في استذكار لتراث خليجي قديم.. متحف قطر يعيد افتتاح سوق البراحة التقليدي

زوار المتحف حرصوا على تفقد سوق البراحة
زوار متحف قطر الوطني في جولة بسوق البراحة المجاور (الجزيرة نت)

عماد مراد-الدوحة

بماكينة نسيج يدوية بسيطة، تجلس أم هاشم أمام المتسوقين في سوق البراحة الذي ينظمه متحف قطر الوطني إحياء لتراث قطري وخليجي قديم، بعد أن كان السوق المتنفس الوحيد للتسوق والتجارة قديما.

فأم هاشم التي ورثت صناعة الشال يدويا من عائلتها، تعتبر أن هذه الصناعة مهددة بالاندثار بسبب عدم الاهتمام بها في الفترة الأخيرة، خاصة في ظل المنتجات الجديدة الأقل كلفة، ولكنها بالطبع ليست بكفاءة الشال اليدوي الذي يصنع من خيوط الصوف الطبيعي.

صناعة الشال اليدوي تستغرق يومين من العمل على تلك الماكينة البسيطة، التي يتطلب العمل بها أولا نسج خيوط صوف طولية ثم نسج خيوط أخرى عرضية تختلف ألوانها حسب التصميم الخاص بهذا الشال، وعقب الانتهاء من نسج تلك الخيوط تبدأ أم هاشم تحريك الخطوط العرضية لتتقاطع مع الطولية؛ مصممة نسيجا قويا من خيوط الصوف.

ويعد سوق البراحة فرصة كبيرة لأم هاشم من عدة جوانب؛ أهمها تسويق منتجاتها بشكل مباشر للجمهور من دون الحاجة إلى وسيط تجاري يحد من مكسبها، فضلا عن تعريف المجتمع بطبيعة الصناعة اليدوية وكفاءتها وحجم الجهد المبذول فيها. وتعرب أم هاشم عن أملها في استمرار هذه الفعالية لتدعم الصناعات اليدوية التي تصارع الاندثار.

أم هاشم ترى أن صناعة الشال اليدوي مهنة معقدة للغاية(الجزيرة نت)
أم هاشم ترى أن صناعة الشال اليدوي مهنة معقدة للغاية(الجزيرة نت)

ويوفر "سوق البراحة"، الذي سيقام كل أسبوعين في عطلة نهاية الأسبوع بمتحف قطر الوطني؛ تجربة نابضة بالحياة لأفراد المجتمع كي يعيشوا خلالها الماضي عبر الاستمتاع بأجواء البراحة العربية القديمة.

تفاعل ثقافي
ويتميز السوق بحسن التنظيم ودقة التنسيق لمساعدة الحرفيين وصناع الأطعمة المحليين في عرض منتجاتهم بأفضل صورة، وتوفير ساحة مثالية للتفاعل الثقافي بين الزائرين.

ويسهم "سوق البراحة" في إعادة منطقة البراحة بمتحف قطر الوطني إلى سيرتها الأولى، حيث كانت البراحة في العصور القديمة ساحة يلتقي فيها التجار والمسافرون لبيع البضائع.

ويمكن لزائري السوق مشاهدة وشراء العديد من المنتجات المصنوعة محليا التي تتنوع بين الأعمال الفنية والجواهر والأزياء والإكسسوارات ومنتجات العناية بالصحة، والأدوات المنزلية والقهوة المتخصصة والأطعمة.

صناعة الإكسسوارات اليدوية وجدت مكانا في السوق(الجزيرة نت)
صناعة الإكسسوارات اليدوية وجدت مكانا في السوق(الجزيرة نت)

كما يمكن لزوار السوق استكشاف المزيد عن العادات والتقاليد القطرية عبر باقة من الأنشطة التفاعلية الأخرى.

ويعتبر الرئيس التنفيذي بالوكالة لمتاحف قطر أحمد النملة أن سوق البراحة يمثل ركيزة أساسية في الحفاظ على التراث الثقافي، وهي مهمة متاحف قطر المتمثلة في إنشاء وترسيخ قطاع ثقافي قوي داخل قطر، من خلال إطلاق مبادرات مثل سوق البراحة.

ويضيف النملة أن متاحف قطر تعمل على ربط المجتمع المحلي من كافة الأعمار بماضيهم، لتذكيرهم بمهارة وحكمة أسلافهم والمصاعب التي كانوا يواجهونها، معبرا عن أمله في أن يجد رواد الأعمال الإلهام في الساحات العربية التي تمثل تقاليد الماضي وتحتفي بها.

ومسمى البراحة له أهمية كبيرة في قطر وكافة الدول الخليجية، وكان يطلق قديما على الساحات القريبة من الفرجان (الأحياء) التي كانت مخصصة للبيع والشراء بين التجار وسكان تلك الأحياء.

المصدر : الجزيرة