مكار ماجو.. قرية إندونيسية تشتهر بصناعة السواطير والسكاكين

صالحين بن عبد الله (اليسار) مع ابن اخته ديدي بن موليانا في ورشته
صالحين بن عبد الله (يسار) مع ابن اخته ديدي بن موليانا في ورشته بحي سوكاماهي (الجزيرة)

باندونغ- على بعد 40 كيلومترا جنوبا من مدينة باندونغ، عاصمة مقاطعة جاوة الغربية في إندونيسيا ورابع مدينة إندونيسية من حيث الأهمية، تقع قرية مكار ماجو، ويشتهر حيان من أحيائها بصناعة الساطور والأسلحة الحادة، وهما حيا سوكاماهي ولوي.

وعلى مدى عقود يعرف حي سوكاماهي بحي "حداد السواطير" المزينة والمزخرفة، وهي مصدر رزق غالبية سكان هذه القرية التي تتكون من 230 بيتا، في كل منها توجد غرفة خاصة للورشة الحديدية لصناعة الأسلحة.

لأول وهلة عند زيارة حي سوكاماهي تشاهد في شارعها الأساسي عدة محلات وغرف لصناعة الأسلحة البيضاء من السواطير والسكاكين التقليدية، وعند الدخول بين أزقة بيوت الحي تتمتع الأذن بألحان الرنين التي تنتج من ضربات مطارق الحداد، في حين تجد في منازل أخرى رجالا أو نساء منشغلين بتقطيع الأخشاب ونقشها أو نحتها، في عملية صناعة المقابض وأغماد الأسلحة.

وعادة ما يعمل الرجال حدادين أو حرفيين في النقش وتشكيل الحديد، بينما تتولى النساء النحت والصنفرة والطلاء والعمليات النهائية للمنتج، حيث يقدر عدد من يشارك في صناعة الأسلحة في حي سوكاماهي بحوالي 400 شخص.

نساء حي سوكاماهي تشارك الرجال في صناعة الساطور والسيوف التقلدية
نساء حي سوكاماهي يشاركن الرجال في صناعة السواطير والسيوف التقليدية (الجزيرة)

كما تصنع في هذه القرية مختلف أنواع الأسلحة البيضاء من السواطير والسكاكين والمناجل، مثل منجل الجزّار الذي يستخدم لتقطيع اللحوم، بينما تتميز القرية بمناجل أو سواطير مزخرفة المقابض، وتختلف أسعار الغمد بين عشرات ومئات الدولارات، تلبية لطلبات محلية أو أجنبية من ماليزيا وهولندا وألمانيا وحتى الصين.

شهرة تواجه الانقراض

ويؤكد صالحين بن عبد الله (55 سنة) في حديثه للجزيرة نت -وهو من الجيل السادس في فن نحت غمد السواطير، وقد ورثه عن أجدادها- أن القرية تعرف بإنتاج الأسلحة اليدوية بطريقة تقليدية منذ عقود، وتحديدا منذ سنة 1933، بالرغم من لمسات صناعية حديثة في بعض عمليات إنتاجها كآلة "الجلخ" وغيرها في العقود الأخيرة، إلا أن قيمتها وميزتها التي تأخذ منها شهرتها هي فن نحت غمد هذه الأسلحة.

وقال صالحين "نحن نرث هذه الحرفة من جيل إلى جيل، ووصلنا حاليا إلى الجيل السابع، حيث نعلّم الآن الجيل السابع"، معبرا عن اعتقاده أن فن صناعة الساطور لا بد من توريثه من باب "علم ينتفع به"، حيث ينتفع أهل الحي من هذا الفن ماديا.

ويضيف صالحين الذي استضاف الجزيرة نت في ورشته بجانب منزله، أنه علم أبناءه وأبناء إخوته صناعة الأسلحة وصناعة المقابض والنقش منذ الصغر، معترفا بأنه يواجه حاليا تحديات العصر، ومنها أن عدد ممارسي فنون الصناعة بدأ يقل.

ويسعى صالحين لتوريث فن صناعة الأسلحة إلى ابن اخيه الذي وظفه في قسم التوزيع والتسويق، حيث يجلب السواطير والأسلحة من أهل القرية ويبيعها إلى الوكلاء أو المشترين.

أكمل الدين احد الحرفيين في حي سوكاماهي
أكمل الدين من الحرفيين في حي سوكاماهي (الجزيرة)

إنتاج مميز

وقال ديدي موليانا بن حافظين، وهو ابن أخت صالحين -للجزيرة نت- "منذ عام 2008 أرسلنا طلبيات للسواطير من ماليزيا وسنغافورة، وهناك إنتاجات لطلبات خاصة تحجزها بعض الفئات، من سيف ساموري وسلاح تقليدي مثل الكريس التي يصل سعرها إلى 110 دولارات، وهي طلبات محلية حيث إن السعر يعتمد على جودة الحديد وخشب الغمد".

وأكد ديدي أن جائحة كورونا سببت انخفاض الإنتاج والطلبات في البلاد رغم التحسن حاليا، إذ بدأت ترتفع الطلبات مرة أخرى مع عودة الوضع، متمنيا أن تنتهي الجائحة تماما.

وأشار ديدي إلى أن ما يميز إنتاجاته جودة وفن تزيين غمد الأسلحة، حيث إن كثيرا من الناس يريدون أن يحتفظوا بها لمدة من الزمان، وفق شروط الأمان، بحيث لا تؤذي أحدا في البيت بعد استخدامها، في حين أن هناك من يشترى أسلحة بأشكال خاصة لتميزها الزخرفي وللهدايا أو للاقتناء.

اهتمام أكاديمي

وعن خامات الإنتاج، قال صالحين بن عبد الله "نعتمد في صناعتنا غالبا على الحديد المستخدم في قطع غيار السيارات وغيرها وليس الحديد الجديد، حيث إنه رخيص الثمن، كما أنه قوي. مشيرا إلى أنه استطاع إنتاج حوالي ألف قطعة شهريا.

وأضاف أن شهرة حي سوكاماهي تجلب اهتمام بعض طلاب الجامعة في مدينة باندونغ لعمل الأبحاث والدراسة من جوانب تاريخية وفنية واقتصادية، مما يساعد في رفع معنويات أهل الحي والتسويق لمنتجاتهم.

وأكد صالحين أن صناع السواطير في الحي يأملون بالدعم من جميع الأطراف المعنية في التطوير والتنمية والتسويق، كشراء بعض الآلات الصناعية الحديثة لتسريع عملية الصناعة، لافتا إلى أنه لا يوجد في هذه القرية إلا آلة واحدة فقط يستأجرها صناع الأسلحة.

المصدر : الجزيرة