رغم التحديات.. جمعيات خيرية تركية تُبلسم آلام المنكوبين في رمضان

احد اعضاء جمعية غزة ديستيك اثناء تجهيز احدى الخيام في كهرمان مرعش - خاص الجزيرة نت_
أحد أعضاء جمعية "غزي دستك" أثناء تجهيز إحدى الخيام في كهرمان مرعش (الجزيرة)

إسطنبول- فعل الخيرات ومد يد العون لمن يحتاج من دون مقابل، إذ يكفيهم أن يروا جرحا قد التأم، وحزنا قد ذهب، وابتسامة قد ارتسمت على وجه مكروب. إنها خلاصة الدور المهم الذي تقوم به الجمعيات الخيرية في تركيا بعد كارثة الزلزال الذي ضرب جنوب البلاد في 6 فبراير/شباط الماضي.

تضافرت جهود الجمعيات الخيرية في تركيا لتخفيف ألم المتضررين من الكارثة، لا سيما مع دخول شهر رمضان المبارك، على الرغم من التحديات التي تواجه العاملين فيها والآثار التي طالتهم مثلما طالت المنكوبين.

وتسعى الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني، بالتنسيق مع هيئة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، لتأمين كل حاجات المنكوبين في مناطق الزلزال بالولايات الـ11 المتضررة، بالإضافة إلى من نزحوا إلى ولايات أخرى.

عبد الله جان، مدير الشؤون المالية والإدارية لفرع "هيئة الإغاثة التركية" (IHH) في ولاية يالوفا (يلوا) والتي تقع على ساحل بحر مرمرة جنوب إسطنبول، يقول "الحجم الكبير للكارثة أثر على عملنا في عدد من المناطق حول العالم، وأصبح الاهتمام الأكبر حاليا يتركز في مناطق الزلزال، خصوصا في رمضان، إذ نقوم بجمع زكاة المال وزكاة الفطر ونرسلها إلى المناطق المنكوبة. كما نقوم بإعداد وجبات السحور والإفطار وتوزيع التمور، وموائد الرحمن، وتجهيز أماكن للصلاة، فضلا عن إرسال الأطباء النفسيين لمساعدة المتضرّرين على تجاوز صدمة الزلزال وفقدان ذويهم".

ويشير جان، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن فرع الهيئة حاليا في يالوفا (يلوا) يعمل على تجهيز طعام السحور والإفطار لـ400 نازح من مناطق الزلزال، إذ "تم إنشاء سوق خيري لهم، ونقدم لهم بطاقات شراء ليتمكنوا من الحصول على حاجاتهم، كما نقوم بدفع إيجار المنازل التي انتقلوا إليها".

وعن التحديات التي تواجه عمل الهيئة يقول إن "الحجم الضخم للكارثة يتطلب أضعاف عدد العاملين والمتطوعين لدينا. وقد فقدنا بعض العاملين معنا، ومنهم من تأثرت عائلاتهم بالزلزال وتهدمت منازلهم، ومنهم من فقدوا ذويهم تحت الأنقاض، فكنا نحاول إغاثة المتضرّرين ونحن منهم".

تجهيز الخيام للمتضررين في الولايات الجنوبية - خاص الجزيرة نت_
تجهيز الخيام للمتضررين في الولايات الجنوبية (الجزيرة)

وضع استثنائي

وكانت مؤسسة الهلال الأحمر التركي أعلنت تأثر 2300 من المنتسبين إليها بشكل مباشر، مشيرة إلى أن بعض هؤلاء جاء طواعية بعد خروجه من تحت الأنقاض لمساعدة المنكوبين، بينما بلغ عدد ضحايا الزلزال 9 موظفين و9 متطوعين، وما زال 16 مصابا من العاملين لدى المؤسسة يتلقون العلاج في مختلف المستشفيات التركية.

"نحن حاليا في وضع استثنائي"، يقول عبد الماجد العالول، المدير العام لجمعية "غزي دستك" التي تتخذ من إسطنبول مقرا لها، وتعمل على نشاطات ومبادرات تخص اللاجئين في مختلف البلدان. ويشير إلى أن كارثة الزلزال في تركيا أثرت على حملات الجمعية ومبادراتها في عدد من البلدان، مثل فلسطين واليمن ولبنان والسودان.

ويردف "وجهنا قدرا كبيرا من إمكاناتنا لخدمة المتضرّرين عموما، سواء في جنوبي تركيا أو شمالي سوريا، إذ إن حجم الخسائر يفوق قدرة أي دولة أو مؤسسة على تجاوز الأزمة بمفردها".

