لماذا تعاني النساء من الأرق أكثر من الرجال؟

حوالي 20% من النساء يعانين من نوبات متكررة وشديدة من الومضات الحرارية تسبب لهن اضطرابات في النوم (بيكسلز)

تعد مشاكل واضطرابات النوم أمرا شائعا بين البالغين، غير أن النساء -وفق العديد من الأبحاث والإحصائيات- هن أكثر عرضة للإصابة بالأرق من الرجال، ما يؤثر بالتبعية على صحتهن الجسدية والعقلية.

ووفقا لاستطلاع حديث أجرته المؤسسة الوطنية الأميركية للنوم، تعاني النساء بشكل ملحوظ من مشاكل النوم أكثر مما يعاني الرجال.

وتنجم اضطرابات النوم عن مجموعة من العوامل البيولوجية والنفسية؛ بعضها عام عند معظم النساء، والبعض الآخر يختلف باختلاف العمر أو عند المرور بمراحل الحمل والرضاعة، وتساعد معرفتها في التعامل مع مشاكل النوم والتغلب عليها أو تخفيفها على الأقل.

تغيرات الدورة الشهرية

ووفق فيونا بيكر، الأستاذة والباحثة الأميركية في الموضوعات المتعلقة بالنوم بجامعة "ويتواترسراند" جنوب أفريقيا، فإن التغيرات الهرمونية الناتجة عن الدورة الشهرية؛ مثل تقلبات المزاج والشعور بالقلق والاكتئاب، وكذا الأعراض الجسدية مثل التقلصات والانتفاخ وألم الثديين، تتسبب في إصابة النساء باضطرابات في النوم.

وقالت فيونا في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز" إنه خلال الأيام التي تسبق الدورة الشهرية تنخفض مستويات هرمون البروجسترون وتبدأ أعراض متلازمة ما قبل الطمث التي تزيد احتمالية الإصابة باضطراب في النوم، كما تصاب بعض النساء باضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي، وهو نوع أكثر شدة من متلازمة ما قبل الطمث.

اضطرابات النوم تنجم عن مجموعة من العوامل البيولوجية والنفسية (بيكسلز)

الحمل

يُحدث الحمل مجموعة من التغيرات الفسيولوجية والنفسية لدى النساء، وتصاحبه في الشهور الأولى أعراض مثل الغثيان والقلق والتغيرات المزاجية والهرمونية، تساهم جميعها بصورة كبيرة في تغير نظام النوم عند النساء، كما أوضحت شيلبي هاريس، الأستاذة المساعدة في علم الأعصاب وعلم النفس في كلية ألبرت أينشتاين للطب.

وخلال الثلث الأول من الحمل قد تجعل التغيرات الهرمونية النساء أكثر نعاسا من المعتاد، ولكن بحلول الثلث الثالث تتفاقم مشكلات النوم بسبب الشعور بعدم الراحة الناتج عن التغيرات الجسدية الكبيرة والاضطرار إلى التبول كثيرا.

رعاية الرضع

لا يتوقف الأمر عند أشهر الحمل، إذ تأتي بعده أشهر العناية بالمولود الجديد، والتي يصعب معها النوم بشكل منتظم.

وتشير هاريس إلى أنه "في بعض الأحيان تكون النساء في حالة من التأهب لسماع بكاء أطفالهن، ما يجعل أدمغتهن في حالة من اليقظة الشديدة والاستعداد للاستجابة في أي وقت، وهو ما يؤثر سلبا على قدرتهن على النوم والاسترخاء".

العناية بالمولود الجديد قد تحرم الأمهات من النوم المنتظم (بيكسلز)

انقطاع الطمث

ذكرت دراسة نشرتها "المكتبة الوطنية للطب" أنه خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث (التي قد تصل إلى حوالي 4 سنوات)، يعاني ما يصل إلى 80% من النساء من أعراض التعرق الليلي وومضات الحرارة، وقد تستمر لعدة سنوات بعد ذلك، وتؤثر هذه الومضات سلبا على النساء في عدة نواح منها قدرتهن على النوم.

وقالت بيكر إن "حوالي 20% من النساء يعانين من نوبات متكررة وشديدة من الهبات الساخنة ويتسبب ذلك في إصابتهن باضطرابات في النوم".

