عشاء عائلي كاد يتحول لكارثة.. ظاهرة تصوير الناس دون علمهم تهدد الأسر العراقية

نشر صور الآخرين دون موافقتهم حالة دخيلة على المجتمع العراقي (غيتي)

النجف- يضطر الكثير من العراقيين إلى اللجوء للأعراف العشائرية حين التعرض لمحاولات "سرقة الصور" أو "التشهير" على منصات التواصل الاجتماعي، أو حتى عند تصويرهم دون علمهم، وهو ما تتعرض له الفتيات بشكل خاص.

وتروي الشابة اصطفاف محمد (22 عاما) من محافظة النجف جنوب بغداد -للجزيرة نت- كيف كاد أن يتحول عشاء عائلي في مطعم صغير وسط المدينة إلى كارثة. وقالت إن أحد الأشخاص التقط صورة لها وهي تبتسم لوالدتها حين طلبت منها تصويرها بهاتفها المحمول، واعتقدت أنه كان يمزح، "إلا أنه حاول التحرش بي حين اتجهت إلى حمامات المطعم، وقال الشاب مهددا: صورتكِ معي".

تحاول اصطفاف لمَّ شتات نفسها وهي تتذكر "اتجهت عائدة إلى مكاني ولم أجد بدا من إخبار والدي وأخي اللذين كانا يحتسيان الشاي، تحول هدوؤهما إلى عاصفة من الغضب، ضربا على إثرها الشاب الذي صورني وتحولت القضية إلى مشكلة عشائرية، انتهت بمسح الشاب الصور وتعهده بعدم إعادة الكرة مرة أخرى، وتغريمه مليون دينار (نحو 700 دولار)".

فسخ خطوبة

وعلى غرار اصطفاف، تعاني الطالبة الجامعية نديمة حسن (21 عاما) من محافظة الناصرية جنوب العراق من مشكلة عويصة لم تجد لها حلا، أثرت على مستقبلها مع خطيبها الذي أحبته ولم تستطع إكمال حياتها معه.

تقول نديمة للجزيرة نت "صبيحة أحد مشؤوم توجهت إلى الجامعة ولم أفهم سبب الأنظار التي كانت تحدق بي. تفاجأت بعدها أن شخصا ما فتح حسابا عبر تطبيق فيسبوك بصوري الشخصية. لم تكن صورا مخلة، بل صوري في لقاء عائلي وأخرى في الجامعة أو في مطعم رفقة صديقات لي".

وتضيف "الناس اعتقدوا أنني أنشر صوري في مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفع خطيبي إلى فسخ خطبته معي رغم أنني لا أعلم شيئا عن هذا الحساب أو من نشر الصور أبدا".

الياسري: نشر صور أشخاص دون موافقتهم جريمة يعاقب عليها القانون (الجزيرة)

رأي القانون

المحامي والخبير القضائي محمد الياسري يرى أن الحادثة هذه تعدّ تشهيرا، خاصة أن العديد ممن يحذون هذا الحذو يستخدمونها لتهديد الفتيات من خلال نشر الصور عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما عالجه القانون ضمن قانون العقوبات العراقي، باعتبار أن نشر صور أشخاص -سواء كانوا معروفين أو لا، نساء أو رجالا- دون موافقتهم، يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، وهذا أمر قد يغفل عنه الكثير، إلا أن هناك من يتعمد التهديد بالنشر لغرض الإساءة أو التشهير بسمعة الأشخاص.

وجرّم قانون العقوبات العراقي التشهير أو القذف في مواده (433) و(434) و(438) و(363)، وحدد عقوبتها بالحبس من مدة سنة إلى 5 سنوات كحد أقصى للعقوبة.

وجاء نص المادة 433 من قانون العقوبات العراقي النافذ المرقم 111 لسنة 1969المعدل: "القذف هو إسناد واقعة معينة إلى الغير بإحدى طرق العلانية، من شأنها لو صحت أن توجب عقاب من أسندت إليه أو احتقاره عند أهل وطنه، ويعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين".

شذى قاسم اعتبرت تصوير الناس دون علمهم "غير أخلاقي" وقد يقود إلى حالات قتل (الجزيرة)

آثار نفسية

أما اجتماعيا، فالقضية لم تخل من الأثر النفسي، كما تقول الباحثة الاجتماعية الدكتورة شذى قاسم، معتبرة أن "نشر كل ما يحيط بنا وصولا إلى نشر صور الآخرين دون موافقة، هي حالة دخيلة على المجتمع العراقي، خاصة أنه مجتمع محافظ ومقيد بضوابط، والعمد بالتشهير أو حتى التقاط الصور دون استئذان صاحبها، يمكن أن يقود إلى عواقب أسوأ".

وتشير الباحثة العراقية في حديثها للجزيرة نت إلى أن هذا الفعل غير أخلاقي، وقد يقود إلى حالات قتل تقع تحت بنود "غسل العار" التي نسمع عنها بين الحين والآخر، خاصة إن انتشرت صورة فتاة من عائلة محافظة، سواء كانت الصور مسروقة أو أخذت خلسة أو تحت التهديد.

المصدر : الجزيرة