ويوضح أن جهود الجمعية، في رمضان، مركّز على إغاثة المتضررين وتأمين حاجاتهم خلال الشهر الكريم، من توزيع التمور والوجبات الساخنة والسلات الغذائية ومستلزمات النظافة، بالإضافة إلى المنازل مسبقة الصنع والأثاث والأجهزة الكهربائية الأساسية، فضلا عن وقود التدفئة. كما تعمل الجمعية على المساعدة في تأمين منازل وشقق سكنية في الولايات التي لجأ إليها المتضررون، والمساهمة في دفع الإيجار.

ويلفت العالول إلى أن التمويل الموجّه إلى الجمعية لم يتأثر، بل زاد بشكل كبير بعد وقوع الزلزال، نتيجة التضامن الكبير من مختلف دول العالم، وخصوصا على المستوى الشعبي.

الأسواق الخيرية في ولاية يلوا لخدمة المتضررين القادمين من مناطق الزلزال - خاص الجزيرة نت_
الأسواق الخيرية في ولاية يلوا لخدمة المتضررين النازحين من مناطق الزلزال (الجزيرة)

زكاة الفطر لصالح ضحايا الزلزال

وكانت إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" (AFAD) أعلنت أنها فتحت حسابات مصرفية خاصة بزكاة الفطر نتيجة الإقبال الكبير من المواطنين، إذ "يتم جمع زكاة الفطر وتوجيهها لبناء المساكن والمأوى وتوفير الغذاء والضروريات الأساسية لضحايا الزلزال، بناء على بيان صادر سابقا من رئاسة الشؤون الدينية التركية بجواز إخراج زكاة الفطر لمصلحة ضحايا الزلزال.

تقول نجلاء الشيخ، مديرة مؤسسة "كريمات لتمكين المرأة السورية" في تركيا، وهي إحدى الجهات العاملة في مدينة كلّس، جنوبي البلاد، ومن الولايات المنكوبة والواقعة على الحدود مع سوريا "نعمل خلال شهر رمضان على مبادرة إفطار الصائم وتأمين حاجات الأسر المنكوبة في كلّس أو ممن جاؤوا إليها من الولايات المجاورة الأكثر تضررا، سواء من كهرمان مرعش (مركز الزلزال) أو هاتاي".

وتوضح نجلاء الشيخ، في حديثها للجزيرة نت، أن "رمضان هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة، إذ كنا سابقا نعمل على دعم عدد معين من الأسر. أما الآن، فاختلف الوضع بعدما تضاعفت الأعداد بشكل كبير جدا، وقد تواصلنا مع الداعمين من أجل تغطية هذه الزيادة الضخمة في أعداد الأسر المحتاجة إلى مساعدة".

تجهيز الوجبات الساخنة لسكان المناطق المتضررة من الزلزال - خاص الجزيرة نت_
تجهيز الوجبات الساخنة لسكان المناطق المتضررة من الزلزال (الجزيرة)

وتشير إلى أن "الزلزال أثر على برامج المؤسسة، جراء الضرر الذي لحق بالمقر الرئيس للجمعية، إلى جانب تهدّم منازل أعضاء بالجمعية وتكبد آخرين خسائر بسبب الزلزال. لكننا استطعنا تدارك الأمر سريعا، ووجهنا كامل طاقتنا لإغاثة المنكوبين عموما، سواء كانوا من الأتراك أو السوريين".

وأضافت "التحديات التي واجهناها كانت كبيرة، لا نعرف هل نغيث أنفسنا وأسرنا أم اللاجئين والمنكوبين. نحن أيضا بشر تأثرنا بالزلزال وعانينا بشكل كبير من الصدمة والخوف، في ظل استمرار الهزات الارتدادية. كما تأثرنا نفسيا بالمشاهد التي رأيناها جراء الكارثة. حالنا كانت مثل المريض الذي يحتاج إلى علاج ويساعد المرضى. وكانت هناك جلسات دعم نفسي للعاملين معنا لتجاوز الكارثة، واستمرت هذه الجلسات لاحقا للأسر المتضررة، وخصوصا الأطفال".

وكانت منظمة الهلال الأحمر التركي أعلنت أنها افتتحت 11 سوقا اجتماعيا في كل من غازي عنتاب وملاطية وأديامان وكهرمان مرعش وهاتاي وعثمانية، يستفيد منه المواطنون في الولايات المنكوبة للوصول إلى المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية بسهولة كبرى، وتوزع المنتجات على المنكوبين مجانا.

المصدر : الجزيرة