المسحراتي.. وظيفة عمرها مئات السنين في مصر

السحور رمضان

محمود جمعة-القاهرة

رغم البنايات الشاهقة وضوضاء المدينة الساحرة، يأبى إلا أن يمشي واثق الخطى بين غابات العمارات وزحام البشر، قناعته أنه يؤدي واجبا وطاعة في آن تجعله يمارس عمله بدأب ونشاط.

المسحراتي وظيفة مصرية قديمة تخرج إلي الحياة مرة واحدة كل عام مع حلول شهر رمضان، يطوف الشوارع لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر.

ورغم تنوع الأساليب الحديثة التي يستخدمها الناس للاستيقاظ للسحور فإن المسحراتي لا يزال موجودا في شوارع وأزقة المناطق الشعبية والقرى الريفية محتفظا بشكله التقليدي الذي يعتمد على الجلباب المصري المعروف وبصحبته الطبلة الصغيرة التي تسمى "بازة" والعصا التي ينادي بها على أبناء الحي الذين عادة ما يعرفهم بأسمائهم ويناديهم بها.

وارتبط احتفال المصريين بقدوم شهر رمضان المبارك على مر الأزمان بظهور المسحراتي في الشوارع والأحياء القديمة، والذي أصبح أحد مظاهر وعلامات هذا الشهر الكريم.

ويرجع ظهور وظيفة المسحراتي في مصر إلى عصر الدولة العباسية قبل نحو 12 قرنا، وفى العصر الفاطمي التالي أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي جنوده بالمرور على البيوت والطرق على أبوابها ليلا ليوقظوا النائمين لإدراك وجبة السحور.

ومع مرور الأيام حرص أولو الأمر من الحكام الذين تولوا أمر البلاد على تعيين رجل يختص بوظيفة المسحراتي فى مصر وكان يتقاضى أجرا من الدولة نظير قيامه بهذه المهمة.

المسحراتي عم عاشور يطوف شوارع حي السيدة زينب في القاهرة ليلا ينادي على أهالي وسكان الحي منذ 40 عاما، يعرف سكان كل شارع بأسمائهم.

ويقول عم عاشور للجزيرة نت إنه يبدأ جولته اليومية من الساعة الثانية عشر ليلا حتى قبل الفجر بساعة واحدة، وعادة ما يقدم له أهالي الحي بعض الطعام والملابس.

ويضيف قائلا "أحيانا يدعونني لتناول السحور معهم، ورغم أنني أعلم أنهم لا ينتظرون صوت طبلتي الصغيرة للاستيقاظ لتناول السحور فإنهم لا يبدون ذلك لي بل على العكس الجميع يشعرني دائما بأنني شخص مهم وأنهم ينتظرونني كل ليلة".

أما عن الجائزة الكبرى التي يتلقاها المسحراتي عم عاشور فتكون عادة صباح يوم العيد الذي يحرص فيه على المرور على كل بيوت المنطقة لتهنئتهم بالعيد وجمع العيدية التي تتمثل في بعض الأطعمة وحلويات العيد، فيما يقدم له الأغنياء بعض اللحوم والملابس الجديدة علاوة على بعض النقود.

_________________
مراسل الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة