وجبات طعام جاهزة تغيث فقراء اليمن في رمضان

: محتاجون يتجمعون في إحدى حارات تعز لاستلام وجبات جاهزة
محتاجون يتجمعون في إحدى حارات تعز لأخذ وجبات جاهزة (الجزيرة)

تعز – "كل يوم نحصل على وجبات جاهزة من فاعلي خير، فلولا تكافلهم لأصبحت حياتي وأولادي الأيتام في حال يرثى له". بهذه الكلمات تلخّص أم رفيق (51 عامًا) مدى تأثير المبادرات الشبابية الإغاثية على حياة فقراء اليمن في شهر رمضان، وهي مبادرات شهدتها مدينة تعز جنوب غربي اليمن، بهدف تخفيف أوجاع الأسر الأشد فقرًا، عبر منحهم وجبات طعام يومية.

الشاب حمدي السامعي يبدي نوعًا من الرضا لكونه استطاع إدخال الفرح على عدد من الأسر الفقيرة في تعز المكتظة بالسكان، وهو يقود مبادرة يشارك فيها 6 شبان يتطوعون لتأمين وجبات ساخنة وتوزيعها على عدد من الأسر المحتاجة.

توزيع وجبة غذائية ساخنة على أسرة من الأشد فقرا في تعز
توزيع وجبات غذائية ساخنة على الأسر الأشد فقرا في تعز (الجزيرة)

مبادرة إنسانية

ووفق السامعي، تستهدف المبادرة يوميا من 100 إلى 140 أسرة فقيرة ونازحة ومتعففة، بالإضافة إلى من يعانون الأمراض المزمنة في المستشفيات، مثل مرضى الفشل الكلوي والسرطان.

وتتكوّن الوجبة الساخنة من أرز ودجاج وحساء وخبز وزبادي (لبن) وفواكه، وتسهم هذه الوجبات في إغاثة فقراء المدينة، وتُعد حلا موقتًا لأزمات كثيرة تخيّم على أسر تنتظر فرجًا ومخرجًا في الشهر الكريم.

ومع استمرار النزاع والأزمات الإنسانية منذ 8 سنوات، صار أكثر من ثلثي سكان اليمن (21.6 مليون شخص) بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، وفق تقرير لمنظمة الصحة العالمية أصدرته الاثنين الماضي.

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن الحرب ألحقت أضرارًا فادحة بقدرة الناس على الصمود وبصحتهم النفسية، ورافقت الصراع قصصٌ محزنة عن تدمير المنازل وخسائر في الأرواح وإعاقة الشباب والنزوح والتدهور الاقتصادي.

وعن الظروف التي يعانيها اليمنيون في رمضان، يقول الناشط حمدي السامعي إن "الناس يعيشون ظروفا قاسية، ونحن نقدم لهم فقط أبسط الأشياء المتمثلة في وجبة ساخنة، ومع ذلك تعدّها هذه الأسر شيئًا كبيرًا يسد رمقها".

ويردف "لم نتوقع أن شريحة كبيرة من الناس تعيش في وضع كارثي، وبأمس الحاجة إلى العون الإغاثي العاجل"، مشيرا إلى أن مبادرته الإنسانية تجسيدٌ لقيم الشهر الفضيل وإظهار لروح التعاون والتكاتف من أجل دعم الفئات الأشد فقرًا.

أطفال يتسلمون وجبة جاهزة في تعز
المبادرات الخيرية شملت مدنا عدة من بينها تعز (الجزيرة)

رسالة خير

لا تقتصر المبادرات الخيرية على مدينة بعينها، فانتشار الفقر دفع عددًا من الشبان اليمنيين إلى العمل الطوعي الإغاثي، خصوصا في شهر الصيام.

سلوى الساري ناشطة بارزة في المجال الإغاثي بصنعاء، تترأس مبادرة شبابية تنشط نشاطا لافتا خلال رمضان. وتقول للجزيرة نت إنها بدأت، مع 10 متطوعين، توزيع وجبات غذائية جاهزة على 150 أسرة فقيرة في صنعاء منذ أول أيام الشهر الكريم، مشيرة إلى أن الأسر المستهدفة هي من الفئة الأشد فقرًا، بالإضافة إلى الأيتام.

وتوضح الساري أن قيمة الوجبة الواحدة تبلغ 2500 ريال يمني (نحو 4 دولارات) يؤمنها فاعلو خير، مشيرة إلى أن أغلب الأسر تعاني ظروفًا معيشية قاهرة تدفعها إلى التدافع أمام مراكز المبادرات الإنسانية والمطابخ الخيرية.

وتناشد الناشطة الإغاثية المحسنين الراغبين في نيل أجر مضاعف في الشهر الكريم التفاعل الإيجابي مع هذه المبادرات، داعية الجهات المعنية والتجار إلى خفض أسعار السلع، خصوصًا المواد الغذائية.

توزيع وجبات جاهزة على مرضى الفشل الكلوي في مستشفى الجمهوري في تعز
توزيع وجبات جاهزة على مرضى الفشل الكلوي في مستشفى الجمهوري في تعز (الجزيرة)

للريف نصيب من الخير

ما زالت قيم التعاون الحميدة راسخة في الريف اليمني، على الرغم من ضيق الحال ومعاناة معظم السكان جراء تداعيات الحرب.

ففي مديرية القبيطة، جنوب محافظة تعز، تنشط مجموعة من الشبان منذ مطلع رمضان الحالي في مبادرة توزع الوجبات على المسافرين والعالقين في الطرقات والأسر الفقيرة. وتكمن أهمية المبادرة في كون المديرية تربط بين محافظات شمال اليمن وجنوبه، وفي طريقها تمر كثير من المركبات، بينما يعلق مسافرون كُثُر طوال ساعات بسبب وعورة الطريق.

علي منتصر القباطي أحد القائمين على المبادرة يقول للجزيرة نت "يوميا توزّع وجبات جاهزة على عدد كبير من المسافرين وعابري السبيل في الطريق الذي يربط بين محافظات الشمال والجنوب".

ويوضح أن مركبات كثيرة تتعرض للعطل في الطريق الوعر الذي يفتقر إلى الخدمات، "وذلك يجعلنا أمام مهمة خيرية وواجب إنساني نساعد فيه المسافرين بالإفطار والسحور". وقال إن الوجبات المقدمة تشمل الدجاج والأرز والعصير والحساء والمعجنات… وجميعها تُحضّر في مطبخ خيري في المديرية الريفية بدعم من فاعلي خير، مع تقديم بعض الأسر الميسورة وجبات متنوعة كمبادرة ذاتية.

شاب متطوع يوزع وجبة على إحدى الأسر الفقيرة في مدينة تعز
شاب متطوع يعطي وجبة لإحدى الأسر الفقيرة في مدينة تعز (الجزيرة)

طلب الأجر بالتمر والماء

إضافة إلى الوجبات الساخنة، ثمة من يغيث المحتاجين ولو بالشيء اليسير، طلبًا للأجر والمثوبة في الشهر الكريم. فمع اقتراب أذان المغرب في مدينة تعز، يتحرك الشاب مهند البركاني مع 30 شابًا متطوّعين لتوزيع التمر ومياه الشرب على الصائمين.

يصل البركاني وفريقه إلى مئات الأشخاص في عدد من أحياء المدينة التي يعيش معظم سكانها تحت خط الفقر وتعاني حصارًا بسبب الحرب منذ نحو 9 سنوات. يقول للجزيرة نت "نسعى إلى إغاثة المحتاجين والأشد فقرًا، خصوصًا أولئك المتعفّفين الذين لا يجدون قوت يومهم، ويخجلون من طلب العون من الآخرين".

ويؤكد البركاني أن "كل عملنا هو فقط لننال الأجر والثواب من الله عز وجل، بدعم كريم من فاعلي الخير الذين ندعو بأن يكون ذلك في ميزان حسناتهم".

المصدر : الجزيرة