مبادرة النجادة.. مركز قطري يحتضن الحرف التقليدية التراثية

مبادرة "النجادة" تعد فضاء إبداعيا تم ترميمه وإعادة تأهيله ليستضيف مجتمعا متعدد التخصصات ويحافظ على المهن التراثية في قطر.

محال مركز النجادة صغيرة ومتناسقة على صفين متقابلين متوازيين (الجزيرة)

لم يكن الشاب القطري حمد أحمد المحمد يعلم أن ألعاب "البزل" التي كان ينفق عليها مصروفه، ستكون سببا في حبه وشغفه بدخول عالم تصميم المجوهرات، ومساهمته في إحياء المواهب الفطرية والحرف اليدوية عبر مبادرة "النجادة-الحرف الجديد في قلب الدوحة" التي أطلقتها متاحف قطر.

فترة زمنية ليست بالقليلة قضاها المحمد في دراسة هندسة الكهرباء إرضاء لوالديه، إلا أنها لم تكن كافية لإثنائه عن حلمه، وإنما زادته إصرارا على تطوير موهبته، وتحويل هوايته إلى مهنة يعمل بها منذ 2012، لكنه انتظر 5 سنوات حتى يطلق ورشته الخاصة للمجوهرات.

الشاب القطري الذي استوحى معظم تصاميمه من تاريخ وتراث قطر مع مزج الثقافة القطرية والعمارة المعاصرة، هو أحد المساهمين في مبادرة "النجادة" التي تهدف إلى إحياء المباني التراثية ودفع عجلة تنمية الصناعات الإبداعية في قطر.

المحمد يرى أن مبادرة النجادة تستحضر الأصالة والتراث وتحتضن الحرف التقليدية (الجزيرة)

دعم الخطة

يقول المحمد للجزيرة نت إن سبب انضمامه لمبادرة النجادة وقبوله بأن يكون جزءا من هذا المشروع، هو دعم خطة متاحف قطر في إحياء الحرف اليدوية القطرية، وتوفير مشغولات حرفية "صنع في قطر" وتصديرها إلى العالم.

ويضيف أن المشروع من النماذج المميزة التي تستحضر الأصالة والتراث وتحتضن الحرف التقليدية والمعاصرة معا، وتخلق بيئة للتفاعل بين المبدعين، ولذلك نقل ورشته للمجوهرات هناك لمزج أعماله بالطابع التقليدي التراثي.

ويقع مركز النجادة الجديد في منطقة سوق واقف في قلب الدوحة، وله بوابة واسعة يعلوها طراز حجري، يدخل منها الزائر ليجد صحنا واسعا يتفرع منه مجموعة من المحال الصغيرة والمتناسقة على صفين متقابلين متوازيين، بينهما شارع ضيق بعرض نحو 5 أمتار وطول 200 متر تقريبا، يتجه من الغرب إلى الشرق.

مركز النجادة يقع في سوق واقف أحد أشهر المعالم السياحية في قطر (الجزيرة)

طابع تراثي

يقع المشروع في مكان فريج النجادة القديم وفي قلب سوق واقف أحد أشهر المعالم السياحية في قطر، منحه طابعا تقليديا وأثريا وجعله يجمع بين فكرة إحياء المباني التراثية وتنمية الصناعات الإبداعية، وفقا للمحمد.

وتتميز معالم مركز النجادة المشكل من 17 بيتا كانت لأسر قطرية، قبل أن يشغلها فيما بعد حرفيون، بعمارته التقليدية وبنيانه التاريخي الأصلي، حيث يعبر المكان عن طابع البيوت القطرية القديمة التي تشتمل على الليوان والحوش وغرف صغيرة من الطين والحجر تشعرك بوجودك في الأحياء القديمة للآباء والأجداد.

ويعتبر المحمد أن فكرة مركز النجادة القائمة على جمع الحرفيين في مكان واحدة كانت بمثابة الحلم الذي تحقق على أرض الواقع، خاصة أن الحرف اليدوية متكاملة، ودائما تحتاج بعضها البعض، فصياغة الذهب تحتاج إلى الجلود وغيرها من الحرف الأخرى.

وتعد الحرف اليدوية هذه الأيام قليلة، ومركز النجادة سيكون فرصة جيدة لانتعاش هذه الحرف في الأسواق والتركيز عليها، خاصة أن الحرف اليدوية ماتت تقريبا منذ أن توفرت الآلات والتطور والتكنولوجيا التي صارت في مختلف المجالات، وفقا للمحمد.

مركز النجادة مشكل من 17 بيتا كانت لأسر قطرية قديما (الجزيرة)

حرف متعددة

يتيح مركز النجادة للمساهمين فيه من المبدعين الناشئين والمتمرسين، التركيز على الحرف الجديدة الآخذة في النمو بدولة قطر، ومنها: الحياكة، وتصميم المجوهرات، والخزف، والفخار، وصناعة العطور، وصناعة الزجاج، والأزياء، والمنسوجات، في حين تتضمن فنون الطهي التحميص، والمزارع الصغيرة، والأغذية المنتجة في قطر، وتصميم أدوات المائدة والتعبئة والتغليف، بينما تشمل التجارب الرقمية إنتاج الفيديوهات، والواقع المعزز، والواقع الافتراضي، والفنون الرقمية، والإصدار الثالث لشبكة الإنترنت وتقنية الميتافيرس.

بدوره، يرى مدير إدارة حماية التراث الثقافي في متاحف قطر، المهندس عبد اللطيف الجسمي أن مركز النجادة الجديد يسعى للربط بين إحياء المباني التراثية ودفع عجلة تنمية الصناعات الإبداعية في الدولة، بصياغة نموذج يحتضن الحرف التقليدية والمعاصرة.

ويقول الجسمي، في تصريح صحفي، إن هذا المشروع يخلق مساحة مشتركة تجمع بين التراث والاقتصاد والمبدعين، وهذا النظام الموحد يضمن المحافظة على المعلم التراثي والتاريخي، ويصنع رواية جديدة معاصرة في الوقت نفسه، ويساهم المجتمع في صونه وحمايته.

ويعتبر أن الهدف الأساسي للمشروع هو احتواء المبدعين في قطر، وتقويم تجاربهم والبرامج التي يسعون لتقديمها، واختيار أفضلها لخدمة المجتمع، ليكون مركز النجادة حيا إبداعيا جديدا في وسط الدوحة.

المصدر : الجزيرة