سلال المحبة والإفطار الجماعي.. هكذا يتكاتف الإيرانيون لإعانة الأسر المعوزة في رمضان المبارك

حضر 15 ألف صائم في مهرجان الإفطار الجماعي بطهران (الجزيرة)
مهرجان الإفطار الجماعي بطهران حضره نحو 15 ألف صائم (الجزيرة)

طهران – رغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تمر بها شريحة كبيرة من الإيرانيين، فإن المؤسسات الخيرية والمواكب الحسينية تتسابق للقيام بمبادرات تطوعية لتوزيع المساعدات على المعوزين وإعداد موائد الإفطار الجماعي.

فبعد مهرجان الإفطار الجماعي التي نظمته منظمة "عباس آباد" السياحية، الأسبوع الماضي، على جسر الطبيعة الشهير شمالي طهران، قامت مجموعة من المواكب الحسينية بشارع "قدس" الواقع في قضاء "ري" جنوب العاصمة طهران بتنظيم أكبر مائدة إفطار جماعي بطول كيلومتر بمناسبة منتصف رمضان المبارك، وذلك أول أمس الجمعة.

وإثر الاستقبال الشعبي الكبير الذي حظي به مهرجان إفطار الشارع الذي نظمته جمعية المواكب الحسينية بتوزيع نحو 3 آلاف وجبة غذائية العام الماضی، قررت جمعية مواكب شارع قدس -المؤلفة من 40 موكبا دينيا- توسعة المشروع ليشمل 15 ألف صائم.

شارك في الإفطار الجماعي عدد من مسؤولي بلدية طهران وشعراء وفنانون (الجزيرة)
في الإفطار الجماعي شارك شعراء وفنانون مع عدد من مسؤولي بلدية طهران (الجزيرة)

شمعة أمل

وفي ظل غلاء المعيشة، يقول صادق قائيني، القائم على مشروع أطول مائدة إفطار في إيران، إن المهرجان جاء ليكون شمعة أمل للتعبير عن التكاتف الشعبي في البلاد، وإن جانبا آخر من نشاط جمعية المواكب الدينية يهتم بتوزيع سلال رمضانية على الأسر المعوزة لإعانتها على تجاوز صعوبات الوضع الاقتصادي المتردي.

وفي تصريح للجزيرة نت، يؤكد قائيني أن الجمعية لم تتلق أي دعم رسمي مقابل نشاطاتها الخيرية، وأن ما يجمع من تبرعات الخيّرين يفوق الميزانية اللازمة لإقامة المهرجانات الشعبية، مضيفا أن مئات المتطوعين يشاركون في طهو الطعام وخدمة الصائمين دون أي مقابل.

مئات المتطوعين يشاركون في طهي الطعام وخدمة الصائمين دون أي مقابل 1 (الجزيرة)
مئات المتطوعين يشاركون في طهو الطعام وخدمة الصائمين (الجزيرة)

وعقب أذان المغرب، بدأ المهرجان بتوزيع الشاي والأكلات الخفيفة حتى انتهاء صلاة الجماعة في المساجد والحسينيات في شارع قدس، قبل أن يتحول إلى ساحة تعج بموائد الطعام والأطباق المتنوعة من الحلويات والفواكه والمأكولات والمشروبات الغازية والعصائر.

وتحولت أجواء إفطار الشارع إلى حفل ديني كبير بمناسبة منتصف رمضان المبارك، شارك فيه عدد من مسؤولي بلدية طهران وشعراء وفنانون وشخصيات محلية أخرى، كما خصّص المنظّمون جناحا لألعاب الأطفال ومسابقات الرسم.

تفرغت العديد من باحات البيوت المجاورة لساحة الإفطار الجماعي لتكديس وجبات الطعام قبيل إذان المغرب (الجزيرة)
العديد من باحات البيوت المجاورة لساحة الإفطار الجماعي فُرّغت لتكديس وجبات الطعام قبيل أذان المغرب (الجزيرة)

هواجس شعبية

يقول حامد (46 عاما) الذي حضر مائدة الإفطار برفقة زوجته مهرانه (41 عاما) وابنتيه حنانه (9 أعوام) وفتانه (3 أعوام) إن الوضع المعيشي أضرّ بعلاقات الأسر في السنوات الماضية، حيث كان الإيرانيون يقضون أكثر ليالي الشهر الفضيل بمشاركة الأهالي والأرقاب موائد إفطارهم، ويتسابق الجيران على دعوة بعضهم حتى قبل عقد من الآن، إلا أن غلاء المعيشة قلّص من التئام شمل الأرقاب في ليالي رمضان المبارك.

