هل يمتد اليوم الدراسي في مصر حتى الساعة التاسعة مساء؟

غضب في مصر بعد منع التصوير في المدارس، والسوشيال ميديا تطالب بإقالة وزير التعليم (مواقع التواصل الاجتماعي)

القاهرة- تحت شعار "مواجهة الدروس الخصوصية"، تخوض الحكومات المصرية المتعاقبة معارك عدة ضد أزمات التعليم، أحدث تلك المحاولات كانت مناقشة لجنة التعليم بمجلس الشيوخ عدة مقترحات لاستعادة ريادة المدارس، منها مد اليوم الدراسي إلى 3 فترات ليبدأ من الساعة الـ8 صباحا حتى الـ9 مساء.

واستهدف المقترح البرلماني، الذي صيغ في شكل ورقة عمل ستأخذ مسارها التشريعي خلال الفترة المقبلة، إبقاء التلاميذ طوال اليوم بالمدرسة، للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية ومواجهة الكثافة الطلابية العالية بالفصول الدراسية. وفي حال تطبيق المقترح سيبقى التلميذ طوال 13 ساعة بالمدرسة ذات الكثافة طلابية المعتدلة.

وبالنسبة للمدارس ذات الكثافة الطلابية العالية، فسيتم -بحسب المقترح- تقسيم اليوم الدراسي بها إلى 3 فترات لتبدأ الفترة الأولى من الساعة الـ8 صباحا إلى الـ12 ظهرا، على أن تكون الفترة الثانية من الساعة 12.30 ظهرا إلى الـ4:30، وتكون الفترة الثالثة من الساعة 5 إلى الـ9 مساء.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، طالب ائتلاف أولياء أمور مصر وزارة التعليم بمد فترة العام الدراسي 3 أسابيع بهدف إعطاء وقت أكبر للطلاب لتحصيل المادة العلمية دون ضغوط.

صورة 4 وزارة الصحة ستجري مسحا على المدارس لمعرفة أسباب السمنة في الأعمار الصغيرة تصوير زميل مصور صحفي ومسوح باستخدام الصورة.
التكدس في الفصول والكثافة الطلابية من أهم أزمات التعليم في مصر (الجزيرة)

جودة التعليم

واستبعد البعض أن يرى المقترح البرلماني المقدم من جانب لجنة التعليم بمجلس الشيوخ النور، بسبب عدة أزمات تعاني منها المدارس المصرية، وتمثل عائقا لتحقيق الريادة للمؤسسات التعليمية.

في هذا السياق، انتقد الخبير بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي محمد فتح الله، المقترح الخاص بمد فترة اليوم الدراسي، مؤكدا أن تطبيقه يُفقد المؤسسة التعليمية أهدافها وجودتها.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال فتح الله إن المقترح البرلماني يصلح للتطبيق في حالات الحروب أو الكوارث الطبيعية أو مع الدول الفقيرة جدا، موضحا أن اليوم الدراسي الكامل من الثامنة صباحا حتى الثالثة مساء من أهم معايير جودة التعليم.

واستطرد، "طول اليوم الدراسي لنحو 13 ساعة بالنسبة للمدارس ذات الكثافة الطلابية المعتدلة لا يضمن جودة التعليم ولا يناسب واقع قلة عدد المعلمين، كما أن تقسيم اليوم الدراسي لـ3 فترات لتصبح الفترة الواحدة 4 ساعات فقط غير مناسب لضمان جودة التعليم".

وتساءل الخبير التربوي عن علاقة مد اليوم الدراسي بالقضاء على الدروس الخصوصية، قائلا "اعتدنا منذ عقود أن يعتمد أي قرار تعليمي على ديباجة معينة كمسوغات للقرار، ودائما ما يكون من بينها القضاء على الدروس الخصوصية، سواء أكان لها علاقة بالأمر أو لا".

ويصل اقتصاد الدروس الخصوصية إلى نحو 20 مليار جنيه، حسب تصريحات وزير التعليم السابق، بينما قدّرت دراسة حديثة أعدها المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، بناء على استقراء بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حول إنفاق الأسر على التعليم، اقتصاد الدروس الخصوصية بنحو 60 مليار جنيه.