وفي دراسة أخرى نشرتها "المكتبة الوطنية للطب" أيضا، ذكرت أن النساء بعد انقطاع الطمث أكثر عرضة للإصابة بانقطاع التنفس خلال النوم، وهو حالة تحدث عندما تسترخي عضلات مجرى الهواء وتعيق التنفس مؤقتا، مما يؤدي إلى الاستيقاظ ليلا بشكل متكرر.

كما قد تساهم زيادة الوزن المرتبطة بانقطاع الطمث دورا أيضا في التعرض لانقطاع التنفس أثناء النوم.

اضطرابات نفسية

تتعرض النساء أكثر من الرجال إلى خطر متزايد للإصابة ببعض الاضطرابات النفسية؛ مثل القلق والاكتئاب، مما يؤثر بشكل كبير على جودة نومهن.

ووفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة "غالوب" (Gallup) في مايو/أيار السابق، وجد أن نسبة النساء اللاتي أفدن أنهن يعانين من الاكتئاب هي ضعف نسبة الرجال.

كما ذكرت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية أن احتمال إصابة النساء باضطراب القلق أكثر مرتين من الرجال خلال حياتهن.

احتمال إصابة النساء باضطراب القلق أكثر مرتين من الرجال خلال حياتهن (بيكسلز)

أمراض جسدية

بعض الحالات الصحية تتعرض لها النساء أكثر من الرجال؛ منها "متلازمة المبيض المتعدد الكيسات" (Polycystic Ovary Syndrome PCOS) التي تؤدي إلى اختلالات هرمونية تفاقم أزمات النوم، وقد تؤدي أيضا إلى الإصابة بانقطاع التنفس خلال النوم.

كما تعاني النساء أيضا أكثر من الرجال من اضطراب الفيبروميالغيا (الألم العضلي الليفي) الذي يسبب آلاما في العضلات في جميع أنحاء الجسم ويجعل النوم صعبا.

وتصاب النساء بسلس البول بنسبة تصل إلى ضعف نسبة الرجال، وذلك بسبب التغييرات العديدة التي تطرأ على الجهاز التناسلي أثناء الحيض والحمل والولادة وانقطاع الطمث، ويسبب ذلك اضطرابا في نومهن بسبب الحاجة إلى التبول عدة مرات في الليلة.

كيف تحصلين على نوم أفضل؟

يمكنك الاستعانة ببعض نصائح المختصين لتحسين جودة نومك والتغلب على أزمات النوم أو تخفيف أثرها على الأقل، وذلك عبر:

ممارسة الرياضة: وخصوصا في الأيام التي تسبق الطمث، إذ تساعد على الشعور بالتعب آخر اليوم والنوم بسهولة أكبر.

وسائد الحمل: استخدمي وسائد الحمل التي تساعد في تخفيف تأثير التغيرات الجسدية، خاصة خلال الأشهر الأخيرة. وتوصي كريستين وون، مختصة النوم بجامعة ييل، بالنوم مع رفع الرأس لتقليل ارتجاع المريء والشخير المرتبطين بالحمل.

الهرمونات البديلة: وتقول بيكر إن "العلاج بالهرمونات البديلة، والذي يتضمن مكملات الهرمونات المفقودة خلال فترة انقطاع الطمث، يعتبر الطريقة الأكثر فعالية لعلاج ومضات الحرارة، لكن يفضل أخذ أقل جرعة لأقصر فترة زمنية"، وتكون بوصف من الطبيب المختص".

خلال فترة انقطاع الطمث حاولي تجنب الأطعمة الغنية بالتوابل (غيتي)

تجنبي التوابل: خلال فترة انقطاع الطمث حاولي تجنب الأطعمة الغنية بالتوابل، والتي يمكن أن تزيد ومضات الحرارة.

العلاج السلوكي المعرفي: تقول هاريس إن "العلاج السلوكي المعرفي (أحد طرق العلاج النفسي) من أفضل طرق علاج الأرق، وثبتت فاعليته في تحسين النوم وتخفيف أعراض الاكتئاب".

نصائح عامة: وهناك بعض النصائح العامة أيضا لتحسين جودة النوم؛ منها تجنب الكافيين بوقت كاف قبل النوم، والنوم والاستيقاظ في مواعيد ثابتة بقدر الإمكان، والحد من النظر في الهاتف قبل النوم بساعة، ومحاولة النوم في غرفة باردة ومظلمة وهادئة.

المصدر : مواقع إلكترونية