وأضاف للجزيرة نت أنه يعمد إلى حضور المهرجانات الجماعية لكسر روتين حياة ابنتيه اللتين تقضيان جل وقتهما في شقته السكنية جنوبي العاصمة، مستذكرا تجمع الصبيان والفتيات خلال العقود الماضية في شوارع الحي لممارسة ألعاب جماعية ومساعدة الأهالي على إعداد موائد الإفطار.

حضر 15 ألف صائم في مهرجان الإفطار الجماعي بطهران (الجزيرة)
المهرجانات الجماعية تكسر الروتين وتذكر بتجمع الصبيان والفتيات في شوارع الحي قديما (الجزيرة)

أما علي (67 عاما)، وهو مهاجر وصل إلى إيران العام الماضي من أفغانستان، فيقول إنه يحضر يوميا برفقة أفراد أسرته المكونة من زوجته و3 أولاد و5 بنات موائد "الإفطار البسيط" التي تعدّها بلدية طهران وتوزعها في الحدائق العامة، وعبر عن شكواه من غلاء أسعار المواد الغذائية في إيران.

وتابع علي -في حديث للجزيرة نت- أنه رغم غلاء المعيشة في طهران وتدنّي أجور العاملين في ورشات البناء، فإن رمضان المبارك يخفف من وطأة الأزمة المعيشية بسبب زيادة المبادرات الخيرية فيه وحرص أغلب المساجد على بسط موائد الإفطار عقب أذان المغرب.

حضر 15 ألف صائم في مهرجان الإفطار الجماعي بطهران (الجزيرة)
رمضان المبارك يخفف من وطأة الأزمة المعيشية بسبب حرص المساجد على بسط موائد الإفطار عقب أذان المغرب (الجزيرة)

سلال المحبة

ومن جنوبي العاصمة طهران تتواصل الجزيرة نت مع الحاج حسين (55 عاما) الذي أطلق مشروعا تحت عنوان "سلال المحبة" ونشر إعلانا على مواقع التواصل يحث المؤمنين على التبرع بشراء سلة مواد غذائية لتوزيعها على الفقراء والمساكين بمنطقة "أفسريه" خلال شهر رمضان المبارك.

وأوضح الحاج حسين -للجزيرة نت- أن مشروعه ليس سوى إحدى المبادرات الفردية التي يقوم بها الإيرانيون لا سيما خدمة المساجد لسد حاجة الأسر الأقل دخلا في شهر الصيام، مؤكدا أن المعيشة أصبحت صعبة هذا العام وقد انعكس ذلك سلبا على حجم المساعدات والتبرعات التي دأب على جمعها وتوزيعها بين الأسر المعوزة كل عام.

قائيني يقول إن جانبا من نشاط جمعية المواكب الدينية يهتم بتوزيع سلال رمضانية على الأسر المعوزة (الجزيرة)
قائيني يقول إن جانبا من نشاط جمعية المواكب الدينية يهتم بتوزيع سلال رمضانية على الأسر المعوزة (الجزيرة)

وتابع أن ضواحي طهران والمناطق الجنوبية بالعاصمة تنال القسط الأكبر من سلال المحبة التي يجمها من تبرعات المؤمنين في الشهر الفضيل، موضحا أن السلال تحتوي على 10 كيلوغرامات من الرز وقنينة زيت سائل ومعكرونة ومعجون الطماطم وبعض التمر والجبنة.

وخلص الحاج حسين إلى أنه رغم غلاء المعيشة ومعاناة الفئات الأقل دخلا فإنه لا يوجد جائع بمعنى الكلمة في بلاده، معللا ذلك بتسجيل الشرائح الفقيرة في "لجنة الإمام الخميني للإمداد" التي تأخذ على عاتقها مهمة توفير المعيشة الكريمة للأسر المعوزة.

من ناحيته، أطلق الهلال الأحمر الإيراني مشروعا وطنيا تحت عنوان "هلال الرحمة" لتوزيع المساعدات الغذائية على الفقراء والمساكين طوال شهر رمضان المبارك، دون أن يقدم إحصائية شاملة عن حجم المساعدات التي وُزّعت حتى الآن في ربوع البلاد.

المصدر : الجزيرة