واقترح الخبير التعليمي حلولا أخرى بدلا من مد اليوم الدراسي لمواجهة مشكلة الكثافة الطلابية وما يستتبعها من ظاهرة الدروس الخصوصية، ومن بينها الاستعانة بالمعلمين الذين بلغوا سن المعاش للاستفادة بخبراتهم وكذلك استغلال طلاب الفرقة الرابعة بكليات التربية من خلال دفعهم للعمل بالمدارس لينخرطوا في العملية التعليمية قبل تخرجهم.

حل مؤقت

من جهتها، دافعت عضوة مجلس الشيوخ، يسرا أباظة، عن مقترح مد اليوم الدراسي، مؤكدة أنه يستهدف في الأساس تقليل الكثافة الطلابية في المدارس ومواجهة مخاطر الأوبئة.

وقالت، في تصريحات متلفزة، إن الفترة الحالية تشهد زيادة في إصابات فيروس كورونا والفيروس المخلوي التنفسي، معتبرة تقسيم اليوم الدراسي إلى 3 فترات جزءا من الإجراءات الاحترازية والوقائية.

ويعد تقسيم اليوم الدراسي على 3 فترات حلا مؤقتا واستثنائيا وليس دائما، وفق تأكيد النائبة البرلمانية، موضحة أن الجهات المختصة تسعى لإقامة مدارس جديدة لاستيعاب الكثافة الطلابية.

وأوضحت أن المقترح يشمل كل المراحل الدراسية، لكنه يستهدف بصورة محددة المدارس ذات الكثافة الطلابية العالية لذا فلن يكون التطبيق معمما على مستوى الجمهورية، وتابعت "هذا المقترح مناسب خلال الفترة الحالية، وبمجرد انتهاء الدولة من خطتها في إنشاء مدارس جديدة سينتهي هذا الحل".

وعن الإرهاق الذي سيتعرض له التلميذ جراء مد اليوم الدراسي حتى الساعة 9 مساء، قالت أباظة إن كل المقترحات لها إيجابيات وسلبيات، مؤكدة أن النواب يضعون مصلحة الطلاب كأولوية فضلا عن الاهتمام بأوضاع المعلمين ورغبات أولياء الأمور.

أزمات عدة

تعاني المدارس المصرية من نقص حاد في أعداد المعلمين مع تدني أجورهم، فوفق إحصاء وزارة التعليم، يبلغ عدد المعلمين المزاولين للمهنة نحو 992 ألف معلم، في حين يزيد عدد التلاميذ على 25 مليون تلميذ. ويصل عجز المعلمين في البلاد إلى 323 ألف معلم، وفق تصريحات مسؤولين حكوميين، في حين يصل عدد كليات التربية بالجامعات الحكومية نحو 25 كلية يتخرج منها الآلاف سنويا.

وبلغت المخصصات المالية للتعليم في الموازنة العامة للدولة لعام 2022/ 2023 نحو 131 مليار جنيه، وتستحوذ أجور المعلمين والتسويات الخاصة بهم على 84% من ميزانية التعليم.

وفي محاولة لسد العجز في المعلمين، صدر قرار رئاسي، في يناير/كانون الثاني الماضي، بتعيين 30 ألف مدرس سنويا لمدة 5 سنوات، ليصل إجمال المعينين 150 ألف معلم، مع اعتماد حافز إضافي جديد لتطوير المعلمين بنحو 3.1 مليارات جنيه.

ويواجه التعليم المصري أزمة أخرى تخص الكثافة الطلابية بالفصول الدراسية، ويبلغ عدد المدارس الحكومية نحو 49 ألف مدرسة. وبحسب تقرير للبنك الدولي؛ فمصر بحاجة إلى بناء نحو 117 ألف فصل دراسي في غضون 5 سنوات، لتخفيف الضغط على المدارس الحكومية وتقليل كثافة الفصول إلى 45 طالبا.

وبحسب تقرير للبنك الدولي، يوجد في مصر أكثر من 24 مليون طالب في مراحل التعليم ما قبل الجامعي، ومعظمهم في المرحلة الابتدائية، ونحو 90% منهم في المدارس الحكومية.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة