ونشعر بالفخر لأن الإقليم هو الوحيد الذي يضم جميع الأديان".

وقد حاولت الجزيرة نت الاتصال بعدد من علماء الدين المسلمين في كردستان العراق، إلا أنهم امتنعوا عن التعليق على الموضوع، معتبرين أن القضية ذات أبعاد سياسية أكثر من كونها دينية، كما أبدى بعضهم استغرابه من إعادة إحياء هذه الديانة التي لم يبق لها أي أثر لدى الشعب الكردي، حسب قولهم.

المصدر : الجزيرة