شاهد- عراقي أحب الأسود فامتهن تربيتها وتدريبها

البصرة – في خضم التحديات البيئية جنوب العراق من ارتفاع بدرجات الحرارة صيفا وزيادة نسبة التصحر، قام غالي صالح المرشدي (50 عاما) بعدة محاولات لتربية الحيوانات البرية وكان أبرزها تربية وترويض الأسود.

كانت المحاولة الأولى عام 1992 في تربية الحيوانات النادرة حيث امتلك 22 غزالا وحيوانات أخرى.

والأسود لها معنى خاص لدى المرشدي، ففي نهاية 2003 اشترى لبؤتين وشبلا بعمر 75 يوما، ومنها بدأت رحلته مع تربية الأسود، فعمل محمية صغيرة في قضاء الزبير بمحافظة البصرة (جنوب) ووفر ظروفا ملائمة لحياتها.

واعتبر المرشدي -في حديث للجزيرة نت- أن الأسد كائن مميز في طباعه من ناحية المظهر والسلوك، لذلك أحبه وتعلق به. وأشار إلى أن الأسد يمر بـ 5 مراحل عمرية، فمن الولادة إلى 6 أشهر يسمى شبلا، ومن 6 أشهر إلى سنة يطلق عليه اسم ضرغام، ومن سنة إلى سنتين يسمى الغضنفر، ومن سنتين إلى 5 سنوات يطلق عليه ليثا، وبعدها يسمى أسدا.

محميات طبيعية

وعن غياب المحميات الطبيعية جنوب العراق، قالت رواء بناي الأستاذ الجامعية المتخصصة في مجال أبحاث البيئة إن ندرة الكوادر ذات الكفاءة لتبني مثل هذه المشاريع، إضافة إلى ضعف التمويل المخصص للحفاظ على التنوع الحيواني، وعدم وجود الغطاء النباتي الذي يلائم تربية هذه الحيوانات كالأشجار الدائمة والمنخفضة الارتفاع، والتدهور البيئي وعدم وجود نظام بيئي متوازن ومستقر، كلها أمور قللت من فرص نجاح محميات للحيوانات البرية.

وعن السبل الكفيلة بالمحافظة على التنوع الحيواني جنوب البلاد مثل الأسود والذئاب وغيرها، تقول الأستاذة الجامعية إن تنوع هذه الأحياء يوصف بالتنوع للحياة والذي يشمل النبات والحيوان، وتوافر المقومات التي تحقق نظاما بيئيا مستقرا، ولها سمات جيولوجية معينة.

كما أن التعامل مع الحيوانات المفترسة كالأسد والذئب بحاجة لأشخاص ذوي خبرة علمية ودراسة نمط معيشتها وسلوكها.

الأستاذة الجامعية رواء بناي أكدت أن التعامل مع الحيوانات المفترسة بحاجة لأشخاص ذوي خبرة علمية (الجزيرة)

مواقف وسلوك

يعود المرشدي، متحدثا عن سلوكيات الأسود من خلال تربيته لها، إنها تتعلق بمربيها وفي حال انقطاعه عنها لفترة أسبوعين تضرب عن الطعام، وعند لقائه بها تحرص على اللعب معه ولكن بأسلوبها العنيف.

ويضيف أنه يقوم بترويض الشبل على مجموعة من السلوكيات التي تجعل علاقته بالإنسان متينة وبحيث لا يتعرض للخطر، ولكن يلفت إلى أنه مع ذلك لابد أن يكون الشخص حذرا عن التعامل مع هذه الحيوانات.

ومن الغرائب التي ذكرها المرشدي عن الأسد أنه يتفقد المواليد الجدد ويتفحصها، وإذا وجد أحد الأشبال ليس من جيناته فإنه يقتله على الفور.

ويمتلك المرشدي 7 من الأسود ومثلها من اللبؤات وكل لبوة تلد اثنين و3 أشبال في العام، فيتوفر له بالعام نحو 15 شبلا يقوم ببيعها، مما يحقق له مردودا يستخدمه في تطوير محميته.

وأوضح أن سعر الشبل من عمر شهرين يبلغ 4 آلاف دولار، والأسد البالغ تصل قيمته لأكثر من 10 آلاف دولار.

وأعرب المرشدي عن طموحه في تربية النمور، مشيرا إلى غياب الإمكانيات حاليا لتحقيق ذلك بسبب ارتفاع سعر النمر لنحو 40 ألف دولار، مشيرا إلى أنه قليل التكاثر مقارنة بالأسد.

وعن تربية الذئاب، يقول المرشدي إن من صفات هذا الحيوان أنه يكون بارا بوالديه ولا يتزاوج من شقيقاته، وعند اصطياده لأي فريسة يقدمها لوالديه في البداية ولا ينازعهما الأكل فينتظر حتى ينتهيا ثم يأكل ما تبقى.

مربي الأسود العراقي غالي المرشدي خلال تجواله بين الأسود (الجزيرة)

التكاليف

كل أسد بالغ يأكل نحو 8 كيلوغرامات من اللحم يوميا، في حين يأكل الشبل الواحد نحو 4 كيلوغرامات من اللحوم، ويبلغ المعدل اليومي لكل ذئب نحو 5 كيلوغرامات من اللحم.

ويعتب المرشدي على الحكومة والمنظمات المهتمة بالحيوانات البرية، لعدم تلقيه أي دعم منها في مجاله، مشيرا إلى أنه يسدد للدولة 9 ملايين دينار (6200 دولار) سنويا لاستئجار الأرض.

وأشار إلى أنه يتكلف على الطعام لحيواناته بالمحمية ما قيمته 150 ألف دينار (105 دولارات) يوميا.

يقول المرشدي إنه لم يتوقع بداية الأمر أن يستمر في تربية الأسود، خاصة أن كل من حوله كانوا يخوفونه من خطورة التعامل مع الحيوانات المفترسة، غير أنه اكتشف أن الأسد يحمل صفات الوفاء والصداقة، فيتعامل معه بثقة واطمئنان.

تقول الناشطة البيئية زينب فاضل التميمي "تربية الأسود والذئاب خطوة إيجابية لأنها ستشكل بالنتيجة محميات طبيعية بمرور الوقت يمكنها جذب أكبر عدد من السائحين وخصوصا إذا كانت برعاية حكومية".

وتطالب الدولةَ بتوفير محميات طبيعية ملائمة لعيش وتكاثر تلك الحيوانات، إضافة إلى الاستفادة من تجارب البلدان ذات البيئة المشابهة والتي نجحت في إقامة محميات، وذلك كي ينفذ العراق خطوات توصله لإنجاح الفكرة.

المصدر : الجزيرة