"رجل القطط" الحلبي يجند نفسه لنجدة الحيوانات بعد زلزال سوريا

شمال سوريا- منذ اليوم التالي للزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في فبراير/شباط الماضي بدأ المسعف السوري محمد علاء الجليل بإنقاذ وعلاج القطط المتأذية بفعل الكارثة التي أودت بحياة آلاف السوريين شمالي البلاد، لما يمتلكه من تجارب سابقة في رعاية الحيوانات الأليفة.

وبينما كانت فرق الإنقاذ تعمل على انتشال العالقين تحت ركام المنازل المنهارة كان الجليل (47 عاما) ينخرط وفريقه في مهمة مساعدة القطط في بلدة جنديرس بريف حلب -والتي دمرها الزلزال- على الرغم من الانتقاد الواسع له من قبل البعض.

"رجل القطط" الحلبي -كما يسميه الأهالي- قام بجولات عدة في شوارع البلدة وأزقتها بحثا عن الحيوانات التي أصيبت خلال الزلزال، حيث تمكن حتى اليوم من إنقاذ نحو 40 قطة، بعضها كان بحاجة إلى علاج بيطري يتم تقديمه في محمية الحيوانات التي يشرف عليها شخصيا في ريف حلب.

وتحظى القطط في المحمية بالدعم والاهتمام، من مأوى وطعام وعلاج بالإضافة إلى اللقاحات الطبية، وذلك من خلال فريق متخصص مؤلف من 6 أشخاص يشرف على رعاية الحيوانات وإنقاذها.

ويقول الجليل للجزيرة نت إن عمله إنساني ولا يقل أهمية عن إنقاذ البشر، لأن القطط والحيوانات هي أرواح أيضا وبحاجة إلى المساعدة والإنقاذ خلال الكوارث والأزمات، خصوصا أنها كائنات تعيش قرب البشر.

ويشير الجليل إلى أن الأديان والشرائع السماوية حضت على مساعدة الحيوانات والرأفة بها، لافتا إلى أنه يشعر براحة نفسية كبيرة عند مساعدة هذه الحيوانات، لكونها تخفف عنه آلاما نفسية تعرض لها خلال الحرب في سوريا.

قصة الرجل الحلبي مع القطط ليست وليدة يوم الزلزال، إذ ينتمي الجليل إلى أسرة محبة للقطط والحيوانات الأليفة، فمنذ شبابه المبكر دأب على شراء بقايا اللحم الرخيص من الجزارين ليطعم القطط المشردة التي كان يجمعها حوله في منزله، مشيرا إلى أن تلك الحيوانات الصغيرة لا تستطيع الإخبار عن أنها جائعة كالبشر.

وخلال الثورة السورية -التي اندلعت في مارس/آذار 2011- عمل الرجل الأربعيني على إنشاء محمية خاصة للقطط شرقي مدينة حلب بدعم من محبي القطط والحيوانات الأليفة حول العالم بعدما انتشرت قصته في تقرير أنجزه صحفي بريطاني زار حلب عام 2014.

لم تستمر المحمية في رعاية القطط طويلا جراء تعرض حلب -التي كانت أحياؤها الشرقية خاضعة لسيطرة المعارضة- لحملة عسكرية واسعة من قوات النظام السوري عام 2016، مما أجبر الجليل على النزوح من المدينة مع عشرات القطط الناجية من الحرب.

وفي ريف المدينة نجح الجليل أخيرا بإعادة تأسيس محمية جديدة لرعاية القطط بجهود ودعم منظمات دولية وشخصيات أوروبية وأميركية داعمة للحيوانات الأليفة، لتكون الأولى من نوعها في مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال غربي سوريا.

يتعرض "رجل القطط" للكثير من النقد والاستنكار بسبب عمله في مساعدة القطط والحيوانات المتأذية بفعل الحرب والزلزال الأخير، إذ يطالبه بعض السكان ببذل الجهود لإنقاذ البشر بدلا من الحيوانات، فيما يمتدح بعضهم الآخر عمله ويثنون عليه.

ويرد المسعف على الانتقادات قائلا "إذا أراد المرء أن يكون رحيما مع الناس عليه أولا أن يكون رحيما مع تلك الحيوانات التي لا تستطيع أن تقول أنا جائعة".

ويرى الجليل أن مساعدة تلك الحيوانات الضعيفة قد تدفع الأذى والأخطار عن البشر، معربا عن اعتقاده بأن القطط التي ينقذها تشكره في سرها وربما تدعو له.